اقتصاد الظل يحرم الخزينة السورية من مواردها

لودي علي _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.08.21 - 09:15
Facebook Share
طباعة

 يقف الاقتصاد السوري اليوم عاجزاً أمام أي مؤشر يدل على نموه أو تحسنه، وأحد أبرز تلك المؤشرات، العمل في الظل بعيداً عن القوانين والرقابة، وبعيداً حتى عن الضرائب.

اقتصاد الظل في سوريا ليس وليد الأزمة لكن حربا استمرت لسنوات عشرة، دعمته بما فيه الكفاية ليسيطر اليوم على 70 % من الاقتصاد السوري، والنتيجة عملٌ بلا رقيب أو حسيب، وبلا داعم أو مُوجه، فالرقابة الهشة على الأنشطة الاقتصادية، عادت بنتائج ظالمة للمواطن والعامل وللخزينة أيضاً.

يقول مستشار التنمية الإدارية وتطوير الأعمال نبراس شاليش في حديثه مع "وكالة أنباء آسيا"، إن اقتصاد الظل في حال ارتفعت معدلاته في البلاد، وهو الاقتصاد غير المسجل والذي لا يمكن احصائه من خلال البيانات الرسمية، ينعكس سلبا على القدرة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية للدولة ويشوه الحسابات الوطنية كما سيشكل ضبابية في التخطيط لتأمين فرص العمل.

ويوضح شاليش أن نسبة هذا الاقتصاد في البلاد تدرجت من 19.3 % عام 1999 إلى 30 % عام 2010 لتتجاوز نسبة 45 % حيث وصلت اليوم إلى حدود الـ 70 %.

لافتاً إلى أن أسباب وعوامل ظهوره حتى عام 2010 كانت عوامل اقتصادية واجتماعية وهي مشتركة عند معظم الدول وتعتبر تحديات تواجه أي اقتصاد، أما بعد 2010 تعززت بظهور العامل الأمني والسياسي والذي أعاق قدرة الدولة على التحكم والسيطرة والمراقبة وبالتالي توسعت الهوة وزادت الفجوة وهذا الامر متوقع وطبيعي في الحروب.

ويشمل اقتصاد الظل وفق المعيار القانوني للنشاط، أنشطة شرعية لكن غير موثقة كما في التهرب الضريبي حيث يكون جزء من النشاط لا يخضع للرقابة والاحصاء اما الأخطر منه هي الأنشطة غير الشرعية لكنها منظمة، مثل تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات والأعضاء البشرية ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية.

ويضيف شاليش، " ان من يعملون بالظل لا يدفعون الضرائب، الأمر الذي سيحرم موازنة الدولة من إيرادات ضخمة تحتاجها لتمويل الانفاق الجاري او الاستثماري، ما يضر الاقتصاد السوري بشكل عام ويحرم الخزينة من موارد ضخمة كان من الممكن الحصول عليها".

جانب آخر لا يمكن إهماله هو أن تنامي اقتصاد الظل يضر أيضا بالمنظومة الاجتماعية فالعمالة في ظله ستكون بدون حصانة اجتماعية تحمي حقوقها كما يحدث في تشغيل الأطفال مثلا وتضرر المجتمع اجمالا من بعض الأنشطة المخالفة مثل الاتجار بالأعضاء والمخدرات وغيرها من الممنوعات التي تضر بالمنظومة الاجتماعية ككل.

الحديث عن اقتصاد الظل هو حديث عن الفساد مباشرة فهما ظاهرتين متلازمتين تماما فقصور البنية التشريعية يفتح باباً للفساد وقصور الرقابة يصعد من قدرة الفساد على التلاعب بالاقتصاد وبالرغم مما سبق، فإن لهذا الاقتصاد جانب إيجابي يوضحه شاليش بقوله، " دون ان نغفل أن الظاهرة غير صحية من حيث التصنيف لكن لا شيء سلبي بالمطلق، هو بالنهاية نشاط ينتج عنه دوران للسلع والخدمات وتشغيل للقوى العاملة ومصدر دخل لبعض الأشخاص ممن لم يستطيعوا الحصول على مصدر للدخل او العمل ضمن الاقتصاد الرسمي المقونن".

بدوره يوافق الباحث علي محمد (دكتور في الاقتصاد) خلال حديثه مع "وكالة أنباء آسيا" شاليش في أن نسبة اقتصاد الظل وصلت اليوم إلى 70 % بفعل الحرب والفساد.

في الوقت نفسه يرى محمد أن اقتصاد الظل لا يعني اقتصاد سيء أو أسود فقط إنما يتنوع بين صاحب البسطة أو الورشة وحتى أي شركة غير حاصلة على الترخيص، إضافة الى الاقتصاد الأسود والعمليات غير المشروعة، لكن كل ذلك بالنهاية يشوه الحسابات.

مشيراً إلى أنه لابد من الإشارة الى أن اقتصاد الظل يلعب دور مهم في زيادة النشاط الاقتصادي، وبالتالي زيادة الدخل القومي، من ناحية ثانية يؤمن فرص عمل كونه يسيطر على قسم كبير من الاقتصاد وفرص التوظيف فيه أكبر، لاسيما مع قصور الاقتصاد الرسمي عن توظيف هذه العمالة.

ويؤكد الباحث الاقتصادي أنه لابد من وضع سياسات اقتصادية نقدية ومالية تأخذ بعين الاعتبار تطور النشاط الاقتصادي ومعدلات النمو المستهدفة والقطاعات الأكثر إلحاحا ليتم تفعيلها بمشروعات صغيرة ومتوسطة لأن جزء كبير من اقتصاد الظل هو لشركات صغيرة أحجمت عن التسجيل للعديد من الصعوبات.

إضافة إلى أنه لابد من تفعيل السياسات الاستثمارية بشكل أفضل بظل مبدأ التنمية المتوازنة بين المناطق والمدن والأرياف، على سبيل المثال، هناك الكثير من أبناء الأرياف ونتيجة عدم وجود تنمية في محيطهم يلجؤون إلى اقتصاد الظل لاسيما بالنسبة للقطاع الزراعي في ظل الإجراءات الحكومية القاصرة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1