من يصدق استطلاعات الرأي بعد فضيحة الانتخابات الأمريكية؟

صافي محمد سعيد

2020.11.07 - 12:46
Facebook Share
طباعة

 
أظهرت نتائج الانتخابات الأمريكية حتى الساعة أن شركات ومراكز الاستطلاع ليست سوى أدوات دعائية لمن يدفع ولمن يملكها. وأن مصداقيتها أقل من الصفر لو أن للأرقام علاقة بالموضوعية.
ففي فلوريدا على سبيل المثال أعطت شركات الاستطلاع والمراكز البحثية للرأي العام تفوقاً لبايدن على ترامب لتأتي النتائج عكس ذلك في التصويت الشعبي، وليس فقط في نتائج المجمع الانتخابي المعقد والفريد الذي تعتمده أمريكا.
فلماذا وضعت شركات كبرى وعالمية وذات تاريخ سمعتها على محك خدمة المرشح جون بايدن الذي يعاني الأمرين للفوز بانتخابات لا يبدو أن نتائجها ستكون سوى متقاربة جداً في الولايات التي يسميها الإعلام "متأرجحة" للإشارة إلى أنها تاريخياً لا تمثل معقلا لأي من الحزبين، بل كلاهما يتمتع بقوة شعبية متقاربة فيها.
فكيف كانت تبدو استطلاعات الرأي قبل الانتخابات؟
أولاً- استطلاعات الرأي وفرص الفوز في الانتخابات الأمريكية بحسب مراكز الاستطلاع:
أظهرت استطلاعات الرأي الأمريكيَّة وتوقُّعاتها بالنسبة للانتخابات الأمريكيَّة القادمة, العديد من النتائج التي أجريت على مستوى البلاد, وأبرز أكثرها أنَّ "بايدن" يتقدَّم على الرئيس دونالد ترامب بست إلى سبع نقاط, وذلك وفقًا لمتوسطات استطلاعات "CNBC" المنشورة في Real Clear Politics"".
ويبدو أنَّ الفجوة بين ترامب وبايدن كانت بحسب الدعاية التي بثتها المراكز الخاصة بالاستطلاع تتسع كلَّما اقترب موعد الانتخابات، حيثُ أفادت "أن بي سي نيوز" أنَّ ترامب أبعد من منافِسِه في استطلاعات الرأي أكثر مما كان عليه جورج دبليو بوش العام 1992م, وقارن الاستطلاع تقدُّم بايدن على ترامب بسباق ترامب عام 2016م ضد الديمقراطيَّة "هيلاري كلينتون"، وسباق باراك أوباما ضد الجمهوريِّين "ميت رومني" في 2012م, وجون ماكين في 2008م, وسباق إعادة انتخاب الجمهوري جورج دبليو بوش لعام 2004م, ضد الديمقراطي "جون كيري".
وقال "تيم مورتو"، مدير حملة ترامب في بيان لـ "CNBC": إن الاستطلاع العام غير موثوق به, ويقلِّلل باستمرار من قدرات ترامب على التواصل المباشر مع الناخبين الأمريكيِّين, حيث ذَكر التقرير بعد المقارنة أنَّ الاستطلاعات في الانتخابات السابقة, لم تجدي نفعاً, وأظهر الاستطلاع أنَّ بايدن يتفوق على ترامب في أريزونا وفلوريدا وميشيغان وبنسلفانيا ونورث كارولينا وويسكونسن، بـ 4 إلى 6 نقاط.
كما أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وكليَّة "سيينا" أنَّ بايدن يتقدَّم بشكل أكبر في كل الولايات، وتوقع الاستطلاع على مشارف الانتخابات أن بايدن سيحسم النتيجة بفارق كبير.
وفي استطلاع آخر لصحيفة "نيويورك تايمز" في نهاية أكتوبر 2020, زعم أنَّ الرئيس ترامب سيغادر البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. وبحسب الصحيفة، أخذ المنافس من الحزب الديمقراطي "جوزيف بايدن"، زمام القيادة من ترامب في سباق 2020م، حيث بنى ميزة "واسعة النطاق بين النساء والناخبين غير البيض"، وحققَّ تقدُّماً عميقاً مع بعض الجماعات ذات الميول الجمهوريَّة التقليديَّة التي تحوّلت بعيدًا عن ترامب، لعدم فعاليَّته في الاستجابة لكورونا", وتضيف الصحيفة: "يتقدم بايدن حاليًا على ترامب بـ 14 نقطة مئويَّة، ويحصل على 50% من الأصوات مقارنة بـ 36% لترامب".
