نيودلهي: براكريتي غوبتا
كانت تلك المدن يوماً ما مدناً عامرة مأهولة بالسكان، لكن باتت مهجورة بسبب حروب، أو كوارث طبيعية، أو تغير مناخي منذ سنوات طويلة جداً. وتقف تلك المدن شاهداً يذكّر البشر بأن كل شيء يفنى في النهاية. الآثار الغامضة لتلك المدن المفقودة، والتي تكون جميلة في أكثر الأحوال، أثارت مخيلة ملايين المسافرين، والشغوفين بالتاريخ، والباحثين عن الكنوز من مختلف أنحاء العالم. إذا كنت في مزاج يسمح لك باستكشاف آثار الحضارات القديمة الغابرة، فإليك بعضاً من أروع المدن المفقودة. اتخذت تلك الآثار المذهلة موقعها سريعاً على خريطة السياحة في الهند، وما من شك في أنها سوف تثير فضولك.
تعمل الحكومة الهندية على الترويج للسياحة الأثرية من أجل الحفاظ على المواقع التاريخية إلى جانب زيادة الاهتمام الشعبي بالآثار؛ ويشمل ذلك زيارات إلى أماكن أثرية، أو متاحف، أو مراكز خاصة برفع الوعي الأثري، أو إعادة تصوير الأحداث التاريخية، أو إعادة اكتشاف المنتجات الأصلية، أو المهرجانات، أو المسارح. كثير من تلك المدن كان معروفاً، في حين تم اكتشاف بعضها بعد دمارها بسنوات كثيرة. فيما يلي قائمة ببعض المدن الهندية المفقودة:
> موزيريس Muziris
باتت موزيريس ظلاً باهتاً لصورتها القديمة؛ فما كانت واحدة من كبرى المدن في العالم، والميناء الأكثر ازدحاماً واكتظاظاً في العالم... باتت حالياً مجرد بقعة تناضل من أجل الاقتراب من حال المناطق الريفية. كانت موزيريس في القرن الأول قبل الميلاد واحدة من أهم الموانئ التجارية في البلاد التي كانت تصدر البهارات، خصوصاً الفلفل الأسود.
وكان يقال إن تلك المدينة أغنى من روما في العهد الملكي. بحسب ما جاء في النصوص؛ كانت المدينة تستقبل سفن التجار الأجانب، الذين كانوا يبحرون في نهر بيريار، والتي كانت تأتي محمّلة بالذهب وتذهب محملة بالفلفل أو الألماس الأسود؛ كما كان يطلق عليه. ويوصي أرون ناير، المسافر المشترك في موقع «هوليداي أي كيو» الإلكتروني، بزيارة المدينة لأن نخيل جوز الهند، والمنازل ذات البلاطات الحمراء، والبحيرات والشواطئ التي لا تحصى، سوف تترك انطباعاً يدوم طويلاً في نفس أي زائر.
دفعت أهمية البهارات وتجارتها العرب في الفترات اللاحقة إلى الإبقاء على سرية الطريق المؤدية إلى مدينة موزيريس، حيث لم يكتشف البحار اليوناني هيبالوس طريقاً مباشرة إلى كيرالا إلا في عام 40 للميلاد، وتبعه الرومان بعدها على حد قول مانو بيلاي، مؤلف كتاب «العرش العاجي: أخبار منزل ترافانكور»، وهو كتاب يستكشف حياة وأعمال سايثو لاكشمي باي، آخر ملكة في أسرة ترافانكور في جنوب كيرالا.
> كاليبانغان - راجستان Kalibangan - Rajasthan
من المواقع الأخرى المثيرة للاهتمام موقع كاليبانغان الأثري، والذي يعد جزءاً من حضارة وادي السند القديمة التي يعود تاريخها إلى نحو 5 آلاف عام. يرجع فضل اكتشاف المدينة، التي كانت من مدن حضارة وادي السند، إلى لويدجي بيو تيسيتوري العالم الإيطالي المختص في الدراسات الهندية، وقد بدأ التنقيب عن المدينة عام 1969.
تعود حضارة وادي السند، التي تعد من أقدم حضارات العالم، إلى حقبة ما قبل الحقبة العامة (الحالية)؛ أي منذ ما يزيد على ألفي عام. لم تكن تلك الحضارة تقل في مكانتها عن الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين، حيث ازدهرت لأكثر من ألف عام قبل أن تندثر لسبب غير معروف. وقد أسفرت عمليات الاستكشاف الأثرية في كاليبانغان عن العثور على أختام هارابان، وهياكل عظمية بشرية، ونصوص مجهولة، وأساور نحاسية، وخرز، وعملات، وألعاب، وآنية فخارية، وقواقع، وعجلات، وحلي.