مسؤولون سوريون يكشفون لـ "آسيا" حجم الخسائر الناجمة عن الحرائق.. وخبير يشكّك بالأرقام و"النوايا"!

نور ملحم _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.10.12 - 10:14
Facebook Share
طباعة

بين أشجار البرتقال والليمون التي أكلتها النيران، يمشي أبو سليمان متفقداً رزقه المتفحم بعد الحرائق الضخمة التي أصابت المنطقة، يمسك الرجل الستيني، بالأغصان المحروقة بفعل النار ويقول بحزن "هذا أسوأ ما يمكن أن يحصل معنا بعد الحرب، نحن منكوبون، خسرنا الكثير دون أن يسأل عنا أحد من المسؤولين أو حتى الحكومة، التي لا نسمع صوتها ولا نرى إطلالتها إلا عبر القنوات الرسمية. 

لن ننسى ...

يمسح دمعته الممزوجة بدخان الحرائق ليكمل حديثه لوكالة آسيا "لن ننسى أبداً السياسات التي كانت تمارس ضدنا لهدم زراعتنا من أجل تسهيل عمل بعد التجار بهدف الاستيراد، واليوم اكتملت المصيبة واحترق كل شيء، فليفرح تجار الحرب بثروات جديدة بعدما دمرت ثرواتنا الوحيدة" 

مدير الزراعة: معظم موسم الحمضيات تضرر 

مساحات واسعة من أشجار الليمون والبرتقال  والزيتون تروي الكثير عن فخر زراعات الساحل السوري، المتميزة باخضرارها وكثافة ورقها ووفرة ثمارها، حتى إن مصادر في المحافظة قدّرت الإنتاج لهذا العام، بما يزيد على مليون ومئة ألف طن من الحمضيات المتنوعة. 

يؤكد المهندس منذر خير بيك مدير الزراعة في اللاذقية في تصريح لوكالة أنباء آسيا أن سورية تحتل المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات بعد مصر والمملكة المغربية، كما تحتل المرتبة السابعة على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط في إنتاج الحمضيات، وتحل في المرتبة 20 عالمياً. 

ويضيف خير بيك يبلغ إنتاج الحمضيات في سورية نحو مليون طن سنوياً تزيد أو تنقص قليلًا حسب المواسم والأمطار والعوامل الجوية، حيث يقدر هذا الإنتاج بـ 1% من الإنتاج العالمي السنوي من الحمضيات البالغ 100 مليون طن في كل عام.

وتقدر إحصاءات وزارة الزراعة السورية أن نحو 65 ألف أسرة سورية تعمل في زراعة الحمضيات، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في سوريا نحو 35 ألف هكتار، تحتوي هذه المساحة عن 13 مليون شجرة، منها 11 مليون شجرة تثمر سنوياً، وما يميز الحمضيات السورية أنها خالية من الهرمونات، وتعتمد في نضوجها على العوامل الطبيعية، ولكن معظمها تضرر واحترق بحسب مدير الزراعة . 

يروي علي العلي مشاهداته لوكالة آسيا بعدما أخمد النار في بستانه ، كيف جلس يراقب أحد أصحاب البساتين وهو يحاول أن يجمع بعض ثمار بستانه، التي وصلتها النار المشتعلة، إنه مشهد يصوّر الكثير من الأسى في ظلّ غياب أية إجراءات حقيقية للحكومة.

ويتابع العلي: "المسؤولون يزورون بعض القرى أحياناً، وبعد حدوث المصيبة يلتقط الإعلام الرسمي الصور اللازمة، ويمضون كأن شيئاً لم يكن، فيما يصل الفلاحون الليل بالنهار لتعويض خسائرهم وإيفاء ديونهم التي تجمعت على أمل أن يتم إيفائها بعد بيع الموسم، ولكن لا موسم ولا مال هذا العام، ولبضعة أعوام قادمة، فالكارثة وقعت على الجميع".

عشرات آلاف العائلات في الساحل السوري انتظرت موسم الحمضيات والزيتون لتأمين مستلزماتها، دون جدوى، مصطفى الذي كان يعوّل على الموسم الحالي لجمع مبلغ كاف للزواج، وإعادة القليل من الفرح إلى قلب أمه المهموم منذ استشهاد أخيه في ريف حلب، حُرم هو الآخر من هذه الفرحة رغم محاولته إطفاء النار التي وصلت لمنزله .

محافظ اللاذقية: 30 ألف عائلة تضررت 

محافظ اللاذقية، إبراهيم خضر السالم، أكد في تصريحه لوكالة أنباء آسيا إنّ العائلات المتضررة بلغ عددها 30 ألف في 143 قرية، في مناطق القرداحة، وجبلة، واللاذقية، والحفة .

وبيّن السالم، أن الحرائق طالت منازل المواطنين في بعض القرى، ما اضطرهم إلى هجرها مؤقتاً، والانتظار في أقرب مكان آمن، كما ألحقت الحرائق أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية  .

