القصة الكاملة للاستقالة من مجلس النواب والهجوم على جعجع!

كتب جورج حايك

2020.08.15 - 07:54
Facebook Share
طباعة

 كانت معراب الأسبوع الفائت محور الحركة السياسية واللاعب الأساسي الذي أدى إلى استقالة الحكومة، لكن المعركة لم تنته والمواجهة مستمرة داخل المؤسسات الدستورية وخارجها، انما كثر يتساءلون ماذا حصل الأسبوع الفائت؟ وما هي قصة الاستقالة التي كانت مقررة من قوى المعارضة الثلاثة "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" من المجلس النيابي؟ ولماذا تراجع "المستقبل" و"الاشتراكي" في اللحظة الأخيرة؟ ولماذا قرر "حزب الله" والعهد التضحية بالحكومة؟

الانتخابات النيابية المبكرة أولاً


بدأت نظرة "القوات اللبنانية" تتغيّر إلى المشهد السياسي منذ 17 تشرين الأول 2019 مع اندلاع الانتفاضة الشعبية، إذ شعرت "القوات" ان مزاج الرأي العام تغيّر وباتت مقتنعة بضرورة تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، انطلاقاً من اقتناعها بأنه عندما يحصل تغيير بمزاج الرأي العام تبادر الدول الديموقراطية إلى تنظيم انتخابات نيابية جديدة.

وتقول مصادر "القوات اللبنانية" أنه "لم يعد هناك مجال للشك بعد انفجار 4 آب الجاري بضرورة الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة بعدما تفاقمت نقمة الناس بشكل كبير على المنظومة السياسية التي لم توصل البلد ليس إلى الانهيار فحسب بل أدى ادائها الفاسد إلى وقوع انفجار ومن هنا بات ضرورياً الذهاب إلى انتخابات نيابية".

تنسيق قوى المعارضة

وتؤكد المصادر:"لذلك فتحت "القوات" خطوطاَ مع "المستقبل" و"الاشتراكي" لأجل استقالة متزامنة تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، أي الخروج من المؤسسات من أجل فرض انتخابات نيابية مبكرة، بمعنى الخروج من أجل العودة بشروط الناس والدولة والدستور. أما استقالة النواب من دون أن تؤدي إلى استقالة مجلس النواب ككل فلا يكون لها أي مفعول دستوري ووطني وسياسي، لذلك بدأت بعد الانفجار بالتشاور مع "المستقبل" و"الاشتراكي" على قاعدة استقالة القوى الثلاثة زائد استقالات نواب "الكتائب" وبعض المستقلين تؤدي إلى استقالة ما لا يقل عم 50 نائب، والأهم من المسألة العددية هي المسألة المرتبطة بالميثاقية يعني استقالة الجزء الأكبر من الدروز أي الوجدان الدرزي إضافة إلى الوجدان السني والوجدان المسيحي المتمثل بالقوات، مما يحدث خللاً ميثاقياً حقيقياً داخل مجلس النواب وبالتالي يؤدي إلى اسقاطه".

وتلفت مصادر "القوات" بأن "الرئيس سعد الحريري ابدى لرئيس "القوات" سمير جعجع عبر موفده ملحم رياشي استعداده للاستقالة إذا ذهب "الاشتراكي" في هذا الاتجاه. تلاه لقاء بين جعجع ووفد "الاشتراكي" الذي اقتنع بعد بحث طويل بالاستقالة، واتفقت القوى الثلاثة على الاستقالة وابتدأ البحث بالتفاصيل اللوجستية أي كيفية الاستقالة والتوقيت".

استقالة الحكومة لقطع الطريق

ونتيجة الاتفاق على الموضوع خرج جعجع إلى الاعلام وأعلن عن مفاجأة كبرى ستعلن في الساعات المقبلة، ويرى المصدر "ان الفريق الآخر أي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" تحركت باتجاه قطع الطريق على أي استقالة من مجلس النواب، لأنها اعتبرت ان الاستقالة وفرض انتخابات نيابية مبكرة تهدد أكثريتها، ووضعت ذلك من ضمن الخطوط الحمر الأساسية باعتبار ان الانتخابات النيابية اذا حصلت اليوم تُفقدها الأكثرية في ظل وضعية متراجعة للرئيس ميشال عون وفريقه الحاكم وخصوصاً ان الانتفاضة الشعبية موجهة ضده، لذلك ارتأت في اللحظة الأخيرة انه لا يسعها إلا تقديم تنازل معيّن، ولم تجد غير الحكومة التي كانت متمسكة بها. لقد أدركت هذه القوى ان الانتخابات النيابية أصبحت أمراً واقعاً، فأحرقت ورقة استقالة الحكومة من أجل قطع الطريق أمام الانتخابات".

