سورية: 2020 السنة الأكثر تسجيلاً لـ"الجرائم الالكترونية" و التهمة الأبرز " وهن نفسية الأمة"

زينا عماد الدين _دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.08.27 - 08:59
Facebook Share
طباعة

 ما زال قانون الجرائم الالكترونية يثير الكثير من الجدل بين السوريين، حيث تتواتر عمليات الاعتقال بناءً على بنود هذا القانون.

وشددت الحكومة السورية قبضتها لمعاقبة الناشطين والصحافيين الذين ينشرون أخباراً تصنفها تحت بند الأخبار التي “توهن نفسية الأمة” أو تمس بالمؤسسات الحكومية والأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب قانون الجرائم الإلكترونية لعام ٢٠١٨.

ووفقا للتعليمات التنفيذية المحدثة التي أصدرت ٢٠١٩ أصبح كل من يخالف القانون الالكتروني "مجرماً" يستحق العقاب.

واعتبر صحافيون وناشطون في منشوراتهم، أن هذا القانون جاء مجحفاً ومتشدداً في محاسبة كل من يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي، رأياً لا يعجب المسؤولين على اختلاف تصنيفاتهم ومواقغهم، فتحول إلى سيف مسلط على رقاب الناس، كما عبّر عن ذلك الكاتب والصحفي نبيل صالح في أحد منشوارته.

الكلمة محسوبة..

أحد العاملين في مؤسسة حكومية عوقب بنقله من موقعه في العمل بسبب منشور انتقد فيه أداء وزارته والفساد فيها، فهل أصبح الفساد محصناً بقانون، يتساءل أحمد، وهل أصبح قانون الجرائم الالكترونية غطاءً للمتنفذين والمسؤولين؟ ليجيب: لا أفهم هذه الحصانة، ولماذا يجب أن تصمت في زمن كل العالم يرى ويسمع؟

قضية أخرى اشتعل الجدال حولها بين الناشطين على "فيس بوك" وتحولت إلى قضية رأي عام في سورية خلال الأسبوع الماضي، وهي قصة الضابط معن عيسى، الذي كتب منشورا مرفقاً بصور ينتقد فيه الفساد الذي يتسبب بإيصال أسوأ أنواع الطعام إلى العسكريين، مما أثار الغضب عليه. و تم سجنه بتهمة المساس بالمؤسسة العسكرية، وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية .

وبين التعاطف والتخوين من قبل المتفاعلين مع قضيته، تبقى الحقيقة وفقاً للناشطين أن معن عيسى هو أحد الأبطال الذين شاركوا بتحرير مطار كويرس، وحوصر لمدة ثلاث سنوات فيه، ولكن عن أي بطولة نتحدث - يقول أحد المدافعين عنه- فحتى البطولة لاتشفع لصاحب الحق، للتعبير عن واقع مر نعيشه .

تهديد الصحفيين والناشطين.. "من منشور أدينك"
رضا الباشا، مراسل لإحدى القنوات الفضائية العربية، يشرح لوكالة أنباء آسيا ماحصل معه مؤخراً، من خلال ماتعرض له من اعتقال بسبب منشور على صفحته على "فيس بوك" تزامناً مع عيد الصحفيين في الشهر الجاري، وقال "تم اعتقالي بسبب منشور لي على "فيس بوك" كتبته دفاعاً عن أحد الصحفيين الذي تم اعتقاله، وكتبت في المنشور أتمنى أن أرى الوزير المسؤول عن سجنه خلف القضبان"، وعلى أساس المنشور تم اعتقالي أيضاً من قبل ضابط جنائية لمدة ٢٤ ساعة، وتسجلت إفادتي بسبب أن الوزير قدم شكوى حسب قانون الجرائم الإلكترونية، والمساس بعدلية حلب والقضاة، وتم إخلاء سبيلي بعد أخذ إفادتي ولم ينتهِ التحقيق بعد.

وتابع الباشا أن الملف لم يغلق بعد، بانتظار الحكم من قبل القاضي المختص بالجرائم الإلكترونية.
الباشا يرى أن قانون الجرائم الإلكترونية يتناقض مع قانون الإعلام "لو طبّق بشكل منطقي على الصحفيين والإعلاميين فلن يكون جائراً".

وأضاف أن التوقيف بسبب منشور فيسبوكي لمدة لاتقل عن ٩٢ ساعة، وتمديد التحقيق كأنها جريمة جنائية، تشكّل خللاً كبيراً في هذا القانون، لأنه يأتي تلبيةً لمطالب بعض المسؤولين، بهدف منع الصحفيين من التطرق لبعض الملفات والقضايا، وتخويفهم من الكتابة عنها.

