واكيم لآسيا: عدم مشاركة القوات في الحكومة لا يعني استقالتها من دورها

حاوره جورج حايك

2020.11.01 - 07:00
Facebook Share
طباعة

 
 
أطلق النائب عماد واكيم، عضو تكتل "الجمهورية القوية"، مواقف سياسية قوية فيما يتعلق بتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة والمبادرة الفرنسية والرئيس المكلف سعد الحريري وحزب الله والعهد.
ويقول لوكالة أنباء آسيا عن الكتمان الذي يلف عملية تشكيل الحكومة:"أظن ان هناك الكثير من الطلبات والطلبات المضادة من القوى السياسية اللبنانية حيال المبادرة الفرنسية، وربما التجارب السابقة للرئيسين ميشال عون وسعد الحريري دفعتهما إلى إنجاز عملية التشكيل بأجواء من الكتمان مخافة أن يرفع البعض السقف ويشد كل حزب لطائفته، لذلك يبدو أنهما اتفقا على أن يجري التشكيل بطريقة سرية كي لا تتعطّل العملية. ولا يجوز إغفال أن الرئيسين بحاجة إلى هذه الحكومة، فالحريري أقدم على هذه الخطوة لحاجة معينة، وعون يعرف أن هذه الحكومة قد تكون الأخيرة في عهده، لكن من الواضح أن لا أحد من كل هذه القوى السياسية مستعد أن يضحي لأجل الشعب اللبناني، بل يحرصون على الاستمرار بالمحاصصة والزبائنية".
المجتمع الدولي يريد الإصلاحات أولاً
نسأل واكيم عن ضمانات حصل عليها الحريري من المجتمع الدولي بالمساعدة إذا نجح بتشكيل حكومة، يجيب:"على الرئيس الحريري وتيار المستقبل أن يثبتا على كلامهما، هل ما زالا متمسكين بالمبادرة الفرنسية؟بالنسبة إلى الموقف الأمريكي فهو لم يتغيّر، لا يهمه شكل الحكومة إنما يشترط أمران: أولاً أن لا تكون تحت سيطرة مباشرة لحزب الله، ثانياً تنفيذ الإصلاحات. أما الموقف الفرنسي فهو أكثر عاطفية مع لبنان، ولكن أيضاً يشدد على تنفيذ الحد الأدنى من الإصلاحات لتقديم المساعدات. بمعنى آخر يريد المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي ولو باباً واحداً ليتمكنا من مساعدة لبنان، إلا أنهما يعرفان كيف تجري الأمور بين القوى السياسية، والمحاصصة، والاستمرار في الفساد. ربما يغضان النظر عن حكومة تكنوسياسية، لكن لن يغضا النظر عن عدم تنفيذ الإصلاحات، والحكومة العتيدة ستكون أمام مأزق كبير إذا استمرت بأداء الحكومات السابقة، فهل ستقدر على ضبط التهريب عبر الحدود اللبنانية السورية؟ 
مئات ملايين الدولارات تهرّب من الشعب اللبناني، والقوى السياسية اللبنانية تكتفي بالفرجة لأن حزب الله يستفيد منها لتمويل مقاتليه، هذا إجرام بحق الشعب اللبناني".
مع ذلك، لا يعتبر واكيم أن المبادرة الفرنسية انتهت ويتابع:"من مصلحتنا أن تستمر المبادرة مهما كان شكل الحكومة، ويجب أن نأخذ في الاعتبار الروابط العاطفية التي تربطنا بفرنسا، ما عدا بعض المتفلسفين الذين يأخذون الدعم الفرنسي إلى مكان آخر ويتهمون فرنسا بأنها تمد يد العون للبنان بسبب مصالح ذاتية، وأنا اسأل: ما هي مصلحة فرنسا بلبنان؟ أن تأخذ جزءاً من المرفأ وتديره وفق عقد BOT؟ أو التنقيب عن الغاز؟ هناك مبالغة في إطلاق العنان لمخيّلات البعض. جلّ ما في الأمر أن الأمريكيين يتركون للفرنسيين هامشاً للحركة في لبنان تبعاً للخصوصية الفرنسية التي تربطها بهذا البلد، والمبادرة تهدف لإنقاذ لبنان، علماً أن القوى السياسية اللبنانية صارت مكشوفة أمام الغرب الذي لا يريد أن يزول لبنان، وليس مقتنعاً أن يستمر الوضع على ما هو عليه. وعلى اللبنانيين أن يضعوا مصلحة لبنان قبل أي مصلحة أخرى؛ وخصوصاً إيران، وقبل مصلحة أي طائفة معينة. لبنان لا يمشي كما تفعل القوى السياسية حالياً، بل في النهاية قد يجروننا إلى حرب أهلية. ولا يمكن لأي طرف أن يقمع الآخرين والتاريخ يثبت هذا الأمر".