وبحسب تقارير صحيفة فإنَّ الكراهية لترامب تعمّقت، حيث فشلت إدارته في وقف "مرضٍ قاتلٍ" شلّ الاقتصاد، ثم رد على موجةٍ من احتجاجات ضد العنصريَّة بموجة غاضبة و"تهديدات عسكرية", والصورة السائدة التي تبرز من الاستطلاع تقول أنَّ أمريكا "مستعدة لرفض رئيس تعتبره أغلبيَّة قويَّة من الناخبين, بأنه فشل في أهم الاختبارات التي تواجه إدارته".
وأيضاً في استطلاع أجرته وكالة "أسوشيتد برس" ومركز"NORC" لأبحاث الشؤون العامَّة في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، يقول أنَّ حوالي ثمانية من بين كل عشرة أمريكيِّين يرون أنَّ البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ.
ويضيف استطلاع حديث أنَّ 38 في المائة فقط ممن شملتهم الاستطلاعات الأخيرة، يقولون إنَّ حالة الاقتصاد الوطني جيِّدة، قياساً بـ 67 في المائة ممن شملهم استطلاع أجري في يناير/كانون الثاني، قبل وصول "كوفيد 19" إلى الأراضي الأمريكيَّة, وبحسب الكاتب، فإنَّ أرقام الاستطلاع لا تبشر بالخير بالنسبة إلى ترامب، إذ يرى 32 في المائة فقط من المشاركين في الاستطلاع أن ترامب نجح في مواجهة الوباء, وقالت "كيت بيدنجفيلد" نائبة مدير حملة بايدن في بيان لوكالة "أسوشييتد برس"، إن ما يشعر به الناس هو أنَّهم يحصلون من ترامب في الوقت الحالي على فوضى عابرة في الحديث السياسي المهتم بالذات, ويخلص التقرير إلى أنَّ الأمريكيِّين سئموا وتعبوا من حكومة منقسمة غير قادرة على إنجاز الأمور, ويأتي هذا التنبؤ موافقاً لعدد من النماذج الانتخابيَّة الأخرى التي أشارت إلى أنَّ ترامب سيخسر أمام بايدن نتيجة لعدد من العوامل بما في ذلك وباء فيروس كورونا, وتنبأ نموذج انتخابي وطني من قبل "أكسفورد إيكونوميكس" أن دونالد ترامب سيعاني "هزيمة تاريخيَّة" في انتخابات نوفمبر بسبب الركود الاقتصادي الذي تسببت فيه الجائحة, وتنبأت توقعات نشرتها "صحيفة واشنطن بوست" في أيلول بأنَّ ترامب لن يحصل إلَّا على 24 في المائة في الانتخابات النهائيَّة،
وأكَّدت استطلاعات رأي أخرى أنَّ الرئيس "دونالد ترامب" حلّ متأخِّرا عن منافسه "جو بايدن" حيث أوضح استطلاع جامعة "كوينبيناك" على 1273 ناخباً, أنَّ "جو بايدن" حصل على 52% من الأصوات، بينما حصل ترامب على 37% فقط.
وهذا ما أثبته استطلاع آخر لموقع "أي بي سي نيوز" لصالح صحيفة "وول ستريت جورنال" على 900 ناخب، تفوُّق "جو بايدن" على دونالد ترامب بـ 51% مقابل 40%, ومشابه أيضاً لاستطلاع رأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية "سينا" على 1337 ناخبا أميركيَّا حصل فيه "بايدن" على 50% من الأصوات.
وهذه النتيجة متقاربة لنتيجة استطلاع أجرته مؤسَّسة "Gallup"، المتخصِّصة في قياس الرأي العام, وذلك في أكتوبر الماضي 2020, أظهر أنَّ 33% من الأمريكيِّين فقط, راضون عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما عُدّ حينها رقماً قياسيَّاً سلبيَّاً.
