سوريون يعتمدون سياسة "إحلال البدائل" في مواجهة قرارات حكومتهم: "الآزولاً" بديلاً عن الأعلاف

وكالة أنباء آسيا - بيتي فرح

2020.09.09 - 02:30
Facebook Share
طباعة


يعاني السوريون من الاختناق الاقتصادي الذي وصل أقصاه، في ظل قانون قيصر و أزمة كورونا و الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الاستهلاكية الأساسية كالبيض و الحليب و الفروج وغيرها، في ظل قرارات حكومية زادت الطين بلّةً وأكملت على ما بقي من قدرة لدى السوريين.

قانون وزاري جائر
عقب تطبيق قرار وزارة المالية على ما تسميه "مستحضرات علفية"، والذي رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة ١٤ % على التكلفة الإجمالية للأعلاف، ارتفعت بشكل كبير تكاليف إنتاج الدواجن، ما أدى إلى خسائر كبيرة للمربّين ، لأن هذه المواد العلفية تشكل جزءاً أساسياً من تكلفة أعلاف الدواجن والأسماك و غيرها، و هذا يفوق احتمال المربين الذين أغلق بعضهم، فيما ينتظر البعض الآخر قرارات قد لا تصدر لإنصافهم وإنقاذ مداجنهم، مطالبين وزارة الزراعة والجهات الأخرى بالتدخل والنظر في هذا الأمر .
لكن، ثمة من لم ينتظر، بل فضّل البحث عن بدائل، بعيداً عن متاهة القرارات واللجان والوعود التي ثبت بالتجربة أنها لا تنفع، ومن هؤلاء شاب من محافظة اللاذقية طوّر فكرة موجودة أساساً، لكنه واءمها مع البيئة والظروف السورية.
يقول محمد ابراهيم، ( الذي خرج بفكرة إحلال نبات الآزولا كبديل للعلف المستورد) لوكالة أنباء آسيا: "نحاول كشباب سوريين، أن نثبت للعالم قدرتنا على مواجهة صعوبات الحياة بالاجتهاد و الإصرار ، ومحاولةً مني لتحسين وضعي المعيشي أحضرت ٣٠ دجاجة بيّاضة، لكن الارتفاع الجنوني في أسعار العلف أثر على مشروعي الصغير، فبدأت البحث والمتابعة في مواقع الانترنت، لأقرأ صدفةً عن نبات الآزولا الموجود في مصر، و أكتشف أنه استعمل سابقاً في سوريا، و هنا بدأ مشوار التجارب ،حيث قمت بتهجينها بشكل يتناسب مع البيئة والمناخ السوري، و قسّمت النبات إلى ٥ مجموعات ،كل مجموعة لها خواص معينة في الظل و الشمس و المياه والتربة ، ومع المحاولات الكثيرة استنتجت أن التظليل النصفي أكثر ما يناسب حياة هذه النبتة، مع الاهتمام بنوع التربة المدعومة بالقليل من السماد الطبيعي".
ويضيف ابراهيم أنه "مع بدء الانتاج استخلصت بأن ٧٠% من الآزولا تكفي ال ٣٠ دجاجة خاصتي ، بتكلفة معقولة ، فالأسعار في السوق اليوم مرتفعة جداً، وكيلو العلف المركب المؤلف من( ذرة و قمح مطحونين و فول الصويا ) بـ ١٠٠٠ ليرة سورية، و كيلو الصويا ب ١٤٠٠ ليرة سورية، وبما أن الدجاج البياض يحتاج البروتين ، فقد كانت الآزولا هي الحل الأمثل، لاحتوائها على نسبة ٣٦% من البروتين المطلوب" .
ابراهيم أضاف أنه مع تجاوب الناس مع تجربته هذه ،قام بتعميم ونشر مراحل زراعتها،لتصبح العلف البديل للدواجن والبقر الحلوب و الغنم والسمك وبتكلفة مقبولة، مؤكداً أن تجارب الآزولا مازالت قائمة، حيث يتم استخدامها كسماد للنباتات والأشجار ،لقدرتها العالية في تثبيت النتروجين في الجو .
و ختم حديثه قائلاً :"المشروع لاقى استحسان مديرية الزراعة في اللاذقية، وخرج للعلن ضمن المشاريع الريفية.
من جهته، لفت الخبير الزراعي أحمد عون لوكالة أنباء آسيا أن الآزولا نبات صديق للبيئة، وله قدرة على تثبيت النتروجين ، فهو نبات سرخسي يعيش على سطح الماء، و يحصل على النيتروجين من الجو ، بعكس النبات الذي يحصل على النيتروجين من المادة العضوية الموجودة بالتربة ، و كنبات يسحب كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الماء . مشيرا الى أن الآزولا تعمل على تطهير مياه الصرف الصحي ،و رغم كثرتها في التربة فهي غير ضارة ،بل تعيد للتربة حيويتها، وما خلّفه استخدام الأسمدة الكيماوية من أضرار .
و أشار عون الى أن الآزولا خفضت من تكاليف العلف حتى ٥٠% و زيادة الانتاجية ٢٠%، مشيراً إلى بعض العراقيل، التي قد تكون مناخية ، فالمناخ النموذجي للآزولا هو "المناخ المعتدل " .
بدوره الخبير الإقتصادي محمود الفتيح عبر لـوكالة أنباء آسيا عن وجهة نظره بضرورة وجود جدوى اقتصادية و دراسة علمية لهكذا مشاريع ، مضيفاً " بالمطلق، السوريون مبدعون بطبعهم ، و لكن المشكلة غالباً تكمن بأننا ذوي كفاءة بالتشخيص، لكن لدينا ضعف الفعالية بالمعالجة، مما يؤدي الى تشوهات عميقة في الجسد الاقتصادي".
الفتيح لفت الى أن الواجب الآن هو دعم هذه المبادرات، "فالصين، هذا الصرح الاقتصادي العالمي، جل اقتصاده يعتمد على المشاريع متناهية الصغر، وهذه تجربة يتوجب علينا الاستفادة منها" .
الفتيح رأى أنه في حال تلقي أصحاب هذه المشاريع الدعم اللازم، ستكون تلك المشاريع رافد للاقتصاد الحقيقي، لاسيما الجانب الزراعي والحيواني منه . مضيفاً أن أي بلد ينشد مسيرة التعافي الاقتصادي، لا بد للقائمين عليه أن يضعوا نصب أعينهم نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأهم بند فيه دعم العملية الإنتاجية التي تخفف من الاستيراد الذي ينهك خزينة الدولة، مع ضرورة توفر المواد الأولية واليد العاملة لمثل هذه مشاريع .
الفتيح أكد ل" آسيا" أن الحرب الظالمة، والعقوبات القسرية على سوريا، أدت إلى لجوء الحكومة لإجراءات مالية ونقدية بعضها إسعافي وبعضها طويل الأمد، ولكن إطالة أمد الحرب، أدى إلى الاعتماد شبه الكامل على السلع المستوردة ،لا سيما بعد التدمير الممهنج لأغلب المصانع والمعامل العاملة في سوريا. متابعا بأن الحكومة الحالية عليها اتباع خطوات جدية لتشجيع العملية الإنتاجية وبدء الاعتماد على أي منتج وطني، فالتشخيص لأي علة غير مفيد إن لم يترافق بالعلاج اللازم .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 10