بحجة "مكافحة الفساد".. زيادة في رواتب المسؤولين السوريين تستثني عموم الشعب !

نور ملحم _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.09.23 - 10:04
Facebook Share
طباعة

 في الوقت الذي تلقي الحكومة السورية بوعودها تحت قبة البرلمان عن نيتها العمل على تحسين الواقع المعيشي للسوريين، ورفع أجور وحوافز العاملين في الدولة، صدر مرسومان رئاسيان يقضيان بزيادة رواتب نواب الرئيس وكبار المسؤولين في سورية، ما خلق نوعاً من الصدمة، وموجةً من التساؤلات لدى الشارع السوري حول مسببات القرار ومبرراته، في الوقت الذي يئن فيه عموم السوريين تحت وطأة الفقر والجوع، مقابل شريحة من المتنفذين والفاسدين – وبينهم مسؤولين- ممن يتهمهم السوريون بالاستحواذ على خيرات البلاد وثرواتها على حسابهم، ولم يُعرف يوماً عن أحدهم بأنه يعاني في سبيل تأمين متطلبات حياته، أو مواجهة ما يواجهه السوريون من ظروف معيشية واقتصادية قاهرة.  ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تحذر المنظمات الدولية من حدوث مجاعة في سورية شبيهة بتلك التي تعانيها الصومال، في حال بقيت الأحوال على ما هي عليه .  وبحسب المرسومين اللذَين اطلعت عليهما وكالة أنباء آسيا، فقد تم رفع راتب نائب رئيس الجمهورية إلى 233 ألف ليرة سورية، فيما زاد راتب رئيس مجلس الوزراء ليبلغ 233 ألف ليرة سورية، و رُفع راتب نائب رئيس مجلس الوزراء ليبلغ 200 ألف ليرة .  وقضى مرسوما الأسد برفع رواتب الوزراء في الحكومة إلى 200 ألف، ورواتب المحافظين إلى 153.5 ألف ل س.  وأما راتب رئيس مجلس الشعب فقد بلغ 223 ألف ليرة، بينما رواتب أعضاء المجلس وصلت إلى 139,4 ألف ليرة .  وجاءت زيادة رواتب المسؤولين بينما تشهد الليرة السورية تدهوراً كبيراً أمام الدولار، وفي ظل أوضاع معيشية واقتصادية متردية .  وكان عضو القيادة المركزية في حزب البعث "مهدي دخل الله"، طالب في وقت سابق برفع رواتب المسؤولين في سورية من وزراء ومديرين، زاعمًا أن ذلك يصب في مواجهة الفساد.  وبرر القيادي البعثي بأنه "في الوقت الذي يصل فيه راتب النائب والوزير في لبنان والعراق إلى مبالغ تتراوح بين 9 إلى 18 ألف دولار شهريًّا، فإن راتب مدير عام في سورية يبلغ قرابة 150 دولار فقط، متسائلًا كيف للمدير أن يتدبّر شؤون أسرته بهذا الراتب؟ وكيف يمكن لنائب في البرلمان لا يتجاوز راتبه 100 دولار أن يواجه الحياة ومطالبها، متجاهلاً الإشارة إلى رواتب موظفي الدولة التي لا تتجاوز بأحسن أحوالها 30 دولاراً؟ ويعاني السوريون، وليس مسؤولوهم، صعوبةً في تأمين متطلبات المعيشية ومواجهة الغلاء الفاحش، في ظل ضعف الدخل أمام تدهور الأحوال الاقتصادية، ويشكو موظفو القطاع العام، ومعظم موظفي القطاع الخاص من ضعف رواتبهم مقارنةً بغلاء المعيشة وارتفاع الدولار وعدم استقرار أسعار المواد الغذائية.  الدكتور اليان مسعد، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني، قال في تصريح لوكالة أنباء آسيا إن الوزراء كانوا يحصلون على المبالغ ذاتها، ولكن "في صورة مكافآت ومهمات وغير ذلك". ويضيف مسعد "أنا لا أعترض على المرسوم، فمن الناحية المالية لن تشكل (الزيادة) أعباء كبيرة على الخزينة، لكن من الناحية السياسية والملاءمة السياسية، هناك فئات كثيرة من الشعب تعاني، وخاصةً أصحاب الدخل المحدود، والأمل أن يتم شملهم بزيادة رواتب".  بالمقابل، علق المحامي حسان الوقاف في تصريحه لوكالة أنباء آسيا بأن المرسوم يعيد تحديد الراتب المقطوع لأصحاب المناصب، بمعنى أن أي شخص سيأتي خلال الفترة القادمة سيكون تعيينه وفق الراتب الجديد، مضافاً عليه المهمات.  وبحسب الوقاف فإن هناك حالة من التناقض التام في ظل الزيادات برواتب المسؤولين، في حين لا ينظر إلى الفقراء الذين يتعرّضون لأوضاع صعبة للغاية، بفعل السياسات الاقتصادية، بالمقابل يُطاَلب المواطن بتحمّل الفترة الصعبة الحالية بالصمود والصبر، ولا نرى من يتوجه بالأمر نفسه إلى المسؤولين والحكومة.  ويتساءل: "هل زيادة الرواتب للوزراء والمسؤولين ستحد من صفقات الفساد والسرقات والهدر في المال العام، وهل سيكون ثمة زيادة قريبة لعموم السوريين، أم أنها مجرد وعود ترددها الحكومة بلا طائل.؟"  ومن المعروف أن فترة الحرب شهدت تفشياً للفساد في البلاد، وكان كبار المسؤولين الحكوميين والحزبيين على رأس المتهمين بالفساد، بالتحالف مع رجال أعمال وأثرياء جدد، حيث يتهمهم السوريون بنهب البلاد وإبرام صفقات بملايين الدولارات على حساب الشعب الذي يتعرض لأسوأ أزمة معيشية في تاريخه الحديث، يفتقد خلالها معظم المواد الأساسية الضرورية للحياة، حتى وصل الأمر إلى العجز عن تأمين ربطة خبز، التي طالما تبجحت السلطات بأنها خط أحمر!  وكان متوسط راتب موظف الفئة الأولى قبل الحرب نحو 15000 ليرة بما يعادل 300 دولار عام 2010، بينما أصبح معدل راتب الموظف من الفئة الأولى عام 2020 بمقدار 60000 ليرة ما يعادل 30 دولار، وهو ما يعني أن رواتب الموظفين زادت أربعة أضعاف، فيما زادت تكاليف المعيشة بأكثر من عشرين ضعفاً، وانخفضت قيمة العملة إلى أدنى مستوى لها.  وبحسب دراسات محلية جديدة، تحتاج العائلة المؤلفة من خمسة أفراد ما بين 400 – 600 ألف ليرة سورية بما يعادل 300 دولار أمريكي للأكل والشرب فقط .

 

 

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5