السياسة التركية بين علمانية الدولة والإرث العثماني

وكالة أنباء آسيا - زهراء أحمد

2020.10.27 - 10:06
Facebook Share
طباعة

 لا شك أن السياسة التركية متقلبة بحسب مراحلها التاريخية، التي كانت تعبر عن سياسات كانت تعتمد في بداية الأمر، على سياسة عدم المواجهة مع مختلف الدول العربية الآسيوية، والدخول في استراتيجيات مزدوجة مع روسيا وإيران والصين، مما زاد من أهميتها الجيوسياسية. الأمر الذي حير الأوروبيين في طريقة التعامل معها، فهم لا يريدون عضويتها الكاملة في الإتحاد ، بل شراكة مميزة معها على عكس ما تسعى اليه تركيا. وعلى الرغم من مرور تسعة عقود تقريبًا على تأسيس تركيا الحديثة والإصلاحات التي نفذت خصوصًا مع حزب العدالة والتنمية، في مجالات حقوق الانسان والأقلية الكردية، وقضية الأرمن ،وقضية قبرص، العلاقة مع اليونان ،دور الدين في الدولة، والحد من سلطة المؤسسة العسكرية من التدخل في مؤسسات المجتمع المدني، فإن مقومات تركيا السياسية الإجتماعية والإقتصادية لا تزال تختلف بشكل بارز عن نظيراتها الدول الاوروبية وبالأخص التي تعد دولاً أساسية في الإتحاد الأوروبي .

إن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هي أكبر وأوسع من المصالح الأمنية والاقتصادية المتبادلة، وترتبط بالتعامل والتقابل بين نظرتين للعالم وهويتيَن مختلفتَين. أي أن العامل الديني يمثل عائقًا جديًّا وحقيقيًا أمام انضمامها إلى الاتحاد. 

وبعد انتهاء الحرب الباردة في مطلع التسعينات أهملها الجانب الأوروبي، لانشغاله بتطوير نوع جديد من السياسة الأمنية والدفاعية في إطار الوحدة الأوروبية، لكن تركيا على الرغم من ذلك، حرصت على إبقاء الإرتباط مع  الأمن الأوروبي في أطره الدفاعية والأمنية، ولكنها أدركت أن عليها أن تغير سياستها الخارجية وتوسع نفوذها وتدخل الملعب شرق الأوسطي من أوسع ابوابه وتصبح رقماً مهماً

في معادلة الصراع. فهي تحاول من خلال ليبيا وسوريا أن تتواجد في الضفة الأخرى لها، أي أن تكون على نهايات الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وتضع لها موطئ قدم مع ليبيا. وهي في البحر الليبي دولة غير مجاورة أو مقابلة من أجل أن تعزز موقفها التفاوضي على غاز ونفط البحر المتوسط، إلى جانب مصر ولبنان وفلسطين لإيصال رسائل لأوروبا أنها موجودة على القرن الأفريقي  وفِي شواطئ البحر الأبيض المتوسط وفي شمال العراق، لتنفيذ أجندة حان وقتها بعد الربيع العربي 

”أجندات الإخوان“ وخير مثال ما جرى في مصر بعد يناير 2011 ،والذى ساهم أردوغان بدعم الاخوان لهم بنسبة كبيرة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يضع فى حساباته تداخل وتشابك المصالح الدولية في المنطقة والأداة - جماعة الإخوان المسلمين- فهي تمثل ما يعتقد أنها واجهة دينية لجذب مشاعر المسلمين نحوه، بالإضافة إلى كونها تمتلك تنظيماً ممتد الأطراف فى العديد من دول العالم، الذى يعتمد عليه الاحتلال التركي للمنطقة فى الانتشار بين الجماهير لتبرير سياساته وتدخلاته في المنطقة. 

تدخلات أنقرة في شؤون بعض الدول العربية خصوصاً في ليبيا وسوريا والعراق، والأزمة في دول الخليج مع النظام القطري ووقوفها مع الدوحة  لدوافع تبدو آيديولوجية، وأحلام باسترداد الخلافة  ليس في هذه الدولة فحسب، إنما في كثير من الدول العربية، فهي تدعم مليشيات مسلحة تلعب دور الحرب بالوكالة ليثبت أردوغان للعالم أن تركيا دولة عظمى، لها وزنها في الصراعات الإقليمية. لكن تدخل تركيا في ليبيا هو الذي سوف يكشف نوايا تركيا الحقيقية، وبالضرورة سينعكس ذلك على أهدافها الحقيقية من التدخل في شؤون الدول العربية، ولسوف يثبت للعالم أن تركيا لها أطماع كبيرة في المنطقة وأن كل خطابات الدفاع عن الإسلام تسقط عندما يتفوه بها المطبع الاول مع العدو الصهيوني. 

منذ عام  1949 أصبحت جمهورية تركيا أول بلد ذات أغلبية مسلمة يعترف بالكيان الصهيوني، ومنذ ذلك الوقت أصبحت اسرائيل  المورد الرئيسي للسلاح لتركيا، إذ أن هناك تعاون مهم بين البلدين في المجالات الدبلوماسية والاستراتيجية والعسكرية، فهناك مستشارون عسكريون إسرائيليون في القوات المسلحة التركية. وتقوم تركيا بشراء العديد من الأسلحة منها، وكذلك تقوم  إسرائيل بتحديث الجيش التركي من دبابات وطائرات حربية.

ويتفق البلدان حول الكثير من الإهتمامات المشتركة والقضايا التي تخص الإستقرار في المنطقة، ففي عام 2005 قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بزيارة مهمة إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء ارييل شارون وقام بوضع إكليل زهور على قبر ثيودور هرتزل. 

المصالح الإقتصادية والأمنية والإستراتيجية  التاريخية العميقة بين أنقرة وتل أبيب هي الأهم في المنطقة، لذلك فإن السلطان التركي يغض النظر عن كل جرائم الكيان الصهيوني، وقد يكتفي بكلمة إعلامية وتصريحات رنانة لحفظ ماء الوجه، فلم يسجل التاريخ موقفاً تركياً حازماً تجاوز هذا المستوى.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10