هل أوكل بايدن لبنان إلى ماكرون؟

كتب جورج حايك

2021.02.18 - 08:29
Facebook Share
طباعة

 يتساءل المراقبون عن سياسة الإدارة الاميركية الجديدة بعد تسلّم الرئيس جو بايدن السلطة وتأليف فريق عمله الحكومي والخاص في البيت الأبيض، وتتجه الأنظار إلى الشرق الأوسط وتحديداً لبنان لمعرفة ما إذا كانت ستحمل هذه الإدارة أي تغييرات جديدة حيال المشاكل اللبنانية العالقة منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وخصوصاً أنه لا أحد يستطيع أن ينكر تأثيرات السياسة الأميركية على لبنان المتخبط أصلاً بصراعات اقليمية تبدأ بالقضية الفلسطينية ولا تنتهي بالملف النووي الأميركي الايراني.

ورغم ان بايدن لا يزال يتلمّس خطواته الأولى في الرئاسة وقد يكون مبكراً الكلام عن ملامح السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ولبنان إلا أن غالبية المكونات اللبنانية والأطراف الفاعلة تنتظر ما ستحمله الديبلوماسية الأميركية الجديدة إلى لبنان والمنطقة.

سكرية: الأولوية للعمل الديبلوماسي

يعتبر عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب الوليد سكرية "أن السياسية الأميركية الجديدة حيال لبنان ليست واضحة بعد، لكن يبدو ان هناك تحوّلات عن السياسات السابقة على صعيد المنطقة، إذ كان ترامب يعتمد مبدأ استخدام القوة العسكرية وعرض العضلات والتهديد بالحروب لفرض المشروع الأميركي الصهيوني كما تريده اسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو كضمّ القدس ونقل السفارة الأميركية إليها وإعلان القدس عاصمة أبدية لاسرائيل وضم الجولان والعقوبات على ايران وآخرها كان الحشد العسكري الأميركي إلى منطقة الخليج تهويلاً على ايران واستقدام طائرات B52 وحاملات طائرات كبيرة، وقامت اسرائيل بمناورات ضخمة على الجبهة الشمالية، إضافة إلى التنسيق بين وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو ونتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتنسيق من أجل توجيه ضربة عسكرية لإيران. لكن انتخاب بايدن غيّر البوصلة من مرحلة البنتاغون والعمليات العسكرية إلى مرحلة الديبلوماسية معلناً رغبته بالعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران ليس كما تريد الأخيرة إنما بشروط معينة، كما رأينا رفع للعقوبات عن الحوثيين في اليمن والاتجاه لحل سياسي انقاذاً للسعودية التي غرقت في المستنقع اليمني وقد تحوّل الحوثيون إلى مرحلة الهجوم حتى كادوا يسترجعون مأرب. عموماً يبدو ان بايدن لديه أولويات بمواجهة الخطرين الكبيرين وهما روسيا والصين، ولن يقبل بالغرق في وحول الشرق الأوسط".

وعن تاثيرات السياسة الأميركية الجديدة على لبنان، يقول:"رأينا خلال عهد ترامب دعماً أميركياً للحراك في الشارع ولا يمكننا أن ننسى ما قالته روسيا آنذاك بان الأميركي سيدفع لبنان إلى الفوضى، وأوضحت الديبلوماسية الروسية بأن لبنان قد ينهار ويسيطر كل فريق على منطقته، ومن الطبيعي أن تسيطر القوات اللبنانية على الجبل المسيحي ويلاقيها دعماً أميركياً مما يعني مشروع حرب على المقاومة في لبنان، لكن هذه الخطة لم تبصر النور لأن الأميركيين نجحوا في تثبيت أقدامهم في العراق عندما أوصلوا رئيس حكومة مقرباً منهم، ولو نجحت الخطة الأميركية الاسرائيلية في لبنان كانت تحرك الشارع العراقي وأخرج الأميركيين من العراق. الآن لبنان متروك وليس هناك أولوية للحلول فيه. اعتقد ان بايدن سيعطي أولوياته لحل مشكلة اليمن والملف النووي الايراني، أما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية فسيكمل بايدن ما بدأه ترامب بمصالحة العرب والخليجيين مع اسرائيل لسحب ورقة فلسطين من ايران. حتماً الأولوية للعمل الديبلوماسي وليس العسكري لأن أي عمل عسكري ضد ايران سيقوّي محور المقاومة".

