فوضى صحية وأمنية في مخيم الهول: "كورونا" يتفشى.. وجرائم القتل أيضاً

وسام دالاتي – دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.09.19 - 06:53
Facebook Share
طباعة

 يعيش "مخيم الهول"، الواقع إلى الشرق من مدينة الحسكة بحوالي ٤٥ كم، اضطرابات أمنية وصحية متعددة الأوجه، لعل من أخطرها انتشار فايروس "كورونا" بين سكان المخيم الذي مايزال عدد كبير منهم ينتظر معجزة أممية تتمثل بـ "إلزام الدول الأم باستعادة رعاياها من المخيم"، ومع انعدام مثل هذه الفرص، عملت بعض العوائل على محاولة الهروب، وما بين الفشل والنجاح في هذه المحاولات، تكشف التحقيقات التي تجريها "قوات سورية الديمقراطية" بين الحين والآخر عن تورط بعض سائقي صهاريج نقل مياه الشرب المتعاقدين مع المنظمات الدولية النشطة في المخيم، ضمن هذه العمليات.

كورونا.. يتزايد

يقول مصدر طبي تابع لإحدى المنظمات النشطة في "مخيم الهول"، إن أول إصابة مثبتة بـ "كورونا" كانت لامرأة عراقية تقطن في الجناح السابع، وقد سجلت الإصابة قبل أسبوعين من الآن، وعلى الرغم من اتخاذ مجموعة من الإجراءات الطبية من قبل ما يسمى بـ "الهلال الأحمر الكردي"، إلا أن الفايروس يواصل انتشاره بين سكان المخيم، لتسجل ١٢ حالة إصابة بين سكانه، موزعة على الجناحين الخامس والسابع.
يؤكد المصدر لوكالة أنباء آسيا أن "الهلال الاحمر الكردي"، أغلق عدداً من النقاط التابعة له داخل المخيم، وخفّض عدد كوادره المنتشرة فيه، مع التكتم الشديد على عدد المصابين من كوادره، مشيراً إلى أن العزلة التي يعيشها "مخيم الهول" تؤكد أن العدوى انتقلت إلى داخل اسواره من خلال عمال المنظمات النشطة بداخله، فهم من غير المقيمن في المخيم، وعملية الاختلاط بالمحيط الخارجي في مناطق انتشار "قوات سورية الديمقراطية" تعني بالضرورة أن الإصابة الأولى جاءت نتيجة مخالطة بين أحد مقيمي المخيم ومصاب من كوادر المنظمات.

الواقع المعاشي والصحي لسكان مخيم الهول لا يسمح باتخاذ إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية من انتشار "مرض كورونا"، فالخيام القريبة من بعضها، والازدحام في الأسواق وعلى أبواب النقاط الطبية ونقاط توزيع المساعدات من العوامل التي قد تحوّل المخيم إلى واحد من أكثر المناطق المنكوبة بـ "كورونا"، في سورية.

جرائم قتل..

خلال أقل من ٢٤ ساعة، سجل في مخيم الهول ثلاث جرائم قتل، الأولى راح ضحيتها أحد عناصر "قوات سورية الديمقراطية"، وامرأة من الجنسية العراقية كان يزورها في خيمتها يوم أمس، وتمت جريمة القتل باستخدام سلاح ناري (مسدس)، وكنتيجة لعدم سماع صوت إطلاق النار من قبل سكان الخيام المجاورة، يبدو أن منفذي الجريمة استخدموا "كواتم الصوت"، ما يشير إلى خرق في الإجراءات الأمنية المتبعة من قبل "قسد"، التي تعد الطرف المسيطر على المخيم.

كما سجل صباح اليوم مقتل امرأة من الجنسية العراقية في الجناح الثالث، فيما تم العثور على رجل وامرأة من الجنسية العراقية مقتولين بعد إطلاق النار عليهما من مسافة قريبة، وبدون وجود أي أثر يدلل على المنفذين، إلا أن مصدر صحفي مقرب من "إدارة المخيم"، أكد لوكالة أنباء آسيا أن "خلايا تنظيم داعش"، وما يسمى بـ "جهاز الحسبة"، الذي يعد بمثابة الشرطة الإسلامية في هيكلية التنظيم، تعد الطرف المسؤول بشكل مباشر عن جرائم القتل التي تسجل في المخيم بشكل مستمر، وقد نفذت "قسد"، عدداً كبيراً من الحملات الأمنيية في وقت سابق داخل المخيم، وعثرت على أسلحة نارية ومستودع لتخزين المواد القابلة للاشتعال والمحروقات في الجناح المخصص لإقامة الاجانب.

