أدوية الأمراض المزمنة ..شحيحة على اللبنانيين ومتوفرة للتهريب إلى العراق ومصر وليبيا!

إعداد – ألبير حسواني

2020.11.03 - 02:10
Facebook Share
طباعة

 

تطفو على سطح المشكلات والهواجس التي يعاني منها اللبنانيون اليوم، مشكلة فقدان الأدوية، وفيما يبحث المواطن اللبناني في عشرات الصيدليات عن دواء يحتاجه، ثمة جهات تحقق أرباحاً هائلة على حسابه.
وتتالت في الأسابيع الماضية عمليات مداهمة مستودعات الأدوية والشركات والصيدليات في لبنان من قبل وزارة الصحة التي اتخذت على إثرها قراراً بإقفال عدد كبير منها بالشمع الأحمر. وتوزعت أماكن المداهمة على العديد من المناطق، حيث تبين بعد التحقق من كميات الأدوية المخزنة في الشركات أو المستودعات أو الصيدليات أن هناك عمليات متاجرة واحتكاراً للأدوية بقصد تحقيق الأرباح عبر التهريب.
ويبدو أن هاجس رفع الدعم عن الدواء تسبب بحالة هلع عند المواطنين، الذين عمدوا إلى تخزين الدواء بكميات كبيرة، ما أدّى الى فقدان أصناف كثيرة من الأدوية من السوق وحرمان بعض المرضى منها، فأُضيفت أزمة الدواء الى لائحة المصائب التي يعاني منها المواطن اللبناني.
وفيما تمكّن البعض من تخزين أدويته لعدة أشهر إلى الأمام، تحسباً لارتفاع الأسعار بعد رفع الدعم، لا يجد البعض الآخر الأدوية الأساسية، لا سيما تلك الخاصة بمعالجة الامراض المزمنة. وعليه، يتساءل اللبنانيون: أين تكمن المشكلة الحقيقية، هل في تخزين الأدوية في البيوت، مثلها مثل المحروقات والأموال والسلع الغذائية، أم في تأخّر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات، أم في التقنين في توزيع الأدوية لبيعها بأسعار مضاعفة بعد رفع الدعم؟ أم في التهريب الناشط؟
مراقبون يعتقدون بأن الجواب هو في كل العناصر السابقة، التي اجتمعت في الفترة الأخيرة حتى برزت بشكل واضح مع تعاظم حجمها.
وبدا واضحاً خلال الأسابيع الأخيرة أن عمليات تهريب الأدوية تسهم بشكل أساس بالشح الحاصل في سوق الأدوية بالبلاد.
ويقول متابعون لهذا الملف إن وجود دواء لدى الوكيل وفي صيدليات معينة بكميات تجارية، يطرح علامات استفهام في حال عدم توفره في الأسواق للمواطنين، ويؤكد ذلك ضرورة التدقيق واتخاذ الإجراءات الإدارية أو القضائية اللازمة بعد التحقق من الأدوية المخزنة بكميات كبيرة، إذا كان الهدف هو المتاجرة على حساب المواطن الذي يحرم من دوائه.
وترجع نقابة الصيادلة عمليات المتاجرة بالأدوية وتهريبها إلى خارج لبنان لعنصر أساس هو تسعيرة الدواء على سعر الصرف الرسمي للدولار، أي على الـ1515 ليرة لبنانية، أما الدولار في السوق السوداء فيقارب 7آلاف ليرة.
هذا الفارق الكبير، إضافة إلى أن سعر الدواء في البلاد - وهو من الأرخص في المنطقة - شجع البعض على المتاجرة بهدف تحقيق الأرباح، لكن عوامل عدة اجتمعت وأسهمت في نقص الأدوية بالأسواق أيضاً. إذ سادت حال من الهلع بين المواطنين، وأدت إلى تخزين الأدوية في المنازل خوفاً من انقطاعها، كما أن شراء الأدوية بكميات كبيرة من قبل من قدموا إلى لبنان خلال فصل الصيف لاعتبارها أرخص ثمناً، وعمليات تهريب الأدوية، أديا معاً إلى شح الأدوية.
ويأتي على رأس البلدان التي تهرب إليها الأدوية إليها بقصد المتاجرة، العراق وليبيا ومصر، حيث تم إحباط العديد من عمليات تهريب الأدوية إلى هذه البلدان في المطار وعبر الحدودد البرية.
و يعتقد مراقبون أن المسؤولية الكبرى تقع على أجهزة الجمارك والحدود التي تبدو الأكثر قدرة على ضبط عمليات التهريب من خلال زيادة الرقابة، أما المداهمات فتتبعها إحالة الملفات إلى التحقيق حتى تبت فيها النيابة العامة أياً كانت الجهة المعنية.
وإذا كانت وزارة الصحة ونقابة الصيادلة تحملان المسؤولية في أزمة الدواء لمافيا تهريب الدواء فإن نقابة مستوردي الأدوية تقلل على لسان نقيبها كريم جبارة، من أهميتها أمام تخرين الأدوية في المنازل خوفاً من انقطاعها، وذلك بعد إعلان مصرف لبنان المركزي إمكان وقف دعم الدواء. فـ "الطلب الهائل على الأدوية، تحديداً تلك الخاصة بالأمراض المزمنة، عمّق الأزمة إلى جانب تراجع الاعتمادات المخصصة للدواء".
أما عمليات التهريب، فيعتبر جبارة أنها "لطالما كانت موجودة، لكنها زادت في الشهرين الماضيين بشكل خاص في ظل شح الأدوية، فهي لم تتم يوماً بهذه الأعداد الكبيرة. لكن بالرغم من حجمها الذي يبدو كبيراً، فهي ناتجة عن عمليات يقوم بها أفراد يُعرفون بـ "تجار الشنطة". ولم تصل إلى حد عمليات التهريب الكبرى. كما يستبعد أن تكون هناك شركات مسؤولة عن هذا النوع من العمليات، فهي لا تتعدى إطار الأفراد الذين يقومون بها طمعاً في الأرباح".
وكانت محاولات نقابة الصيادلة ونقابة مستوردي الأدوية ووزارة الصحة، باءت بالفشل لتحديد كمية الأدوية التي تسلم إلى الصيدليات ومن بعدها إلى المواطن بما يكفي لسد حاجة شهر واحد.
ويرى المعنيون بقطاع الأدوية أن الحل ليس في المداهمات التي تقوم بها وزارة الصحة، إنما في توصيات تصدرها وإجراءات تعمل على تنفيذها بحزم، منعاً لعمليات التهريب، فتلتزم بها الشركات والصيادلة، ويتم التحقق من وجهة الأدوية، علماً بأن معظم تلك التي تهرب هي الخاصة بالأمراض المزمنة، مثل أدوية الضغط والقلب والأعصاب.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 6