واكيم: لا تغيير في السياسة الأميركيّة

من جهة أخرى، يرى عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم "أن لا شيء تغيّر في السياسة الأميركية حتى الآن والإدارة الجديدة تردد المواقف نفسها حيال لبنان وسوريا وايران، وربما الفرق الوحيد هو بطريقة المقاربة، ومن يظن أن بايدن يريد الجلوس على طاولة المفاوضات مع ايران بدون شروط هو مخطئ، لا يزال يتكلم بالشروط نفسها: الصواريخ الطويلة الأمد والسلاح النووي والأذرع العسكرية لإيران في المنطقة، كلّها شروط كانت تتكلم بها ادارة ترامب".

ويلفت إلى "أن العقوبات مستمرة على حزب الله  ورفعها عن الحوثيين لا يعني رفعها عن الحزب، ويبدو ان الأميركيين يعطون الأولويات لإنهاء المشكلة في اليمن". ولا يعتبر واكيم "ان الخيار العسكري كان مطروحاً لدى الأميركيين حتى في ذروة عهد ترامب بل كان يعتمد سياسة التهديد والعضلات العسكرية ويستخدم سلاح العقوبات الذي أوجع خصومه، وسيستمر بايدن بالتوجه نفسه لكن علينا أخذ الوضع الاسرائيلي في الاعتبار، وإذا اضطر إلى حلول نهائية قد يستخدم المبضع لتظهير الصورة أكثر رغم ان الأمر ليس واضحاً حتى الآن".

ونسأل واكيم عن التواصل بين الأميركيين والفرنسيين حيال أزمة لبنان، يجيب "لقد سمعنا عن تواصل أساسي حصل بين بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في شأن لبنان، ومن الواضح ان الرئيسين يبدوان متقاربان إلى حد كبير في التوجّه السياسي، وهذا ما نقرأه اطلاق يد ماكرون أكثر في لبنان فيما كان ترامب أكثر تطلباً وحرصاً في التعامل مع ماكرون". ويضيف:" لكن أود أن اؤكد أن العرقلة في الملف الحكومي اليوم ليست أميركية بل نتيجة عوامل داخلية، لذلك نكرر كقوات لبنانية موقفنا بأنه لا أمل مع هذه المنظومة الحاكمة المكونة من حزب الله والتيار الوطني الحر، وقد حذّرنا الرئيس سعد الحريري من التعامل معها ولم نوافق على تكليفه برئاسة الحكومة لأننا نعرف أنهم لا يريدون الالتزام بالمبادرة الفرنسية. بالنسبة إلى الأميركيين، هم يريدون حكومة اختصاصيين مستقلة وهم يعرفون سوء الإدارة في البلد والفساد وسيطرة حزب الله على الشق السياسي وتغطيته للفاسدين، وتنسجم ادارة بايدن اليوم مع ماكرون لذلك طلبت منه أن يكمل ما بدأه وخصوصاً أنها لا تزال منهمكة في أزماتها الداخلية وتكوين ادارتها". 

درغام: لا للرهان على الأميركيين

في المقابل، يؤكد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب أسعد درغام "أن الادارة الأميركية الجديدة تحتاج إلى وقت حتى تعيد النظر بسياساتها، إلا أننا من خلال ما نراه في اليمن هناك نظرة مختلفة للوضع، ونحن نتأمل أن تكون هذه السياسة مختلفة عن سياسة الادارة السابقة، لكن نتيجة خبرتي في العيش بالغرب أرى أن هذه السياسات لا تتغيّر بل هو نظام قائم يتعاطى مع الدول وفق مصالحه".

وعن استدراج الادارة الجديدة لعروض المفاوضات مع ايران يقول:"موضوعياً إذا عدنا بالذاكرة إلى تصريحات ترامب كان يردد أنه يرغب بالعودة إلى التفاوض مع الايرانيين بعد الانتخابات، لذلك أنا أحذّر بأن الشعوب الصغيرة تدفع الثمن عندما يتوافق الكبار وتكون جوائز ترضية، وإن لم نكن جاهزين قد ندفع ثمن تسويات الآخرين على حسابنا".

