"الصحة"السورية تؤازر الصيدليات ضد الجمارك "لعدم الاختصاص": 60% من الأدوية الأجنبية مهرّبة ومزورة!

نور ملحم _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.10.24 - 09:03
Facebook Share
طباعة

 تعج الصيدليات السورية بالأدوية المهربة تحت مسمى "الأدوية الأجنبية"، ويتم الترويج لها من قبل أطباء وصيادلة لجني ربح كبير، ليقع المواطن في نهاية الأمر ضحية بعض الشراكات بين الصيدلي والطبيب، وكثيراً ما يلاحظ أن الصيدليات التي تلجأ إلى بيع الأدوية المهربة تتخذ أماكن مخصصة تعتمد على التصريف السريع، خاصة القريبة من المشافي، أو في المناطق الراقية، حيث يزداد الطلب على الأدوية الأجنبية.

محال تجارية !..

أكثر الصيدليات العاملة في الوقت الحالي تحولت إلى مجرد محال تجارية بحسب ما أكده الصيدلاني زياد حمدوش في تصريحه لوكالة الأنباء آسيا، مبيناً في ظل فقدان أنواع كثيرة من الأدوية ليس للمريض حل سوى الدواء الأجنبي المهرب، والذي أصبح يُكتب ضمن الوصفات الطبية كبديل بسبب غياب الرديف من الدواء الوطني، الأمر الذي يجعل الطبيب يوجه أنظاره أولاً نحو الدواء الأجنبي والذي يتم تأمينه عبر قنوات التهريب، مثل أدوية مرضى القلب والسرطانات والأمراض العصبية، وغيرها من الأمراض التي تستلزم صناعة دوائية لا تحتمل الخطأ والتلاعب في إنتاجها.

وفي سياق متصل، تشير صاحبة صيدلية عبير (مقرها منطقة المزة بدمشق) في تصريحها لوكالة أنباء آسيا إلى أن المستودعات خففت كميات البيع بشكل كبير على الرغم من وجود مخزون لديها، وذلك بسبب عدم استلامها أدوية من المعامل، "فعندما نطلب عشر قطع من دواء معين، يسلموننا على الأكثر قطعتين، وهذا طبعا لا يكفي، لذلك نلجأ إلى التعامل مع بعض الأشخاص لتأمين الأدوية البديلة، مبينةً أنه لا يتم إحضار هذه الأدوية إلا في حال الطلب ودفع نصف القيمة بسبب لسعرها المضاعف عن الأدوية المحلية .

قرار الصحة.. للجمارك

وزارة الصحة أصدرت قراراً بعدم مداهمة الصيدليات ومستودعات الأدوية المرخصة أصولاً من قبل الضابطة الجمركية، وبررت الصحة قرارها بأن عناصر الجمارك الذين يدخلون إلى الصيدليات أو المستودعات يصادرون الأدوية الأجنبية دون أن يعرفوا إن كانت نظامية أو مهربة، معتبرةً أن الصلاحيات الممنوحة قانوناً لوزارة الصحة ومديرياتها ولجانها المشتركة المختصة تستطيع التمييز جداً بين الدواء المهرب غير النظامي والدواء المستورد أصولاً.
"آسيا" حاولت التواصل مع وزارة الصحة لمعرفة الدافع وراء القرار الآن، لكن الوزارة رفضت التعليق، معتبرةً أن القطاع الدوائي حساس، متجاهلةً أن الحساسية الأكبر تكمن في الفلتان الكبير الحاصل في قطاع الدواء، وبالأخص بعد معرفة أن 60% من الأدوية الأجنبية التي تباع في الصيدليات تدخل عن طريق التهريب، وذلك على خلفية الجدالات الحاصلة ما بين البنك المركزي والعاملين في القطاع الدوائي حول تأمين القطع الأجنبي بالسعر المدعوم، وهو ما أدى إلى إضراب المعامل عن الإنتاج، حيث أغلقت خطوطها بسبب تسعير الدواء وفق سعر صرف منخفض جداً للدولار، حتى أن بعض الأدوية مسعرة وفق سعر الصرف 200 ليرة، أي أقل بعشر مرات من سعرها الحقيقي كما يقول أصحاب المعامل، ولذلك انتهى المطاف بتأمين الدولار من السوق السوداء .

