في سورية.. الذهب الأبيض يحلق عاليا .. و الصناعة النسيجية في حالة موت سريري!

زينا صقر - دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.09.24 - 04:38
Facebook Share
طباعة

 "مصائب قوم عند قوم فوائد".. هذا ما قاله لنا المثل القديم، أما المصائب فباتت من عاديات المواطن السوري ، فلمن ستعود تلك "الفوائد" إثر ارتفاع أسعار الذهب الأبيض في ظل مرحلة اقتصادية عصيبة يعيشها الشعب، و التي لم تبقِ له فتحة للتنفس حتى. فالصناعة الوحيدة التي ما زالت أسعارها "مقبولة نوعا ما"، بالنسبة لذوي الدخل المحدود، في طريقها للحاق بسابقاتها لتحط بوزر تداعياتها الكارثية على جيب المواطن الفارغة أصلا، فهل من مجيب لنداءات أصحاب المصانع بأن هذه القرارات مرفوضة جملة و تفصيلا؟

عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب، محمد زيزان يقول في تصريح لوكالة أنباء آسيا إن وضع المصانع أكثر من كارثي، فحالة مصانع النسيج يرثى لها، في ظل الحصار الجائر على سورية. واصفاً ما تمر به الصناعة النسيجية السورية ب"الموت السريريّ، "فالمصانع تبيع للأسواق الداخلية فقط, و التي بدورها لا تحتمل أي غلاء للأسعار، و الآن أتى قرار رفع أسعار القطن كالصاعقة بالنسبة لنا" .

يتابع :" هذا الغلاء أتى بنسبة ٥٠%، و الذي طرح تساؤلا كبيراً من قبل الصناعيين الآن كيف لنا أن نعمل، فهذه النسبة من الزيادة لا تتناسب و دخل المواطن، بالإضافة الى النوعية غير الجيدة الموجودة حالياً في كل المعامل، و أفضلها حالياً شركة حماه، و لكنها _رغم جودتها_ لا تضاهي الخيط المستورد".

رئيس لجنة الألبسة و لجنة المصدرين، يؤكد بأن زيادة سابقة للأسعار حصلت في شهر حزيران من العام الحالي، و كانت غير مقبولة بالنسبة لنا، و الآن بزيادة ٥٠% مرة ثانية بفارق ٣ أشهر فقط، لم يبقَ أمامنا سوى اللجوء الى إدخال البوليستر إلى الصناعة النسيجية، و الذي يعتبر مؤذي للبشرة، بدلاً من استخدام القطن .

و بحسب زيزان "إن القطن المتواجد في مناطق سيطرة الدولة السورية، يكفي للإنتاج المحلي، كوننا لا نصدر إلى الخارج، و الدولة السورية ليست بحاجة لتسوية مع "قسد"، لأن القطن متواجد أصلا في مستودعاتها بكميات كبيرة تكفي و تفيض عن حاجة الإنتاج الحالية الضئيل نسبياً، هذا بالإضافة الى تلف نسبة كبيرة منه و التي أصبحت غير صالحة للاستخدام" .

زيزان ختم حديثه بأن توقيت قرار رفع أسعار القطن لم يكن مناسباً، معتبراً بأنه سيؤثر على صناعة النسيج، و ربما سيؤدي بعجلة الإنتاج الى التوقف لفترة ليست بقصيرة، و بالتالي هذا تشجيع صريح لعملية التهريب بدلا من دعم الصناعيين، لأن البضائع المهربة ستكون أكثر جودةً بطبيعة الحال، ما ينعكس على الاقتصاد بشكل سلبي . منوهاً إلى أنهم في غرفة صناعة حلب وجّهوا أكثر من كتاب تساؤل، و لكن لم يكن من مجيب. بحسب تعبيره.

بدورها وزيرة الاقتصاد السابقة، الدكتورة لمياء العاصي، رأت بأن الدولة رفعت سعر الخيوط القطنية، تماشياً مع رفع سعر كيلو القطن للمزارع ، ولكن ارتفاع الخيوط أتى بأعلى من رفع سعر القطن للمزارعين . مشيرةً إلى أن الدولة لديها منتج، وتريد أن تحصل على الكلفة لهذا المنتج، ومقدار من الربح ، هذا تفكير سليم ، عندما تفكر الدولة كتاجر بالربح والخسارة . ولكن لدى الحكومة التزامات أخرى أولها المنافسة مع دول أخرى منتجة ومصدرة للخيوط القطنية مثل تركيا، الهند، الصين، وغيرها ... فهل تستطيع المنافسة ؟
تجيب: إذا رفعت أسعار الخيوط القطنية, فالنتيجة أن المنتج المحلي سيصبح أغلى وأقل جودة من مثيلاته من المصادر الأخرى، وإذا فرضنا أن الحكومة منعت استيراد الخيط القطني, "فالبركة بالتهريب الذي يغزو الأسواق ..وبرغم كل التهديد والوعيد للتهريب، مازال موجوداً وبقوة" . حسب تعبيرها .

و وصفت عاصي الوضع الاقتصادي الحالي بأنه حالة من "الركود التضخمي" من جهة الأسعار لكل السلع التي ارتفعت بشكل جنوني. بنفس الوقت، تضاءلت القدرة الشرائية لعموم الناس، وتآكلت القيمة الشرائية لليرة، وباتت دخول الناس عاجزة عن شراء المواد الغذائية، فكيف سيكون هناك طلب على الألبسة القطنية، ف" ارتفاع أسعار الخيوط القطنية سينعكس مباشرة على الصناعة النسيجية، وبالتالي على صناعة الملابس، فتزداد أسعارها، مما سيثقل كاهل أرباب الأسر وارتفاع أسعار الملابس سيكون حتمياً نتيجة ارتفاع أسعار الخيوط والغزول". بحسب قولها .

الباحثة الإقتصادية قالت لآسيا: " بما أن الحكومة لم تحسم الجدل القائم بين التجار والصناعيين بشأن اعتبار الأقمشة مواد أولية، وتخضع لتخفيض الرسوم الجمركية؛ ارتفاع أسعار الخيط المحلي يضيف عبئاً جديداً على منتجي النسيج ويجعلهم أمام خيارين؛ أما رفع أسعار الأقمشة التي ينتجونها، وبالتالي فإن الزبائن سيفضلون في هذه الحالة التوجه إلى الأقمشة الأجنبية ( الهندية، التركية ....) طالما أنها منافسة بالجودة والسعر، أو أنهم سيمنون بخسائر جديدة بهذه الحالة. معتبرةً أن الخاسر الأساسي هو الصناعة النسيجية السورية التي تضررت من رفع أسعار الخيط "هذا القرار يجب أن يدرس مع الصناعيين في قطاع الصناعة النسيجية، وأخذ المنافسة العالمية والجودة والقدرة الشرائية للمواطن بعين الاعتبار و من ثم يتم اتخاذ القرار المناسب" .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7