الحريري في ميزان الربح والخسارة ضمن المبارزة السياسية

كتب جورج حايك

2021.01.26 - 08:18
Facebook Share
طباعة

 يعرف رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أن مهمته لم تُنجز بعد وبالتالي قد لا يكون موضوعياً الكلام عن ربح وخسارة على صعيد التجربة الشخصية، لكن السؤال: هل يستطيع أن يؤلف الحريري حكومة أو لا، لا يزال محور الحوارات والسجالات السياسية، رغم أن هموم المواطن باتت في مكان آخر وهو إمكانية البقاء على قيد الحياة بين مطرقة الكورونا وسندان الجوع، مع ذلك شدّ الحبال السياسي لا يزال قائماً، فأين أصبح الحريري في مغامرته السياسية التي بدأت منذ أشهر ولا تزال مستمرة؟

تيار المستقبل

يُدرك تيار المستقبل أن التكليف لا يحقق شيئاً ما لم يصل إلى التأليف ويبدأ بالعمل الحكومي، فالتكليف عملية نظرية خالية من أي تأثير على المستوى السياسي، ويؤكد "ان المزاج الشعبي الذي كان مؤيداً لتكليف الحريري تغيّر قليلاً بعدما طالت عملية التأليف، وبات قسماً كبيراً من الشعب فاقداً الأمل بإمكانية فتح باب للإنقاذ في ظل التعنّت الذي يواجهه الرئيس الحريري".

وعن ما لحق الحريري من خسائر يقول تيار المستقبل:"قد تكون خسارة الوقت قللت من احتمال أن يفعل شيئاً، أيّ أن يضع الحريري حداً للانهيار من خلال التفاهم مع صندوق النقد الدولي وترجمة المبادرة الفرنسية وربما اقناع آخرين بالمساهمة، لكن بمجرد أن يطول الأمر أسبوع وثلاثة والآن أشهر يكون قد خسر الوقت".

ويعتبر "ان الحريري غير قادر على التراجع عن اصراره على حكومة اختصاصيين مستقلين، لأنه يعتقد أن أي حكومة سياسية وفق الطريقة التقليدية لن تتمكن من فعل أي شيء، ولن تتمكن من التفاهم مع المجتمع الدولي، وربما نصل مع الانهيار الكامل إلى تأليف حكومة سياسية تكون المخرج الوحيد للبحث في لبنان الجديد".

ويكشف تيار الستقبل "تاريخياً نقول ان العراقيل اقليمية لكن إذا تعمقنا أكثر نجد أن المساهمين بهذه العراقيل هم رغبات محلية، لكن بصرف النظر عن الرغبات المحلية والاقليمية والدولية، هناك قناعة لدى رئيس الجمهورية ميشال عون بتوريث صهره جبران باسيل مسبقاً قبل نهاية عهده، ويريده أن يبرز داخل الحكومة كشريك دائم والزامي. هذا الأمر لن يكون كافياً لتعويم جبران باسيل لكن هناك إشكال عبر نوع من العناد المرضي".

التيار الوطني الحر

من جهته التيار الوطني الحر يعتبر "ان الرئيس الحريري تمّ تكليفه لمهمة معينة وهي تأليف حكومة وليس تسجيل مواقف، وحتى الآن لا نستطيع أن نقول أنه نجح في مهمته، يعني أنه فشل على الصعيد الوطني. أما على الصعيد السنيّ فهو نجح في المحافظة على موقعه أي ما يسمى رئاسة الحكومة وصلاحياتها واستطاع أن يقوّي شعبيته في الشارع السني، لكن الآن ليس زمن الانتخابات النيابية وبالتالي لن يستطيع أن يصرف هذه الورقة في أي مكان".

ويلفت التيار الوطني الحر إلى "أن الفرنسيين اصلاً لم يكونوا متحمسين لرئاسة الحريري انما كانوا يريدون رئيساً اختصاصياً مستقلاً، ثم رضخوا للواقع الا انهم أصبحوا غير مقتنعين الآن بسبب عقم تجربته. فالحريري ليست مهمته وضع تشكيلة حكومية والتعنت في حال رفضها رئيس الجمهورية انما عليه أن يستمر باقتراح التشكيلة تلو الأخرى حتى يصل إلى اتفاق مع رئيس الجمهورية".

ويؤكد "ان البلد لم يعد يحتمل مناكفات، والناس ليست راضية عن هذا الوضع، كلانا يتحمل جزءاً من المسؤولية، لأننا معنيان بالموضوع، لكن المسؤولية الأكبر بحسب الدستور تقع على من كلّفه مجلس النواب تشكيل الحكومة وليس رئيس الجمهورية، لكننا نؤكد ان الناس أصبحت في مكان آخر".

ونسأل إلى أين يمكن أن يصل الرئيس الحريري؟ وهل الاعتذار وارد؟ يجيب التيار الوطني الحر:"اوساط المستقبل تقول غير وارد أن يستقيل الحريري، واعتقد محلياً قد يتدخل أحد لتقريب وجهات النظر، ويُقال ان هناك مخاوف لدى فريق الحريري من ان يعمد رئيس الجمهورية عند تشكيل الحكومة من فتح ملفات الفساد وربما الحريري خائف على بعض الأسماء المقربة منه، لكن هذه النقطة قد تجد حلاً من خلال طمأنة الحريري ، انما هناك جزء خارجي أيضاً يتعلق بالظروف الاقليمية المخربطة، فلو انتخب دونالد ترامب رئيساً كانت الأمور حلّت بسرعة الا ان انظار البعض تبدو متجهة إلى الادارة الأميركية الجديدة مما يفسّر عملية التريث".

