في سورية.. فرح العرس يتحول لكابوس: 65% من الشباب يعتكفون الزواج

وكالة انباء آسيا – نور ملحم

2021.02.16 - 06:15
Facebook Share
طباعة

 العزوف عن الزواج في الوضع الحالي مرّ لكن ذلك أخف مرارة من تبعاته ومن إنجاب أطفال ضحايا للفقر والجوع والمجهول بهذه الكلمات تعبر وفاء عن قرار الزواج في سورية ضمن الظروف الصعبة.

تقول الثلاثينة لـ"وكالة أنباء آسيا"، إن الزواج مسؤولية كبيرة، بالكاد يستطيع الشاب حلّ أموره كفرد، فالرواتب زهيدة وتافهة ومن المعيب صرفها أصلاً، لكن الناس مضطرون لها، مبينة أنه ولو افترضنا وجود القبول والرضا بين الطرفين على الوضع وما هو عليه، ستكون حياتهم تعيسة مادياً وتعيسة في شتى النواحي رغم وجود الحب، وكل ذلك قد يكون مؤثراً. 

الوضع لا يسمح ...


برأي محمود تأخير الزواج إلى ما بعد سن الثلاثين بات أمراً واقعاً، فلم يعد هناك مجال لتجاوز معوقات الزواج، حتى وإن تم تجاوزها فإن فكرة تكوين عائلة وإنجاب أطفال مستحيلة، فلا وضع صحي ولا اقتصادي ولا تعليمي ولا أخلاقي يسمح لنا بتربية أولاد في هذا المجتمع، لذلك وبرأيي أن نغلق باب التفكير بالمشاعر والارتباط والزواج.

تتلخص تكاليف الزواج في سوريا حول ترتيبات حفل الزفاف وحفل الخطوبة والفساتين والجهاز وملبوس البدن والمهر والذهب، بالإضافة إلى المسكن ومرتّب ثابت، وكل ذلك حسب العادات السورية يقع على عاتق العريس.

وضمن الظروف الراهنة فالحصول على منزل أصبح حلماً يراود المقبلين على الزواج، كما أن المتطلبات المادية اللازمة للزواج والتي يصعب تأمينها من قبل أغلبية الشباب بمن فيهم المستقرون مادياً. 

التنازل لتسير الزواج ...

تؤكد باسمة لـ"وكالة أنباء آسيا" أن والديها تنازلا عن بعض المتطلبات من أجل تسيير زواجها من الشاب الذي تحبه منذ ثماني سنوات حيث استعاضت عن تسلّم المهر بجعله "غير مدفوع" بحسب عقد الزواج، أما عن خاتم الخطوبة فهو غير قابل للتفاوض رغم أن سعره تعدى 400 ألف ليرة سورية.

ووصلت كلفة استئجار صالة أفراح إلى ما يفوق المليون ليرة سورية اليوم، وتتراوح أجرة الكرسي الواحد بين 10ألاف و15 ألف ليرة، وعن تكاليف الموسيقى وتصوير الحفل فتبدأ من 400 ألف ليرة، وهذه الأسعار لا تشمل حفل الزفاف في الفنادق الفارهة التي تصل إلى الملايين .

الزواج رفاهية ...

يقول غانم لـ"وكالة أنباء آسيا" الحديث عن الزواج رفاهية، كيف لي أن أتزوج في دولة تعطيني مرتباً شهريا 60 ألف ليرة سورية؟، فلا نستطيع ادخار المال بسبب الغلاء الجنوني، حيث تتراوح سعر غرفة النوم بين 300 ألف ومليون ليرة سورية، وغرفة الجلوس بين 600 ألف والمليون ليرة سورية، وتتراوح تكلفة البراد ما بين 800 ألف والمليون تصف، والقائمة تطول فالوضع أصعب من أن يمكن تخيله ونحن نحيا بقدرة إلهية لا أدري كيف، لذلك فإن الزواج هو آخر ما قد أفكر به. 

من فرح لثقل ...

رغم كل هذه الأزمات والشكاوى، يلاحظ المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي إقامة أعراس ضخمة وبتكاليف باهظة، وحياة فارهة لمجموعات بعينها وسط العاصمة دمشق، وعن ذلك يصف محسن الوضع في سوريا من "سيئ إلى أسوأ"، ويقول: أولئك المرتاحون مادياً والذين يعيشون حياتهم براحة في البلاد باتوا معروفين، وبات واضحاً كيف يتحكمون بالمواطن، حتى سياراتهم معروفة وقدرتهم على الزواج بأعلى التكاليف لا غبار عليها، بينما الشعب فقير لا يملك قوت يومه وبات حلمه بالزواج.

ففي ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا تحوّل الزواج من عرس تفرح به الناس إلى همّ ثقيل على كاهل الشريكين وخاصة العريس حيث أكّد القاضي الشرعي الأول في دمشق “محمود المعصراوي”، هذه السنة، ارتفاع نسبة “العنوسة” في سوريا إلى 65% عبر تقارير إعلامية حكومية وأرجع القاضي المعراوي سبب تفاقم هذه الظاهرة إلى الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريون.

على الحكومة حل المشكلة ...

أشارت الباحثة الاجتماعية الدكتورة أمينة الحاج قالت في تصريح لـ"وكالة أنباء آسيا" إن المشكلة لا تكمن في تكاليف الزواج وليلة الزفاف فقط، بل تنسحب على الحياة اليومية بشكل أساسي، فأسعار الشقق أصبحت خيالة، إضافة إلى أسعار الإيجارات التي تصل لـ 200 ألف ليرة في المناطق الشعبية، وهو ما يعادل راتب موظف لمدة أربع أشهر، دون احتساب تكاليف تأثيث الشقة.

وأضافت الحاج أن نسبة العنوسة زادت بين الشباب والفتيات على حد سواء لمستويات كبيرة، وهنا يجب توعية الأهالي بضرورة التخلي عن بعض العادات الموجودة في الزواج كالمهر المرتفع، والذهب ومتطلبات حفل الزفاف، وجعل الموضوع يسير بسهولة أكبر للتشجيع على الزواج.

وختمت حديثها بالتأكيد على ضرورة أن تعي الحكومة هذه المشكلة، وتقدم التسهيلات للشباب الراغبين بالزواج، كمنحهم قرضاً ميسراً للزواج، وإقامة حفلات أعراس جماعية، وتسهيل توفير السكن اللازم لهم في المشاريع التي تنشئها بقروض وبدفعات ميسرة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8