وأظهر استطلاع موسَّع أجراه مركز "بيو للأبحاث"، والذي أجري في 16 و 22 يونيو الماضي, ضم 4708 بالغًا، بما في ذلك 3577 ناخبًا مسجَّلاً، وأوجد الاستطلاع اختلافات حادَّة حول كيفيَّة تقييم الناخبين لرئاسة ترامب مقارنة برئاسة بايدن إذا تم انتخابه, فعدد قليل جدًا من الناخبين 9٪ فقط, يقولون أنَّ ترامب رئيس عادي؛ 37٪ يقولون أنَّه رئيس جيِّد أو عظيم, وتقول نسبة أكبر بكثير 53٪ أنَّه سيء وغير مناسب، بما في ذلك 42٪ يعتقدون أنَّه رئيس سيء, ويقول الاستطلاع أنَّ 28٪ من الناخبين يرون أنَّ بايدن سيكون رئيسًا جيدًا مقارنة بترامب كرئيس, و29٪ يقولون أنه سيكون رئيساً عاديَّاً, ومع ذلك يقول 43٪ أن بايدن سيكون ضعيفًا أو فظيعًا، وهو أقل بنسبة 10 نقاط مئوية عن الحصة التي تعبر عن وجهات نظر سلبية حول ترامب كرئيس.
وحصل بايدن على تقييمه الأكثر إيجابيَّة لمزاج 60٪ من الناخبين المسجَّلين حيث يصنّفونه بأنه متوازن، و41٪ فقط يقولون أنَّ هذه العبارة تصف ترامب بشكل جيِّد أو جيِّد إلى حد ما, والعديد من الناخبين يقولون أنَّ بايدن هو نموذج جيد وأنَّه صادق مقارنة بترامب، ويرى الاستطلاع أنَّ ثلث الناخبين 35٪ لديهم الثقة في ترامب للتعامل بفعالية مع العلاقات العرقيَّة, مقابل 48٪ يثقون في بايدن في التعامل مع تلك العلاقات.
وعن نتائج الاستطلاعات بعد أزمة التظاهرات والانتفاضة الداخليَّة الأخيرة, زعمت الاستطلاعات أنَّ ترامب يشعر أنَّ الحلقة بدت تضيق شيئاً فشيئاً عليه, وتنحسر فرص فوزه بولاية ثانية كما كان يأمل, فقد أشار استطلاع "لمعهد غالوب" أنَّ شعبية ‫ ترامب ازدادت إلى 43% قبل خمسة أشهر, إلَّا أنَّها تراجعت إلى 35% بعد تلك الأحداث, وتقدَّم جراء ذلك منافسه الديمقراطي بايدن عليه بـ 18 نقطة, رغم سعي الرئيس إلى رفع الكتاب المقدس لكسب المتديِّنين الإنجيليِّن, إلَّا أنَّه لم ينجح في تلك الخطوة, فقد هاجمه رجال دين كثر, واعتبروا ذلك عمليَّه استغلال للدين من أجل مكاسب انتخابيَّة.
الخلاصة أنه بعد أربعة أيام من الانتخابات الأمريركية التي جرت في الثالث من الشهر الحالي، أبرزت النتائج أن توقعات اغلب مراكز البحث كانت مفبركة ولم يصدق أي منها. وعلى الرغم من تفوق بايدن في التصويت الجماهيري العام بأربعة ملايين صوت، إلا أنها لا تمثل سوى فارق أقل من نقطتين بالمئة عن ترامب، فأين ذهبت توقعات الاكتساب بست وبأربعة عشر نقطة؟؟
إنها التجارة والسياسة عن طريق الخداع والتلاعب بالجماهير. فإذا كانت صديقتنا الولايات المتحدة الأمريكية معقل الديمقراطية بحسب الدعاية الموالية لها لا بحسب ترامب الذي يقول "إنها معقل الفساد الانتخابي" تخدع شعبها بهذه الطريقة الوقحة، فماذا يقدم إعلامها وإعلام الموالين لها في العالم ضد الآخرين؟
من لم يصدق مع شعبه ويخدع ناسه ومواطنيه كيف نثق بنزاهة ما يزعمه عن الديمقراطية والحرية والنزاهة والقيم السامية؟؟
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8