ويرى التيار الوطني الحر "أن البحث بعقد اجتماعي وسياسي جديد بات ضرورياً وهذا ما تضمنته المبادرة الفرنسية إذ تحدثت عن تأليف حكومة اولاً تقوم بالاصلاحات ثانياً ثم تذهب إلى مؤتمر تأسيسي ثالثاً. لكن بعد تدهور الأمور الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية باتت الأولويات أن نبقى على قيد الحياة".

القوات اللبنانية

أما القوات اللبنانية فتجدد دعوتها للرئيس الحريري "بأن يعتذر عن التكليف لأن فريق الأكثرية الذي يريد أن يشكّل معه حكومة هو فريق مجرّب، ومن جرّب المجرّب كان عقله مخرّب، وفالج لا تعالج مع هذا الفريق وأكبر دليل التجربة التي دخل فيها منذ لحظة تكليفه حتى اليوم، وهي تجربة ستتكرر عشية كل جلسة لمجلس الوزراء وحول كل بند من بنود جدول مجلس الوزراء. مع هذا الفريق لا يمكن انقاذ لبنان، وبالتالي ندعوه للاعتذار وتشكيل جبهة سياسية للاستقالة من مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة".

الربح أكثر من الخسارة

لكن الموقف الأكثر دقة من مسألة خسارة او ربح الرئيس الحريري منذ تكليفه برئاسة الحكومة فكانت لأوساط سياسية مراقبة ومحايدة، فتقول:"يعتبر الحريري أنه من خلال تكليفه وترأسه للحكومة لن يكون في موقع الخاسر، إنما بالعكس سيكون في الموقع الذي يسجّل من خلاله النقاط للاعتبارات التالية: أولاً، عندما يكون الحريري في السراي وليس في بيت الوسط يكون في موقع القرار، وبالتالي يستطيع من خلال هذا الموقع أن ينفتح على الخارج وأن يقيم علاقات سياسية، وأن يحيي شبكة علاقاته الخارجية. ثانياً، يعلم الحريري أن البلد متجه إلى مجموعة استحقاقات، قد لا تكون في عام 2021 انما في السنة المقبلة، أي الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، وبالتالي هو يفضّل أن يخوض أي مسألة انتخابية من موقع وجوده في مركز القرار وليس من موقع خارج القرار. ثالثاً، من المعروف ان هذه الحكومة ستكون حكومة ما بعد عهد الرئيس ميشال عون وهكذا يكون القرار بيده. رابعاً، يعتبر الحريري ان وجوده في هذا الموقع يتيح له على المستوى الشعبي بأن يكون في موقع القادر على التواصل والتفاعل مع الناس وخدمتها بشكل أكبر من أن يكون في بيت الوسط، وأن يكون قادراً على توظيف موقعه بالاتجاه الذي يكون فيه. خامساً، يعتبر الحريري انه في هذه المرحلة بين صديقه الرئيس ايمانويل ماكرون وبين التغيير الذي حصل في الادارة الاميركية، هنالك فرصة بأن يتمكن من جلب مساعدات إلى لبنان وهكذا يكون في التموضع الصحيح، إضافة إلى أنه لن يخسر على مستوى الشارع وسيحافظ على مستوى شعبيته في تيار المستقبل بل ستزداد ولن تتراجع، وخصوصاً ان لا منافس له كتيار سياسي، وبالتالي هو يشكّل هذا العصب السنيّ، ويستطيع في حال فشله في مهمته أن يقول أفشلوني وبالتالي هو لا يعتبر هذا الأمر مغامرة ولن يؤدي إلى خسارته".

وتوضح هذه الأوساط:"التحدي الأساسي بالنسبة إلى الحريري هو تحدي من طبيعة خليجية، يعني في حال لم تنفتح عليه دول الخليج وتحديداً السعودية، ستشكّل نكسة له، لأن هو ووالده انطلقا من الحاضنة السعودية. في حال هذه الحاضنة لم تحتضنه يعني لن يعود لديه هذا العمق السعودي الذي كان مصدر قوة له، وخصوصاً ان السعودية تعتبر نجاح أي حكومة يتوقف على أي مدى تقدر على ترسيم نفوذ حزب الله داخل الوضعية اللبنانية، فهل سيتمكن الحريري من أن يرسّم نفوذ الحزب؟ ويبقى في حال لم يتمكن من أن يقوم بأي شيء، واستمر لبنان محاصراً بقرار دولي وبالتالي ذهبت الأوضاع إلى انفجار اجتماعي، لن ينفجر لبنان بين يدي عون فقط انما بين يدي الحريري ايضاً، علماً هو أراد أن يكون في الموقع نفسه، وهو يغامر على هذا المستوى في حال لم يكن باستطاعته دفع البلد بإتجاه الانقاذ، بل سيكون في موقعه كمن يدفع البلد إلى الانهيار، وبالتالي هذا الأمر سينعكس عليه سلباً بشكل كبير".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5