 الزيتون أصابه ما أصاب الحمضيات، نكبة كبيرة حلّت بمزارعي الزيتون في الساحل، بعدما كان جزءاً أساسياً من الاقتصاد الوطني، باعتبار سورية احتلت المرتبة الثانية عربياً، بعد المغرب في إنتاجه، فحرق كروم الزيتون اليوم قبل قطاف الزيتون مباشرة يتكامل مع حرق حقول القمح قبل جني محصول القمح، وكل ذلك يتكامل مع سرقة الأمريكيين للنفط السوري، وتفجير مرفأ بيروت الذي كان أحد محطات التجار السوريين للالتفاف على العقوبات الأمريكية، حيث أكد وزير الزراعة حسان قطنا في تصريح لوكالة أنباء آسيا  أن عدد الحرائق خلال الأيام الثلاثة التي اندلعت بها 96 حريقاً في اللاذقية و62 حريقاً في طرطوس و13 حريقاً في حمص

لافتاً إلى إن مجموع المساحات المتضررة فكانت وفقاً للمعطيات الرسمية 4500 هكتار أراضٍ حراجية في المحافظات الثلاث أي بنسبة 6’9% من إجمالي مساحة الحراج في هذه المحافظات.

.كما وصلت مساحات الأراضي الزراعية المتضررة إلى 6937 هكتاراً ما يشكل 6.7 % من مجموع الأراضي الزراعية في هذه المحافظات..أي مجموع المساحات المتضررة 11448 هكتاراً وبنسبة 5.9 % من مجموع المناطق الزراعية والحراجية في المحافظات الثلاث .

وأشار الوزير إلى أن أضرار محافظة اللاذقية بلغت 5000 هكتار أراضي زراعية أي بنسبة 4،71% و3500 هكتار أراضي حراجية أي بنسبة 4,11% 

فحين بلغت أضرار محافظة طرطوس قدرت 1822 هكتار أي بنسبة 2% كأراضي زراعية و 886 هكتار أراضي حراجية أي بنسبة 2,8% 

أما محافظة حمص فلم تتعدى أضرار الأراضي الحراجية 125 هكتار و115 هكتار أراضي زراعية 

مبيناً إلى أن غابات اللاذقية تشكل 31% من غابات سورية، وتعتبر الأغنى من ناحية التنوع الشجري والحيواني، لذلك سيكون هناك خطة متكاملة لإعادة تشجير هذه الغابات .

وقال المهندس قطنا: "تم تشكيل لجنة رئيسية برئاسة المحافظ في كل محافظة، ولجنة مركزية على مستوى مدير الزراعة والفنيين التابعين له على مستوى كل منطقة إدارية، وتشكلت أيضا لجنة من الفعاليات الموجودة فيها، إضافة إلى تشكيل عدد كبير من المجموعات على المستوى المحلي لحصر كل الأضرار سواء على المواقع الحراجية أو المنازل أو الأشجار المثمرة"

إحصائيات وهمية!

د. أمجد بدران، الخبير في وزارة الزراعة، أن نسبة الأضرار التي طالت أشجار الزيتون لا تتعدى 12%، وأن ما يروج له يهدف إلى رفع أسعار المحاصيل الناجية من الحريق لا أكثر .

لافتاً إلى أن "الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون تقدر بـ 43 ألف هكتار في محافظة اللاذقية ، وبحسب كلام الوزير فإن الأضرار تقدر بحوالي 5000 هكتار، أي أن النسبة لا تقدر بأكثر من 12% لذلك علينا أن نفرق بين الأذى لبعض الفلاحين الذي طال كامل رزقهم، وبين الأثر على رفع سعر زيت الزيتون على مستوى البلد."
ضرب الأمن الغذائي ..

تعتبر شجرة الزيتون مصدر رزق لكثير من أهل الساحل، بحسب ما أشار إليه المحلل الاقتصادي د. سنان علي ديب، حيث تشكل شجرة الزيتون ما يقارب 66% من إجمالي الأشجار المثمرة في سورية، وتغطي ما يصل إلى نحوِ 11.5% من المساحة المزروعة فيها .

ويضيف علي ديب أن الفاعل الحقيقي له نية سيئة حول ضرب الأمن الغذائي للشعب السوري، فبعدما أحرقوا المحاصيل الزراعية في الجزيرة، اليوم أشعلوا النار في الجبال الخضراء لتكتمل معهم الغاية، حيث تمد الزراعة في الساحل سورية بكل ما تطلبه من محاصيل ذات قيمة اقتصادية و حاجة يومية، وتنتظر منذ سنوات دعم الحكومة لتلك المحاصيل وتسويقها لتكون دعامة قوية لاقتصاد داخلي عبر تحقيق اكتفاء السوق،  وخارجي كمواد أساسية في الصادرات السورية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7