الجمارك تعلق ...

بالمقابل، يشير مصدر مسؤول في الجمارك، في تصريح لوكالة أنباء آسيا إلى أن القرار ينص على منع الدوريات الفردية على دخول الصيدليات والمستودعات بعدما تم ضبط عدد من المستودعات والصيدليات بسبب بيعها بضائع وأدوية مهربة، أغلبها ذات منشأ تركي تصل غرامتها إلى أكثر من 500 مليون ليرة سورية.
وبحسب المصدر، تم حجز كمية أدوية بشرية ومستهلكات طبية منتهية الصلاحية مهربة في مستودع في دمشق ،وقدرت قيمة البضاعة بأكثر من 200 مليون ليرة سورية، حيث تم تحويل المهربين إلى القضاء المختص، وتغريمهم بمبلغ 100 مليون ليرة سورية.

وأوضح المصدر "ربما يجب تشكيل لجنة مكونة من الجمارك والصحة من أجل حل هذا الموضوع، ولكن ريثما يتم تشكيل لجنة من دائرة الرقابة الدوائية في مديرية الصحة يكون المهرب قد أخفى أدويته، لذلك يحتاج الأمر إلى سرعة ودقة، وليس وضع العمل في خانة صلاحيات الصحة، وإصدار قرارات ارتجالية" مضيفاً أنه "يبدو أن وزارة الصحة لديها رغبة بأن تعم الفوضى أكثر في هذا القطاع" .

الصحة العالمية تؤكد الظاهرة ...

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أجرت مؤخرا دراسة على الأدوية المهرّبة التي تُباع على الأراضي السورية، فتبين بموجب التحاليل المخبرية أن 60% منها خالية من المادة الفعالة، وأنَّ 17 %من تلك الأدوية تنقصها المادة الفعالة، وأنَّ 7 % منها تحتوي على 50 % فقط من المادة الفعالة، في حين أن 16 % من هذه الأدوية تشتمل على مواد فعالة مغايرة.

وهناك بعض الأدوية تصل إلى سورية عبر سائقي الشاحنات التي تسافر من وإلى الدول الجوار في إطار التبادل التجاري، فعندما يعودون يحملون معهم هذه المادة الدوائية في "تابلوه" الشاحنات أو في مستودعها القريب من المحرك، أو في الدواليب الاحتياطية.

أرباح تتجاوز 200%

باتت الأدوية المهربة تباع في الصيدليات بشكل علني، وقد تصل الأرباح من 100 إلى 200 %، وهو ما جعل الصيدلي يعمل على تسويق هذه المستحضرات.

نقابة الصيادلة أطلقت حملة توعية وأمان لمكافحة الدواء المهرب، لتوجيه النظر إلى أنه غير آمن وغير مراقب.

وبحسب جواب النقابة لوكالة أنباء آسيا حول موضوع الأدوية المهربة، بينت أن "الأدوية المستوردة مراقبة، ولكن الأدوية التي تدخل بدون إذن شرعي وبدون مراقبة هي مزورة وتعتبر خطيرة على المستهلكين في السوق المحلي".

وشددت الدكتورة وفاء كيشي، نقيبة الصيادلة في بيانها على أن المخالفات يجب ضبطها من قبل الجهات المختصة، وذلك بمنع التهريب، وهذا الأمر يخضع لعقوبات شديدة لأنه يعتبر تهريب مواد سامة، فالمواطن لا يعي مدى خطورة الدواء المهرب لعدم معرفته بالتركيبة المكون منها، لأنه قد يلجأ لأخذ نوعين من الدواء في آن واحد وتحدث له تداخلات سلبية قد تصل إلى حد الوفاة أحياناً.

وكان قد صدر خلال العام الماضي العديد من التعاميم لمديريات الصحة، للتأكد من عدم وجود وتداول المستحضرات الدوائية المزورة أو المهربة، ولكن هذه التعاميم ليس لها دور كبير في ظل دوريات الرقابة الضعيفة، وعدم وجود ضبط فعال لسوق الأدوية، ما جعل الفلتان عنواناً له خلال سنوات الحرب.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10