"واشنطن بوست": ماذا وراء الضغط الفرنسي لتنفيذ الإصلاحات في لبنان؟

ترجمة : عبير علي حطيط

2020.09.03 - 01:48
Facebook Share
طباعة

 
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا تحدثت فيه عن الضغط الذي يمارسه الرئيس الفرنسي بدعم من نظيره الأمريكي على رموز الطبقة الحاكمة اللبنانية من أجل تنفيذ إصلاحات.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنه في ختام الزيارة الخاطفة التي قام بها إيمانويل ماكرون في السادس من شهر آب/ أغسطس، هدّد الرئيس الفرنسي بفرض عقوبات على بعض الزعماء السياسيين، الذين يقفون في طريق الإصلاحات و"العقد الجديد" الذي يدعو إليه في لبنان.
وحسب الرئاسة الفرنسية، فإن فرنسا ترغب في "إرساء حكومة نزيهة وفعالة قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يريدها اللبنانيون".
ويشمل ذلك إصلاح قطاعي الكهرباء والاتصالات، ومراجعة حسابات البنك المركزي (الصندوق الأسود للفساد)، ناهيك عن فتح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومكافحة جرائم الفساد، وإنشاء مجلس الشيوخ والإذن بالزواج المدني.
وبفضل الأغلبية التي يتمتعون بها في البرلمان، ما زال قادة بعض الأحزاب الرئيسية في البلاد يملكون القدرة على عرقلة طريق الإصلاح.
وتنقل الصحيفة ما جاء على لسان آلان بيفاني، مدير عام وزارة المالية اللبنانية، الذي أوضح أن الأمر يتعلق بإرساء "حكومة مَهمَة قوية، تتكون من عشرات الأخصائيين الذين يتمتعون بصلاحيات استثنائية يمنحها البرلمان، تتمتع بالوقت اللازم لإجراء إصلاحات، وهذا ما سيخول لها تحقيق نصر انتخابي". فبحسب مصدر لبناني في بيروت، فإنه يجب الحصول على غطاء دبلوماسي، في حال عدم التمكن من تحقيق الأغلبية.
وحذر المصدر ذاته من أن "ماكرون سيطلب من الكثير من الأحزاب السياسية التراجع لأن البلاد تسير نحو طريق مسدود".
كما تشير الصحيفة إلى أن قادة الأحزاب أدركوا أن يمين الولاء الذي قطعه إيمانويل ماكرون هو بمثابة سيف ذي حدين، حيث صرح الرئيس الفرنسي عشية زيارته الأولى لبيروت أنه يفكر في فرض عقوبات ينبغي أن تكون بدعم أمريكي حتى تكون  أكثر فعالية.
وفي هذا السياق، أوضح آلان بيفاني: "لقد جعل استخدام سلاح العقوبات الكثير من الناس يشعرون بالرعب، وأدى إلى موجة من الذعر بين السياسيين".
وأكد مصدر مطلع أن "ماكرون بدأ العمل مع دونالد ترامب بشأن نظام عقوبات يحتوي على أسماء بعض الشخصيات".
فبعد أيام قليلة من المكالمة الهاتفية التي أجراها ماكرون مع دونالد ترامب، جاءت الزيارة الأولى لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت، في الثالث عشر من شهر آب /أغسطس، والتي تندرج ضمن مخطط العقوبات الذي سيتم وضعه.
وفي هذا الصدد، صرح خبير في الشأن اللبناني بأن "القائمة الأولى للأشخاص المستهدفين بالعقوبات ينبغي أن تتضمن أسماء من جميع الأديان والحركات، وإلا فإنها لن تكون ذات مصداقية".
من ناحيته، يفسّر خبير اقتصادي: "إذا تم إعلام جبران باسيل وزير الخارجية المسيحي السابق وصهر ميشال عون، ونبيه بري رئيس البرلمان الشيعي، وسعد الحريري رئيس الوزراء السني السابق، بأنهم إذا استمروا في هذه السلبية، سيحرمون من السفر إلى أي دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وستُجمد أصولهم المالية والعقارية في الخارج، سيجعلهم ذلك يتحركون".