البعض يعتبر أن اعتكاف القوات عن المشاركة في السلطة خسّرت المسيحيين حضوراً في الحياة السياسية، وخصوصاً أن البعض يعتبر القوات مصدر ثقة، يرد واكيم:"صحيح، القوات مصدر ثقة وأمان للمسيحيين، لكنها لم تخرج من الحياة السياسية بل ستبقى في عمقها. السلطة شيء والسياسة شيء آخر. ويقوم بعض المهرطقين بإعطاء الموضوع بعداً طائفياً، لكن الأزمة في لبنان حالياً ليست طائفية، إنما موقف القوات هو اعتكاف سياسي وليس اعتكافاً مسيحياً عن السلطة، لأن طبقةً فاسدة تتحكم بها. نحن أمام خيارين: الأول، خيار المشاركة في السلطة وتعطيل صفقاتهم من الداخل، وقد فعلنا ذلك خلال مشاركتنا في حكومتين، والثاني تظهر فيه القوات وكأنها معزولة خارج السلطة، إلا أنها في الحقيقة باتت تحظى بتأييد أكبر شريحة من اللبنانيين، وباتوا يقدرونها أكثر. الوضع السياسي اليوم يحتّم على القوات ألا تشارك في سلطة فاسدة من ناحية المبدأ، إنما نخوض المعركة اللازمة شعبياً وإعلامياً  حتى نمنعهم من الاستمرار بالسياسة نفسها. المجتمع الدولي يعرف أن القوات من طينة أخرى هي كالزهرة بين الأشواك، وعدم مشاركة القوات في الحكومة لا يعني استقالتها من دورها في مراقبة السلطة أو إضعاف للحضور المسيحي".
ويضيف:"نحن لسنا ضمن السلطة التنفيذية، لكننا لا نزال في مجلس النواب، ومن استقال من المجلس النيابي ارتكب خطأً كبيراً، فالمسار السياسي الصحيح يستوجب إذا لم نكن في المجلس النيابي أن نناضل في جمعية أو نقابة معينة، وعندما يأتي الاستحقاق الانتخابي النيابي نحاول أن نفوز بأكبر عدد من المقاعد، فلا نستقيل بل نحسّن أداءنا حتى نكسب ثقة الناس ويصبح لدينا أكثرية النواب لتنفيذ المشاريع الإصلاحية المطلوبة، وصولاً إلى الجمهورية القوية".
وعن المشاركة في الثورة التي تراجع زخمها يقول واكيم:"يجب غربلة الثورة وتنظيفها من الزؤان، نحن كقوات نعتبر من بذور الثورة، بل قاتلنا في مجلس الوزراء ضد مشروع الكهرباء الفاشل والبطاقة الممغنطة وغيرهما، وحاولت القوى السياسية عزلنا، وعندما بدأت الثورة كنا أول المستقيلين وأنصارنا أول المشاركين في الثورة. ويجب التذكير بأن الدكتور سمير جعجع كان أول المطالبين بحكومة تكنوقراط مستقلة، وذلك في الحوار الاقتصادي في 2 ايلول 2019، أي قبل الثورة، والمستغرب أن القوى السياسية رفضت الاقتراح بحجة أن الحكومة المستقلة قد تغيّر سياسة البلد، علماً أن هذه الأمور هي ذرائع، لأن هذه القوى موجودة في المجلس النيابي وبإمكانها إسقاط الحكومة ساعة ما تشاء. هذه السلطة لا تفعل شيئاً سوى المحسوبيات والتنفيعات والزبائنية، فيما 4 ملايين ونصف مليون لبناني يرزحون تحت وطأة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار".
