في لبنان.. رغيف الخبز بين فكي كماشة جشع التجار وإهمال الحكام

وكالة أنباء آسيا - زهراء أحمد

2020.11.06 - 06:59
Facebook Share
طباعة

 اعتمد لبنان منذ زمن طويل على المساعدات الخارجية لتمويل الإقتصاد، وخصوصاً البنى التحتية والإستثمارات العامة، وهذا الأمر أصبح بديهياً في إقتصاد ليبرالي وحكومات رجال أعمال لا يكترثون للخدمات العامة، كالمستشفيات والمدارس الحكومية، مفضلين تفقير الشعب وتجهيله ليسهل لهم التحكم به، وکكل شيء متصل بالميزانية العامة وأموال الشعب، والدولة لا تملك (أو لا تريد أن تملك) معلومات واضحة عن قيمة هذه المساعدات الخارجية،  التي هي بمعظمها قروض طويلة الأجل تربط مصير اللبنانيين وأولادهم بتسديدها من ضرائبهم.

والمفارقة أن وزارة المالية كانت الى قبل انفجار المرفأ، لا يمكنها تحديد الكثير من المساعدات الواردة لأنها لا تدخل ضمن الميزانية المركزية للحكومة والإيرادات المعلنة لها.

2,1 مليار دولار قيمة المساعدات الى لبنان  بعد حرب تموز عام  2006، قسم كبير منها لدعم مشاريع الإعمار وقسم آخر إغاثة ومساعدات انسانية، مقابل 39 مليون تسلمتها منظمات المجتمع المدني. 

و تُظهر الأرقام أيضاً، أن الجهات المانحة الرئيسية كانت دول الخليج العربي، تليها الدول الأوروبية والولايات المتحدة والمؤسسات الدولية (مثل البنك الدولي والصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والاجتماعي)، ذهبت لدعم ميزانية الحكومة ولتسهيل خدمة الدين، حيث اتخذت شكل قروض ميسرة، وبشروط سهلة قُدمت الى لبنان بعد تعهدات باريس ٢ ومؤتمر باريس ٣. اذ سمح هذا الدعم المالي ”حسب تقارير بعض الخبراء“ بتجنب أزمات مالية، كادت أن تعصف بالإقتصاد المحلي ولكن يمكن إسقاط هذه المساعدات بسهولة ضمن إستراتيجية تعويم للنمط الإقتصادي المتحكم بالبلاد، منذ نهاية الحرب الاهلية، الذي يرسخ تبعية المالية العامة لسلطة حيتان المال.

وفي عصر تلاشي مقومات الدولة من مجلس نواب ووزارات ، لن تجد هذه الحيتان المحلية والأجنبية أي رادع جدي يمنعها من التحكم برقاب اللبنانيين، وهذا ما حصل بعد الأزمة المالية الخانقة، والتي تبعها انفجار المرفأ. وهنا اختلف الوضع قليلاً، حيث رفضت غالبية الدول تقديم المساعدة المادية للسلطة الحاكمة، واكتفت بالمواد الإغاثية والانسانية، واقتصر الدعم المادي على منظمات المجتمع المدني لأن العالم كله أدرك أننا أمام أيدي فاسدة، ولها تاريخ غير مشرف من الهدر والسرقات. وهذا ما جعل حيتان السياسة ممتعضين، فقرروا الاستفادة من معاناة الشعب كعادتهم . 

أصبحت المحاصصة هذه المرة تأخذ شكلاً جديداً. ففضيحة الطحين العراقي لم تكن اول فضائح السلطة السياسية، ولو لم تظهر للعلن ربما، لکانت اختفت كما اختفت أطنان الشاي والمساعدات، وسنجدها بعد رفع الدعم في السوق السوداء بأسعار خيالية في ظل فشل وزارة الاقتصاد بضبط أسعار المواد الضرورية والدعم المالي الذي أصبح حبراً على ورق. 

مع الإرتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، في بلد أصبح رغيف الخبز مهدداً بسبب جشع التجار الى جانب تمسك الطبقة السياسية الحاكمة بحقائب الفشل الوزاري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3