إنهاء حرب اليمن: المهمة الصعبة

إعداد - رؤى خضور

2021.02.16 - 08:16
Facebook Share
طباعة

  لا شك أن تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن عزمه إيقاف الدعم العسكري للمملكة العربية السعودية في عملياتها الهجومية في اليمن، وكذلك رفع الحوثيين عن قائمة الإرهاب الذين وضعهم ضمن هذه القائمة الرئيس السابق دونالد ترامب، ليست مجرد تعطيل لقرارات الإدارة السابقة، فالصراع في اليمن أحد أكثر النزاعات كارثية اليوم، وربما أسوأها، مع بلوغ الأزمة الإنسانية الحد الذي يستدعي التحرك الإقليمي والدولي العاجل، ويبدو أننا مقبلون على تغييرات جديدة في مجريات هذا الصراع مع الإجراءات الدولية الأخيرة المتخذة.

رغم ذلك، من غير الواضح كيف ستؤثر تلك التطورات على مجريات النزاع، ويبدو أن خطاب "إنهاء حرب اليمن"، الذي يتبناه المحللون والدبلوماسيون الغربيون ودعاة السلام، يمثل إشكالية كبيرة وينفصل عن الواقع على الأرض، فلن يؤدي وقف مبيعات الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية أو التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة بين حكومة هادي والحوثيين إلى إنهاء حرب اليمن أو التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، فالصراع في اليمن متعدد الطبقات ومعقد للغاية بحيث لا يمكن حله باتفاق سياسي متسرع.

لا شك أن التسوية السياسية في ظل الظروف الحالية فوز سريع للدبلوماسية الأمريكية والغربية ، لكنها على الأرجح ستعزز ديناميكيات القوة الحالية وتترك اليمن في دائرة من الحرب الدائمة، ما يجعل 30 مليون يمني أقرب إلى المجاعة ويدفع البلاد إلى جحيم محتم.

وبالرغم من أن إدارة بايدن يمكن أن تنجح في الضغط على التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية، إلا أنها لا تتمتع بالنفوذ ذاته على الحوثيين أصحاب اليد العليا حالياً عسكرياً. وبالتالي، فإن التسوية السياسية تخاطر بقلب الميزان العسكري لصالح الحوثيين، ما قد لا يرضاه الطرف الآخر، لكن من المتوقع بعد إلغاء تصنيفهم كمنظمة إرهابية دون قيد أو شرط، أن يردوا بالمثل ويشاركوا في مفاوضات بحسن نية، مع تأكيدهم على لسان  محمد عبد السلام الناطق الرسمي باسم جماعة أنصار الله الحوثية أن البرهان الحقيقي لإحلال السلام في اليمن هو وقف "العدوان السعودي ورفع الحصار"، وأن "صواريخهم للدفاع عن اليمن لن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل".

في المقابل، فإن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة تتجاهل الجهات الفاعلة الجديدة التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموجودة على الساحل الغربي، وكلاهما له عداء تجاه الحوثيين وحكومة هادي ولديهما القدرة على تعريض أي تسوية سياسية مستقبلية لا تشملهم للخطر.

تدخلات دولية فاشلة

دفع اليمن خلال السنوات الأخيرة ثمن التدخلات الدولية الحسنة النية باسم السلام، التي لم تفشل فحسب بل أدت إلى نتائج عكسية أيضًا، ففي العام 2011 أسفرت مبادرة مجلس التعاون الخليجي عن اتفاق لتقاسم السلطة بين الرئيس السابق عبد الله صالح وخصومه ووضع الخطوط العريضة لخطة لعملية انتقال سياسي، حيث ركزت الصفقة في المقام الأول على الصراع على السلطة بين النخبة السياسية، ومنحت الصفقة الرئيس السابق صالح الحصانة، ما سمح له فعلياً بالبقاء في السيطرة على معظم القوات المسلحة، ثم تحالف صالح مع الحوثيين وأطاح بالحكومة في أيلول/سبتمبر 2014.

لا بد من التذكير أيضاً باتفاق ستوكهولم الذي توسط فيه مبعوث الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين في كانون الأول/ديسمبر 2018 هو مثال بارز آخر على التدخل الدولي الذي أدى إلى نتائج عكسية، فقد أدى التباين في تفسير بنود الاتفاق إلى تعثر في تنفيذ الهدنة وما لبثت المعارك أن اندلعت، لتشهد خطوط التماس تصعيداً بين الطرفين من جديد.

لذلك يجب أن تكون إدارة بايدن حذرة وأن تقيّم العواقب غير المقصودة لاستخدام الدبلوماسية لفرض عملية مفاوضات سياسية لا تأخذ في الاعتبار الديناميكيات المحلية المعقدة في اليمن والواقع على الأرض.

ما المطلوب من إدارة بايدن؟

من أجل معالجة مشكلة اليمن، يجب على إدارة بايدن، أولاً أن تتبنى تعقيد الصراع وتتقبل حقيقة أن الظروف قد لا تكون جاهزة لإنهاء الصراع، ناهيك عن تحقيق السلام، وأن تحمِّل التحالف الذي تقوده السعودية المسؤولية عن دوره في سوء إدارة الحرب وعن الخسائر المدنية التي تسبب فيها.

ثانياً، بدلاً من استخدام الإدارة الأمريكية الجديدة رأسمالها السياسي للدفع باتجاه صفقة هشة من المرجح أن تأتي بنتائج عكسية، يجب أن تعمل الإدارة مع مكتب الممثل الخاص للأمين العام في اليمن مارتن غريفيث للتخفيف من تأثير النزاع على المدنيين من خلال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وفتح المطارات والموانئ والطرق الرئيسة إلى المدن. 

ثالثاً، يجب أن تعمل مع المملكة العربية السعودية على استقرار العملة اليمنية، ودعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الحوكمة والأمن ما أمكن ذلك.

بذلك يمكن أن تساعد زيادة المشاركة الدبلوماسية الأمريكية لمعالجة الصراع في اليمن في تمهيد الطريق لإنهاء الحرب إذا ركزت الإدارة على ديناميكيات القوة والتعقيد على الأرض، أما إذا كانت شديدة التركيز على حل سريع يفتقر إلى المكونات الأساسية للسلام الدائم فستؤدي إلى تفاقم الصراع.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7