حكومة دياب برئاسة الحريري؟
يتساءل البعض: هل سيكون هناك فرق بين حكومة الرئيس حسان دياب وحكومة الرئيس الحريري، يوضح واكيم:"نحن نتمنى ولا نريد أن نظلم وسننتظر حتى تتشكّل الحكومة، إلا أن ما رأيناه في عمليات التشكيل لا يبشّر بالخير، ويبدو أن حكومة دياب ستتكرر إنما برئاسة الحريري. هم يحاولون تدوير الزوايا، ومن المتوقع إذا أبصرت الحكومة النور أن تجري بعض الإصلاحات في الكهرباء وقليلاً من الإصلاحات في الاتصالات، وقد تعجز عن حل مسألة فائض الموظفين في القطاع العام ومسألة التهريب. ومن المتوقع ان يُفرج المجتمع الدولي عن جزء من المساعدات المالية فيأتي إلى لبنان زهاء 3 مليارات دولار بشكل تدريجي، فتؤمّن للبنان بعض الأوكسيجين وتتمكن السلطة من البقاء 6 أشهر حتى يصبح الرئيس الأمريكي الفائز بالانتخابات قادراً على إدارة ملفاته. إذا حصل هذا الأمر نكون أجّلنا المشكلة ولم نحلّها، لتزيد ديوننا من 100 مليار إلى 103 مليار، ريثما يأتي الحل الشامل للمنطقة. كل هذه الأسباب تدفعنا الى عدم المشاركة في السلطة بصرف النظر عن نتائج الانتخابات الأمريكية والموقف الإيراني من نتائجها".
وعن فقدان الثقة بين القوات والحريري، يقول واكيم:"في اللقاءات التي كانت تجري مع الحريري وصلنا إلى معادلة بأن القوات أكثر قدرة على المواجهة، والمستقبل أكثر قدرة على تدوير الزوايا، فعندما تكون المرحلة للمواجهة يجب أن تكون القوات في المقدّمة والمستقبل في موقع الداعم، ويكون العكس إذا كنا في مرحلة تدوير زوايا، إلا أن المستقبل لم يطبق هذه المعادلة بتاتاً، بل إنه في كل مرة ينصرف إلى تدوير الزوايا، والدليل ما يفعله الحريري الآن، أي بدأ بموقف صلب يتمثّل بحكومة مستقلة، لكنه سرعان ما أصبح يسترضي الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وازدهرت مسألة المحاصصة مجدداً، وباتت عملية تشكيل حكومة مستقلة في خبر كان". ويلفت إلى "أنهم استغلوا انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، وفرنسا في مواجهة التطرف، فعملوا على تمرير حكومة محاصصة، لكن بماذا يستفيد الشعب؟ هذه القوى السياسية تريد الاستمرار بالزبائنية وسوء الإدارة والسرقة والفساد!".
مشروعنا الانتخابات النيابية المبكرة
تراهن القوات على الانتخابات النيابية المبكرة، وتبدو واثقة من أنها ستكون حلاً للأزمة اللبنانية، ويؤكد واكيم:"صحيح مشروعنا الأساسي هو الانتخابات النيابية المبكرة؛ وهي الحل للأزمة الحالية، لكن نحن لم نقدم استقالتنا من مجلس النواب، لأن الذين استقالوا قدموا هدية للسلطة، والأطرف أنهم استغربوا كيف قُبلت استقالتهم بسرعة، حتما هذه الخطوة أراحت السلطة. رهاننا أولاً وأخيراً على الشعب اللبناني الذي رأى مدى استهتار السلطة وسوء إدارتها ولامبالاتها بالشعب. في المقابل، على الشعب أن يقدّر كفاءة القوات وكيف تصرفت في عملها الحكومي، وكيف قدم وزراؤها استقالتهم في بداية الثورة، وما حققه نوابها من قوانين إصلاحية تنسجم مع شروط المجتمع الدولي وطروحات الثورة، إذ لا يكفي أن تقول أنا ثائر، يجب أن تفعل شيئاً. ويدهشني من يطالب بانتخابات نيابية مبكرة ويشترط قانوناً انتخابياً جديداً، هذا لا يمكن تفسيره إلا بأنه هروب من الانتخابات. يجب ألا ننسى أنه استغرق اتفاقنا على قانون انتخابي جديد 47 عاماً. أي قانون للانتخابات يحتاج إلى توافق على مستوى الوطن، وليس هناك قانون يرضي الجميع مئة في المئة، والأهم أن يحظى القانون الانتخابي بإجماع في مجلس النواب، فلا أفهم هؤلاء الذين يعتبرون أن كل المشكلة من القانون، فيما المطلوب مهما كان القانون هو المشاركة في عملية الاقتراع وعدم تفويت الفرصة، ويجب التصويت بحسب الأداء السياسي للقوى السياسية واستراتيجيتها ومدى انسجامها مع مصلحة لبنان العليا، وليس بالضرورة تغيير 128 نائباً، إنما تغيير 15 نائباً من ميل إلى ميل قد ينقل الأكثرية إلى مكان آخر".
