مرزق الليبية: جراح مفتوحة رغم جهود الأمم المتحدة

2025.09.30 - 04:30
Facebook Share
طباعة

تسعى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لإغلاق أحد أكثر ملفات النزاع حساسية في الجنوب، وهو ملف مدينة مرزق التي ما زالت جراحها مفتوحة منذ أحداث أغسطس/آب 2019. الاجتماع الذي انعقد في طرابلس مؤخراً بحضور ممثلين عن التبو وأهالي مرزق ووسطاء محليين، بدا خطوة جديدة على طريق المصالحة، لكنه فتح في المقابل باباً واسعاً أمام الانتقادات والشكوك.

نزاع دموي وجروح مستمرة:

مرزق لم تكن مجرد ساحة مواجهة عابرة؛ فالهجوم المسلح الذي نسب لجماعات معارضة تشادية أوقع أكثر من 40 قتيلاً، وخلّف ما يزيد على 18 ألف نازح، معظمهم من قبائل التبو. هذه الأحداث لم تُمحَ من ذاكرة الأهالي الذين يرون أن المصالحة الحقيقية لا يمكن أن تقوم على بيانات شكلية، بل على محاسبة عادلة وتعويضات ملموسة.

مطالب بالعدالة قبل المصالحة:

الاجتماع الأخير أكد على توفير ظروف أمنية لاستخراج الجثامين ومتابعة أوامر القبض بحق 219 شخصاً متورطين. غير أن ناشطين من مرزق، رأوا أن البعثة الأممية لا تزال تتعامل مع الملف من زاوية "إدارة الأزمة لا حلّها". بالنسبة لهؤلاء، لا معنى لأي مصالحة إذا ظل مصير 23 مفقوداً – بينهم مسنون تجاوزوا السبعين – مجهولاً، وإذا بقيت ملفات الانتهاكات حبيسة الأدراج.

انتقادات لآلية الأمم المتحدة:

يتهم بعض الفاعلين المحليين البعثة الأممية بأنها لم تُعطِ مرزق ما تستحقه من اهتمام مقارنة بملفات أخرى، بل إنها دمجت قضيتها ضمن انتهاكات عامة في ليبيا، ما يفرغها من خصوصيتها. كما وُجهت انتقادات إلى "اختراق الوسطاء المحليين" لملفات حساسة، , وربط بعضهم بمشاريع دولية مثيرة للجدل، مثل دمج المهجرين قسراً بالسكان المحليين، وهو ما أثار اعتراضات مجتمعية واسعة.

أزمة ثقة متواصلة:

على الرغم من توقيع ميثاق للمصالحة بين العرب والتبو في سبتمبر/أيلول الماضي برعاية الجيش الليبي، والذي نص على وقف الأعمال العدائية وتفعيل الحوار، إلا أن الثقة لم تُستعد بعد. الانقسام المجتمعي، والخوف المسيطر على حياة الأهالي، ما زالا يعرقلان عودة الحياة الطبيعية.

الطريق إلى الأمام:

ما بين الدعوات إلى استخراج الجثامين ومحاسبة الجناة، والضغوط الدولية لطي صفحة الماضي وفتح الطريق أمام خارطة طريق سياسية، يبقى ملف مرزق اختباراً جدياً لقدرة الأمم المتحدة على تحويل المصالحة من مجرد وثائق إلى واقع ملموس. فهل تكون مرزق مدخلاً إلى عدالة انتقالية حقيقية في ليبيا، أم نموذجاً جديداً لتسويات مؤقتة تُبقي الجرح مفتوحاً؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6