ويصرح الرئيس اللبناني للصحافة الفرنسية أنه عازم على محاربة الفساد ومحاسبة جميع المسؤولين على أفعالهم لإحلال العدل، وأنه "لن يكون هناك تنازل أو استثناء".
وتعليقًا على هذا، يحذر الخبير الاقتصادي من أن العقاب ينبغي ألا يستهدف ميشال عون، وإنما جبران باسيل وميراي وكلودين ابنتا الرئيس، وسليم جريصاتي وزير شؤون الرئاسة السابق، وخاصة بنك سيدروس، بنك حزبهم، التيار الوطني الحر، حيث تودع جميع حسابات عائلة عون.
تبيّن الصحيفة أن الضغط الذي تمارسه أطراف متعددة قد آتى أكله. فبعد أكثر من أسبوعين من المماطلة، قررت الرئاسة اللبنانية أخيرًا أن تحدد قبل ساعات قليلة من وصول ماكرون موعد المشاورات النيابية التي ينبغي في نهايتها تعيين رئيس وزراء جديد.
وهذه هي الخطوة الأولى في عملية تعيين رئيس الحكومة ويمكن أن تستمر 48 ساعة، أي حتى رحيل إيمانويل ماكرون. لكن يبقى تشكيل الحكومة المهمة الأكثر صعوبة.
وتشير الصحيفة إلى ترشيح وزيرة الداخلية السابقة السيدة ريا الحسن أمام رفض كل من تمام سلام ونجيب ميقاتي للمنصب.
ويعارض حزب الله تعيين نواف سلام ويرحب بعودة سعد الحريري. لكن، يبدو أن هناك اتفاقًا بشأن ترشيح مصطفى أديب وهو سفير لبنان في ألمانيا.
ويقول دبلوماسي فرنسي في هذا الشأن إن سعد الحريري قد "طُرد" منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019  بعد أيام من تواصل الاحتجاجات. وكان في آخر عهد له بفرنسا عند اجتماعه بماكرون في قصر الإليزيه منذ 20 سبتمبر/أيلول 2019، وهو تاريخ آخر لقاء فردي له مع إيمانويل ماكرون بعد أن أنقذه الرئيس الفرنسي من براثن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي كان قد احتجزه قبل عامين في الرياض.
ووُجِهت لسعد الحريري انتقادات عدة بعد أن قدم له المجتمع الدولي 11 مليار دولار لإجراء إصلاحات في بلاده. يقول دبلوماسي تعليقًا على ذلك إنه "من بين تمويل 280 مشروعًا لصالح لبنان فشلوا حتى في إنشاء موقع على الإنترنت".
ويقول خبير آخر، دون أن يخفي اشمئزازه من رعاة النظام الذين ما فتؤوا ينغمسون في "افتراس" الغنائم في ذلك الوقت، دون الكشف عن هويته: "إن مبلغ 11 مليارًا الموعود للبنان تقاسمته الأحزاب السياسية والهياكل المتصلة بها".
كما يفسر أن الأحزاب الرئيسية الثلاثة، حركة أمل وحزب سعد الحريري والتيار الوطني الحر طمعت في دس 20 % من الأموال في جيوبها، أي 700 مليون لكل منها. وفي المفاوضات مع الفرنسيين، لم يخجل رجل سعد الحريري من المطالبة بنسبة 20 %. و"لحسن الحظ، لم يحصلوا على مرادهم".
يدرك إيمانويل ماكرون تمامًا هذه المناورات. فقد ولّى عهد الشيكات على بياض، الذي بدأ منذ زمن جاك شيراك، الصديق الوفي للبنان ورفيق الحريري.
لكن هل سينجح رئيس الدولة الفرنسية في فرض آرائه على هذه الأطراف النافذة اللبنانية؟ ربما سيؤتي بعض الضغط أُكله وينجح الأمر هذه المرة.
 
 
المصدر : https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/macron-back-to-beirut-with-new-calls-for-lebanon-reform/2020/09/01/2cacb594-ebaf-11ea-bd08-1b10132b458f_story.html
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 7