ويتطرق واكيم إلى مسألة قبول حزب الله بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فيقول:"حزب الله لا يرفع إصبعه إلا بوجه اللبنانيين، وإلا ما الذي دفعه إلى المطالبة بوزارة المال والمثالثة وقانون انتخابات خارجاً عن القيد الطائفي في ظل أزمة اقتصادية هائلة يتخبط فيها لبنان، وهذا لا يعني إلا أنه يريد ترجمة قوته العسكرية على الشعب اللبناني. أما على صعيد إسرائيل فيحسبها جيداً ويرى مصلحة إيران أولاً. ولا شك أن موضوع ترسيم الحدود مع إسرائيل هو موضوع تقني يجب أن يتحقق حتى لا يبقى قميص عثمان، وهو يريح لبنان عندما يقرر أن ينقب عن النفط والغاز بالبلوكات اللبنانية، وهذا ما يجب أن يتحقق لمرة واحدة ونهائية. المفارقة هنا والدجل أن الحزب الممسك بقرار الدولة اللبنانية ويغطيه التيار الوطني الحر، ذهب إلى مفاوضة إسرائيل والأمريكيين قبل الحكومة اللبنانية، إذا كان رئيس الجمهورية عارفاً فمصيبة وإذا لم يكن عارفاً فالمصيبة أكبر. وقد أخبرنا الرئيس نبيه بري أن المفاوضات انتهت منذ شهرين، واختاروا التوقيت المناسب ليبيعوا هذه الخطوة للأمريكيين. وأظن أن المفاوضات التي تحصل الآن لن تعرقل إذا ما اصطدمت بمصالح إيران، واللافت أن حزب الله عندما يتحاور مع إسرائيل والولايات المتحدة يلتزم حتى النهاية، لأنه يهمه تحسين صورته أمامهم بأنه مطيع".
لا يحترم نفسه من يفبرك الشائعات
وعن الشائعات التي تروّج عن تسليح القوات اللبنانية وتجهيز 15 ألف مسلح وتخزين السلاح في الأديار، يقول واكيم:"كل مرة يريد أحد ما أن يغطي شيئاً "يقوّص" على القوات، وهذا ما يزيدنا قناعةً بأننا نسير على الطريق الصحيح، نحن لا نبيع ولا نشتري ولا نقبل بالمساومة، وهم يعرفون أن موقنا السياسي ثابت واستراتيجي، ومهما كان مشروعهم للبنان يعرفون أنه بوجود القوات لن يمر. هذا يزعجهم ويهمهم أن تزول هذه العقبة، فيعمدون إلى تشويه صورتها وهذا أمر قديم بدأ به النظام السوري وركب موجته التيار الوطني الحر ويستمر فيه الآن حزب الله، وهو يراقب ويطلع على استطلاعات الرأي ويعرف أن الرأي العام المسيحي يتحول إلى الثورة من جهة، وإلى حزب القوات الإصلاحي من جهة أخرى، وبالتالي يتخوّف الحزب من فقدان التيار الوطني الحر لقدرته التمثيلية وخسارته الغطاء المسيحي لسلاحه. وإذا كسبت القوات أصوات المسيحيين وباتت كتلتها النيابية كبيرة فستكون حجر عثرة لمشروع الحزب، لذلك هم يستهدفون القوات بشائعات يفبركونها بغرفهم السوداء، بدليل أن الشائعة الأخيرة عن تخزين السلاح في الأديار استهدفت القوات والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي يتمتع بثقل سياسي وباحترام دولي وعربي، وهو ركن أساسي في عملية بناء الجمهورية اللبنانية، حتماً لا يحترم نفسه من يفبرك هذه الأخبار ويروجها".
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1