مياه ملوثة تسمّم الآلاف بريف دمشق: المسؤولون يستبعدون عملاً مقصوداً ويغرقون في اللجان!

نور ملحم _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.10.22 - 06:55
Facebook Share
طباعة

 " الماء هو الحياة"، هذه المقولة لم تعد حقيقة في ريف دمشق، بعدما تم تسجيل أول وفاة لطفلٍ عمره خمسة أشهر، نتيجة تلوث المياه في العديد من المناطق السكنية. حالة من الرعب يعيشها أهالي المحافظة التي تضم 28 مدينة و180 قرية على مساحة 18 ألف كم2، ويقطنها حوالي 2.487 مليون إنسان، بحسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء، وهو نفس الرعب الي عايشوه عام 2008، حيث أطلت مشكلة تلوث المياه برأسها بثوب مختلف لتنشر مرض اليرقان المعدي بريف دمشق، وأصيب في ذلك الوقت حوالي 700 مواطن؛ غالبيتهم من الأطفال، بحسب رصد المركز الصحي ومخابر تحليل خاصة بالمنطقة .

3 ألاف إصابة..

تعدّت الإصابات جراء تلوث المياه في محافظة ريف دمشق 3 آلاف إصابة لمواطنين راجعوا جميعهم المراكز الصحية وهم في حالة إسهال مزمن وإقياء. ورجّحت الجهات الصحية أن السبب هو تلوث مياه الشرب في المنطقة، فيما أكد مدير صحة ريف دمشق، ياسين نعنوس، في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، أنه يتم إجراء تحليل للمياه لتحديد سبب الإصابات.

وبحسب نعنوس، "تم إرسال عينات من مياه الشرب إلى مخابر وزارة الصحة بالتنسيق مع وحدة مياه المنطقة والبلدية، وأوضح أنه في حالة الإصابات الكبيرة (كما في المعضمية) تتجه المؤشرات إلى تلوث بالمياه".

وأضاف نعنوس أنه "تم قطع المياه عن المنطقة كإجراء احترازي، وأُفرغت الخزانات من المياه، وتم تأمين مصدر بديل لمياه الشرب عبر الصهاريج، كما تم تزويد المركز الصحي بالأدوية اللازمة لمعالجة هذه الحالات".

ازدياد الحالات خلال السنوات الماضية
وفقاً لإحصائيات حصلت عليها وكالة أنباء آسيا، تبين قوائم الأمراض السارية المبلّغ عنها لدى وزارة الصحة، ارتفاعاً في حالات الإسهال الحادة الناجمة عن مياه الشرب في ريف دمشق من 50 ألف حالة عام 2018 إلى 80ألف حالة عام2019، أي بزيادة 30ألف حالة، وهذه الحالات هي فقط التي يبلغ عنها لدى الجهات الرسمية، ويعادلها تقريباً رقم مشابه لدى الجهات الخاصة من مستشفيات وعيادات، وتؤشر القوائم أيضاً إلى ارتفاع حالات التهاب الكبد الفيروسي في ريف دمشق من 2000 عام 2018 إلى 6000 حالة عام 2019 نتيجة تلوث مياه الشرب .

المحافظ يعترف بتلوث المياه..

بالمقابل، يؤكد محافظ ريف دمشق، علاء منير إبراهيم، أن عدد حالات التسمم نتيجة المياه الملوثة في المعضمية فقط ، وصلت إلى 2600 حالة، وفي داريا 110 حالات.

وبيّن في تصريح لوكالة أنباء آسيا أنه تم تشكيل لجنة لمعرفة مصدر تلوث المياه في المعضمية وداريا برئاسة معاون قائد الشرطة، و"سوف يقدم التقرير خلال 72 ساعة حول مصدر تلوث المياه، إن كان من الآبار، أو من خط المياه".

ولفت إبراهيم، إلى أنّ "الشكوك تدور حول أن يكون التلوث ناجماً عن الصرف الصحي، لكون الجراثيم الموجودة في المياه الملوثة ليست قاتلة، إلا أنها تسبب حالات من الإسهال والإقياء التي يتأثر بها الأطفال، في حين أن الكبار لا يشترط أن يتأثروا كلهم بالتسمم". وأكد إبراهيم أنّ "التلوّث، وفق المعلومات الواردة، ليس ناجماً عن فعل بشري مقصود، حيث أثبتت نتائج تحاليل العينات التي أخذتها مديريتا الصحة والمياه، أن نسبة مادة الكلور في المياه سليمة، مضيفاً أنه تم تحويل منهل مياه جديد سليم مئة في المئة لأهالي المعضمية وداريا من خارج المصدر الرئيسي".

وكانت منطقة وادي بردى التابعة أيضاً لمحافظة ريف دمشق، شهدت تسجيل عشرات حالات التسمم الناجمة عن شرب مياه غير صالحة للشرب في شهر كانون الأول من العام الفائت، وسجلت قريتا جديدة الشيباني وأشرفية الوادي حينها نحو 100 حالة من التسمم، (التهاب معوي حاد مصحوب بحالات إقياء وإسهال)، وكان السبب في ذلك الحين ناجماً عن شرب مياه آبار، يشتبه بأنها ملوثة.

إيقاف خدمة الآبار ...

من جهته، أكد ،المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي المهندس سامر الهاشمي، في تصريحات لوكالة أنباء آسيا أنه "تم إيقاف الخدمة في جميع الآبار التي تم الشك بأمرها، والتي مصدر تخزيتها منطقة الربوة، لافتاً إلى تأمين مصدر آخر للشرب ريثما تتم معالجة الآبار المشكوك بها، من خلال لجنة خاصة للكشف عن الموضوع . في المقابل، اشتكى أهالي ريف دمشق لوكالة آنباء آسيا من أن صهاريج المياه التي خصصتها البلدية هي أحد أسباب التلوث، وأن شبكة المياه التي تغذي المنطقة متداخلة مع شبكة الصرف الصحي، وامتنع الأهالي عن استخدام المياه خوفاً من الإصابة بالتسمم، مكتفين باستخدامها في الغسيل فقط.

وتعاني العديد من مناطق ريف دمشق مشكلات في مياه الشرب، تشمل نقص الكميات التي يحصلون عليها، فضلا عن التلوث الناجم عن اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه شبكات الشرب، كما أن الصهاريج لا تقوم بتوزيع المياه على جميع الأهالي، والأهم أنها لا تعمل بالمجان كما يشاع، فهذا الوقت يتيح لها الربح بشكل أكبر لقاء بيع المياه للمواطنين.

وكانت قد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة من أن الأطفال معرضون لخطر الإصابة بأمراض موجودة بمياه العاصمة السورية دمشق، حيث يعاني 5.5 مليون شخص نقصا شديدا بالمياه، لذلك يلجأ سكان المنطقة إلى شراء مياه مجهولة المصدر من موردين خاصين وبأسعار عالية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8