طبيب نفسي يحذّر: العنف المجتمعي يقض مضاجع اللبنانيين.. وهذه أسبابه وعلاجاته

وكالة أنباء آسيا - غنوة طعمة

2020.08.26 - 01:09
Facebook Share
طباعة

 
ازدادت نسبة جرائم القتل في لبنان في الآونة الأخيرة، الأمر الذي ينذر بخطر كبير ومدمر يهدد الأمن الاجتماعي في البلاد.
وهذه الجرائم  التي تنوعت أسبابها، وقعت في أكثر من منطقة، وطالت مواطنين أبرياء، ما هز إستقرار المجتمع بأكمله، بعد أن أصبح مرتكبو هذه الجرائم البشعة غير آبهين بدولة أو بقانون.
فما هي أسباب هذه الجرائم الوحشية؟ وما هو الحل للحد من هذه الظاهرة الخطيرة من وجهة نظر الطب النفسي؟
 
يقول الاختصاصي النفسي محمد موسى في حديث لوكالة أنباء آسيا: "إن ظاهرة القتل ومعضلة ارتكاب الجرائم الوحشية باتت منتشرة بشكل كبير في لبنان، وما يحصل اليوم بالذات في بلدنا من ارتكاب جرائم قتل - كانت إحداها بسبب شرب الخمر وتعاطي المخدرات- فأودت بحياة شابين، أخذت مساراً مختلفاً من شأنه أن يربك المجتمع اللبناني بشكل كبير، ويهدد أمن المواطنين بشكل مباشر".
وتابع الدكتور موسى قائلا: "إن سهولة تنفيذ بعض الجرائم بسبب غياب الدولة وتراجع اهتمامها بمحاربة مرتكبي الجرائم، والانفلات الأمني الحاصل في البلاد، وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، وعجز المواطنين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي يشهدها لبنان منذ فترة طويلة، وتضاؤل فرص العمل، وارتفاع الأسعار وانعدام القدرة الشرائية لدى العديد من الشباب، ساهم في حصول جرائم قتل عديدة، وأدى إلى زيادة معدلات الاعتداء على الأفراد، وكذلك البلطجة والسرقة".
وأوضح موسى: "ارتفعت معدلات الجرائم أيضا بسبب تفلت السلاح بين عامة الناس، وشيوع العنف الاجتماعي الذي أصبح روتينياً في حياة الأفراد، وما لحظناه في العديد من الاستشارات النفسية لشباب بعمر الورد هو اليأس من الأوضاع الاقتصادية، والذي يعد حالياً العنصر الأساسي لظاهرة جرائم القتل، والذي يتمثل بتصرفات طائشة يقوم بها الشباب بسبب العجز المالي الذي يعانون منه، وفقدان الأمل في تأمين احتياجاتهم، خاصةً وأن معظمهم أصبح بلا وظيفة، يمشون في الشوارع بلا هدف".
وأضاف موسى قائلا: "إن إهمال الدولة وعدم تحملها المسؤولية عبر إيجاد فرص عمل للشباب، وتركهم للأفكار السلبية التي تتلاعب بعقولهم، والعنف الداخلي الذي ينتابهم، والمشاكل النفسية التي يعانون منها بسبب هذه الظروف القاهرة، وعدم تفهم الأهل، كل ذلك يؤدي إلى عنف خارجي يتمثل بارتكاب الجرائم بشتى أنواعها".
وعن الحلول التي يطرحها الطب النفسي للحد من هذه الظاهرة التي تهدد أمن مجتمع بأكمله، أوضح الدكتور موسى أن "ظاهرة العنف لها حلول عديدة، منها على المستوى الفردي، وتتبلور بقبول الإنسان للمشاعر السلبية التي تنتابه، متى ما بدأت تظهر داخل النفس، ونعني بالقبول هنا أن لا يعيش الإنسان في حالة من اليأس المستمر والدراما، والابتعاد كل البعد عن المشاعر التي تنجم عن المشاكل والسلبية والتشاؤم".
ويتابع موسى: "من هنا على المرء مواجهة هذه المشاعر السلبية متى بدأت بالظهور، وإغلاق كل ما يتصل بها، وعلى المستوى الأسري على العائلة أن تقوم بمساعدة أبنائها، من خلال المحافظة على علاقة تفاهم سليمة ما بينهم ، واعتماد مبدأ المصارحة حتى لا يتعرضوا للاضطهادات النفسية والجنسية والجسدية، لأن الاضطهاد سبب رئيسي من أسباب العنف والتخريب في المجتمعات، وعلى الآباء محاولة إيجاد الحلول لمشاكل الأبناء، والتعامل معهم كأصدقاء، من خلال تأمين جو من الأمان التام والاستقرار العاطفي والنفسي، لتجنب أي نوع من الكبت قد يعرض أبناءهم إلى ما يسمى الإجهاد النفسي".
وأكد موسى أن "على الدولة أن تدعم المواطنين في جميع الميادين، عن طريق توفير بيئة مناسبة لهم، من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحل مشاكلهم التعليمية وتوجيههم إلى كل النشاطات التي تنفع مستقبلهم، والتي تصب في حماية أمن المجتمع بشكل عام".
وعبر الدكتور موسى عن قلقه إزاء ما يحدث من جرائم لأسباب تافهة وحمل السلاح من قبل شباب ليحاربوا الدولة نفسها، لأنهم يحملونها مسؤولية ما وصلوا إليه، وأكد أن المجتمع اللبناني يشهد أمراضاً نفسية خطيرة بعدما وصلت الأمور إلى حائط مسدود، وتتلخص هذه الأمراض بحالات بؤس ناتجة عن الضغوطات الحياتية، وأمراض انفصام في الشخصية ناجمة عن حالات إرباك يعيشها الفرد بين الوضع المالي المزري والمعاناة والشعور بالغربة داخل وطنه، وغياب التوجيه الأخلاقي، وكل هذه الأسباب تعتبر الوقود لارتكاب الجرائم، ومن هنا فإن المجرمين وبسبب هذه الضغوطات قد يكونون غير قادرين على التمييز بين الخير والشر.
وأنهى موسى حديثه قائلاً: "لعل مشاكل العنف المجتمعي الذي يعانيه لبنان تعتبر حالياً من أهم وأخطر المعضلات التي تواجه الدولة والمجتمع اللبنانيين   وعلى المستويات كافة".
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 5