ويؤكد الصحفي الباشا أنه لايمكن تطبيق قانون الجرائم الاكترونية في سورية على الصحافة، لأن ذلك سيمنعهم من متابعة عملهم، أوالتطرق لقضايا الفساد، معتبراً أن ٩٠% من الصحفيين في سورية غير منتسبين لاتحاد الصحفيين، وهذه نقطة للهجوم عليهم من قبل المتصيدبن من المسؤولين، ولهذا يجب أن ينتسب الصحفيون للاتحاد، وأن يدافع عنهم كما تقضي مهمته، كما لا يجب أن لاتتبع وسائل الإعلام إلا لقانون الإعلام فقط.

من جهته، يرى الصحفي صدام حسين، الذي يعمل في إحدى القنوات اللبنانية، في حديثه لوكالة أنباء آسيا "إن وجود قانون للجرائم الالكترونية ضروري في أي بلد، وهذه القوانين موجودة في كل دول العالم، في ظل انتشار حالات التحرش والتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

لكنه، بالمقابل، يرى أن الوضع في سوريا مختلفاً قليلاً، حيث "اعتدنا أن تكون القوانين فضفاضة، وحتى تعريف الجريمة الالكترونية مختلف عن باقي الدول، فيمكن أن يصبح هذا القانون وسيلة بيد المتنفذين وبعض الفاسدين لتصفية الأصوات المنتقدة لهم، والمحاربة للفساد".

ويتابع: هذا ما شهدناه في حالات متعددة، من خلال رفع دعاوى على صحافيين لمجرد التعبير عن آرائهم، وتم سجن البعض منهم، واستخدموا القانون ضدهم لتخويفهم وإرهاقهم في موضوع المراجعات والقضايا التي تطول أحيانا في المحاكم.

يصف حسين تجربته الخاصة، فيقول إنه لم ترفع ضده أي دعوى، ولكن مجرد تهديدات بسيف هذا القانون من بعض الأشخاص داخل سورية، رغم وجوده خارج البلد، بحجة القدح والذم من خلال ما ينشره من مقالات، أو حتى منشوراته على صفحته الشخصية.

ويرى بأن الحل يكمن في استقلالية القضاء وعدم تبعية محكمة الجرائم الالكترونية لأي جهة أخرى في الحكومة، واختيار الأكفأ للعمل في هذه المهمة، والأهم عنصر النزاهة، ولا أحد يشكك بنزاهة القضاء ما دام بعيداً عن التدخلات السياسية.

عقوبات تصل إلى السجن ستة أشهر..

الخبير. بجرائم المعلومات الإلكترونية بيان سنان قال لآسيا إن هذا العام من أكثر الأعوام تسجيلا لجرائم المعلومات.

وقال سنان في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، إن العقوبات تترواح حسب الحالة، وصولاً إلى السجن والغرامات المالية، وصنف القانون أنواع الجرائم المعلوماتية، فمنها جرائم تقليدية وجرائم الكترونية، والجرائم التقليدية متل الذم والقدح والاحتيال الإلكتروني.

أما جرائم المعلوماتية، متل جريمة انتهاك الحياة الخاصة، والدخول غير المشروع إلى منظومة معلوماتية.

وأوضح أن قانون العقوبات نص في المادة 286 منه على معاقبة كل من أذاع في سورية زمن الحرب أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها، من شأنها أن توهن نفسية الأمة بالأشغال الشاقة المؤقتة.

المادة “التي تنص على أن كل سوري يذيع في الخارج أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة، فإنه يعاقب بالحبس 6 أشهر على الأقل وبغرامة مالية".

أما عن المادة 309 من قانون العقوبات، فتتعلق بكل من ينشر أخباراً ملفقة أو مزاعم كاذبة، لإحداث التدني بقيمة أوراق النقد الوطنية، أو زعزعة الثقة بمتانة نقد الدولة، ويعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة مالية من ألفين إلى عشرة آلاف ليرة سورية.

ويضيف سنان: "في حال نشر صحافيون وإعلاميون أخباراً على صفحاتهم في مواقع التواصل، سواء كانت كاذبة أو صحيحة، وتم تقديم شكوى ضدهم، فإن الصحافيين محكومون بقانون الإعلام المنشور في المرسوم 108 للعام 2011، وأن المادة 95 تعاقب كل من نشر أخباراً غير صحيحة، أو أوراقاً مختلقة أو مزورة، بالغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف".

وبحسب المادة الخامسة من القانون فإن "جرائم المعلوماتية المرتبطة بجرائم تموينية أو مالية أو إرهابية أو متعلقة بأمن الدولة، تبقى من اختصاص المحاكم الناظرة بها" .

وبحسب القانون تخضع قرارات محكمة بداية الجزاء المختصة بالجرائم المعلوماتية للاستئناف، ويكون قرار محكمة الاستئناف مبرماً في الجرائم التي لا تتجاوز عقوبتها الغرامة، أما الجرائم الأشد فيكون قرار محكمة الاستئناف قابلا للطعن .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 10