لا يوجد إحصائية دقيقة لعدد جرائم القتل المسجلة في "مخيم الهول" منذ أن تم إجلاء العوائل المرتبطة بتظيم "داعش" من ريف دير الزور الجنوبي الشرقي (شرق الفرات) إلى المخيم تبعاً لاتفاق تسليم "داعش" لبلدة "باغوز فوقاني"، التي كانت تعد آخر معاقله في الأراضي السورية، إلا أن المخيم يشهد جريمة أو اثنتين بمعدل وسطي أسبوعياً منذ آذار من العام ٢٠١٩.

محاولة لوقف الهروب

تؤكد مصادر خاصة لوكالة أنباء آسيا أن "قسد" أبلغت مكاتب التحويل المالي في "مخيم الهول"، بتحديد سقف الحوالات الواصلة للأجانب المقيمين في المخيم بـ ٢٠٠ دولار أمريكي شهرياً، وكانت "آسيا"، قد نشرت قبل عدة أشهر تقريراً مفصلاً عن عمليات التحويل المالي الخارجية التي تصل للعوائل المرتبطة بـ "داعش" داخل المخيم، خاصةً في الجناح المخصص لإقامة الأجانب، والذي تنشط فيه شركة واحدة للتحويل المالي تحت مسمى "شركة الرشيد"، وبترخيص رسمي من قبل "قسد"، فيما يتواجد ١١ مكتباً لشركات مختلفة ضمن السوق المركزي لـ "مخيم الهول".

التحويلات المالية الشهرية التي تصل للعوائل الأجنبية كانت تتراوح بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ دولار أمريكي شهرياً، يتم إنفاق ما يقارب ٥٠٠ دولار على الحياة المعاشية اليومية، إذ أن السوق الخاص بجناح الأجنبيات يوفر بضائع تعد بمثابة "الرفاهية" بالنسبة للأجنحة الأخرى، فيما يتم ادّخار ما تبقى لتمويل محاولات الهروب من المخيم، من خلال الاتفاق مع الحراس أو سائقي الصهاريج الذين يجهزون غرف سرية أسفل خزانات المياه في صهاريجهم لنقل الراغبين خارج أسوار المخيم، وتتراوح تكلفة عملية تهريب الشخص الواحد من ٨٠٠-١٥٠٠ دولار أمريكي. وكانت وكالة أنباء آسيا قد نشرت خلال شهر تموز وثائق تثبت تورط سائقي صهاريج متعاقدين مع "يونسيف"، و "المجلس الدنماركي للاجئين"، في عمليات الهروب.

وتنشط في منطقة "الهول"، القريبة من المخيم شبكات لتهريب البشر خارج اﻷراضي السورية، وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن "قسد"، في فترات ماضية، فإن عدداً من سكان المخيم من حملة الجنسيات اﻷجنبية، تمكنوا فعلاً من مغادرة الأراضي السورية، ويقطن المخيم حالياً نحو ٦٣ ألف شخص غالبيتهم من الأسر المرتبطة بتنظيم "داعش"، فيما يبلغ عدد سكان "جناح الأجانب" نحو ١٢ ألف شخص يحملون ٥٥ جنسية أجنبية، في حين يبلغ عدد العراقيين نحو ٢٧ ألف شخص، تعرقل حكومة إقليم شمال العراق "كردستان"، عودتهم إلى أراضيهم على الرغم من إبداء الحكومة الاتحادية في بغداد استعداداها لإجلائهم، وهذه العراقيل نتيجة لوجود خلاف على المناطق التي سيوطن فيها هؤلاء من جديد في العراق، والتي تعد مثار خلاف على ترسيم الحدود بين حكومة أربيل والحكومة الاتحادية العراقية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4