ويوافق درغام على أن هناك تفويض من الأميركيين للفرنسيين لحل بعض المشكلات اللبنانية لكن ما أن ترتب الادارة الأميركية الجديدة نفسها ستعود إلى الإمساك بالملف اللبناني لأن لبنان من الدول التي تشكّل نقطة تواصل لمصالحهم، لكن أنا أدعو لعدم انتظار الأميركيين ولا الرهان عليهم".

جابر: تماهي أميركي فرنسي

أما عضو تكتل "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر فيقول:"أن بايدن منشغل بالوضع الداخل الأميركي كأزمة الكونغرس ومحاكمة ترامب، لكن مما شاهدناه في الأسابيع المنصرمة يؤكد أن هناك تغيير أساسي في السياسة الأميركية بل اختلاف جذري في الأسلوب أي الانفتاح على اوروبا والعودة إلى الاتفاقات الدولية. أما في ما يخص لبنان فرأينا رسالة مشتركة من الخارجية الأميركية والفرنسية بمناسبة مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت. ولا شك انه إذا حصلت مفاوضات أميركية ايرانية ستنعكس نتائجها على لبنان، وعلى سبيل المثال انتظر رئيس الحكومة السابق تمام سلام 11 شهراً ليشكّل حكومته ولم ينجح بذلك الا عندما فتحت ابواب التفاوض بين الولايات المتحدة وايران. والآن قد تساهم حركة ماكرون مفوضاً من الأميركيين تجاه السعودية على التأثير بطريقة ايجابية على لبنان".

ويعتبر جابر "أن الاشارات الأميركية المشددة على حكومة اختصاصيين مستقلة في لبنان تنسجم مع الموقف الدولي الجامع في هذا الإطار، كل الدول متفقة على تشكيل مثل هذه الحكومة وتنفيذ الاصلاحات، وبالتالي لا مفر من هذه المطالب التي إذا لم تنفّذ لن يستعيد لبنان ثقة المجتمع الدولي".

وعن تنسيق الادارة الاميركية الجديدة مع الفرنسيين يقول:"منطقياً بايدن لا وقت لديه للبنان في الوقت الحاضر ويبدو ان هناك تماهي مع ماكرون، وهذا أمر بديهي كون اوروبا الأقرب جغرافياً الينا ويبدو اليوم ان قيادتها السياسية في فرنسا لأن المانيا في فترة انتقالية سياسياً. من المؤكد ان فرنسا يهمها لبنان وتواجه مشاكل مع تركيا في شرق المتوسط وليبيا، وتحتاج إلى أماكن نفوذ وتبدو الساحة اللبنانية فارغة له. لكن مهما كان الأمر لبنان يحتاج إلى قائد يقود السفينة. نحتاج إلى رئيس جمهورية يجمع ويحرك العالم وبالتالي لا يمكن أن يدار البلد على هذا النحو".

نجم: العصا والجزرة

لا يختلف موقف عضو كتلة "المستقبل" النائب نزيه نجم عن زملائه في الكتل الأخرى "بأن موقف الادارة الأميركية الجديدة لا يتغيّر في ما يتعلق بحكومة اختصاصيين مستقلة بل هذا أصبح الف باء الدول لأزمة لبنان، ونأمل أن يساعدنا الرئيس بايدن في هذا السياق".

ويضيف:"الأميركيون وغيرهم يعلمون ان زوال النموذج اللبناني أي التعايش والتعددية قد يؤذي دولاً كثيرة في العالم، وأنا أثني على نهج الرئيس سعد الحريري لأنه من أهم القادة الذين يقدرون أهمية التعايش عموماً والوجود المسيحي في لبنان خصوصاً".

وعن ليونة الادارة الأميركية مع ايران والحوثيين يقول:"صحيح انها رفعت العقوبات عن الحوثيين، لكن شرط أن لا يتعدوا على السعودية، فبايدن يتعامل معهم بأسلوب العصا والجزرة. على كل حال نتمنى أن لا تكون أي مرونة أميركية مع الايرانيين على حساب لبنان، لأنه لدينا تجارب سابقة في هذا المجال، لقد سُلّمنا إلى سوريا سابقاً ثم ايران في ظل ادارة الرئيس باراك اوباما، والمشكلة أنهم عندما يتفقون نكون ضحية وعندما يختلفون نكون ضحية أيضاً. لذلك نسأل الله أن يحيدوا لبنان وينزعوا السلاح منه ويصبح بيد الدولة اللبنانية حصرياً".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7