ويعتبر المصدر "ان استقالة الحكومة فرضت واقعاً جديداً استوجب بقائنا في مجلس النواب من اجل مواكبة هذه المعطيات انطلاقاً من موقعنا الدستوري، لكن يجب التوضيح بأن استقالة القوى المعارضة الثلاث لم يصرف عنها النظر كلياً انما عُلّقت بانتظار تبلور الأمور. بالنسبة الينا كقوات سنتابع الأمر وسيكون لنا غداً اقتراح قانون موقّع من قبل نواب القوات من اجل تقصير ولاية مجلس النواب، هذه هي معركتنا الأساسية، وسنتابع موضوع الحكومة وفق ما قاله جعجع أي انه على الحكومة العتيدة أن تتعهد ببيانها الوزاري موضوع تقصير ولاية المجلس النيابي وهو هدف أساسي لا يمكن التراجع عنه إذ لا يمكن إخراج لبنان من أزمته المالية والسياسية والوطنية في ظل هذه الأكثرية الحاكمة".

اسباب الهجوم على جعجع

ونسأل المصدر لماذا كان هجوم حزب الله المركّز على جعجع؟ يجيب:"من الواضح ان الهجوم استهدف جعجع لأنه أولاً شكّل رأس حربة بموضوع الاستقالة من مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة معتبراً ان هذا الأمر يمسّ بفريق السلطة بشكل مباشر وخصوصاً ان الانتخابات المبكرة تهدد وجودهم ودورهم ووضعيتهم وتكشفهم وقد تؤدي إلى انتخابات رئاسية مبكرة وانتاج سلطة جديدة، وثانياً جعجع لا يساوم ولا يهادن بموضوع تغطية أي حكومة تشكّل استمرار للواقع المأساوي الراهن، وقد قال للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان أي حكومة بوجود الرئيس عون في بعبدا والسيد حسن نصرالله في الضاحية لا يمكن أن تنتج، وبالتالي يجب تعطيل أي تأثير لحزب الله والعهد في هذه الحكومة".

ويتبابع المصدر موضحاً:" شروط جعجع أثارت نقمتهم فاستنفروا ضد القوات، وهي 4 شروط يجب أن تتعهد بها أي حكومة أمام المجتمع الدولي: أولاً تقصير ولاية المجلس النيابي، ثانياً تبني الحياد، ثالثاً تبني لجنة تحقيق دولية، رابعاً القيام بالاصلاحات الضرورية التي تبدأ باقفال المعابر غير الشرعية ولا تنتهي بمسألة الكهرباء، وهذا ما يفسّر هجومهم لأن يعتبرون ان جعجع يشكّل رأس حربة مشروع بناء الدولة والحد من مشروع الدويلة".

شروط للحكومة الجديدة

وعن شكل الحكومة المتوقعة يقول المصدر:"لا شك ان هناك مسار ديموقراطي دستوري في ما يتعلق بموضوعي التكليف والتأليف، لكن لا يمكن اغفال العامل الدولي الكبير الذي يريد حكومة بمواصفات المرحلة اللبنانية وأن لا تكون على غرار المرحلة السابقة وجميعنا نعرف ان الحكومة السابقة كانت معزولة عربياً ودولياً وسقطت لأنها لم تتمكن من انتاج أي شيء، ويجب ان لا ننسى ان سقوط الحكومة هو صفعة لفريق 8 آذار الذي كان يحلم بمثل هذه الحكومة، وبالتالي علينا الذهاب إلى حكومة افضل بشروط تخدم لبنان وتكون منفتحة على الخارج وقد وضع لها جعجع ثلاثيّة: أولاً ان تكون حكومة مستقلة، أن تكون حكومة حيادية، وأن تكون جديدة بكل ما تعنية الكلمة من معنى". لذلك كل الأنظار شاخصة اليوم إلى الرئيس الفرنسي المفوّض دوليا الوصول إلى حكومة جديدة في لبنان تسمح بإخراج لبنان من أزمته، والاشكالية الحاضرة اليوم ان فريق السلطة يفضّل الانهيار على حكومة حقيقية قادرة على اخراج لبنان من أزمته".

في موضوع اقناع الكتائب بالتراجع عن الاستقالة يوضح المصدر القواتي:"بالنسبة إلى القوات ان اي استقالة من مجلس النواب لا تؤدي إلى انتخابات نيابية مبكرة فهي تقوي فريق السلطة، الا في حال تمت استقالة جماعية ترفع الميثاقية عن المجلس لكن مع المعطى الحكومي وتأجيل المستقبل والاشتراكي استقالتهما نرى انه لا يجوز ان نخسر اصوات سيادية في المجلس النيابي مثل "الكتائب"، ونحن نجد ان خطاب الكتائب السياسي مثل القوات وبالتالي كنا نحرص على بقاء الكتائب في المجلس من أجل التوازن بين القوى السيادية وغير السيادية، حاولنا ان نقنع الكتائب للعودة عن الاستقالة لكن حتماً رئاسة الكتائب بقيت متمسكة بوجهة نظرها ونحن أيضاً متمسكون بوجهة نظرنا لأن أي استقالة لا تقدر أن تعطي المفعول السياسي لا تخرج عن سياسة فشة الخلق. علماً اننا لا ننكر ان الاستقالة حق ديموقراطي لكل نائب وليست مؤامرة كما قال الرئيس نبيه بري، انما المؤامرة تكمن بوجود سلطة تعرّض البلد إلى الانهيار وتواصل دفع لبنان نحو الهاوية فيما الاستقالة هي حق لكل كتلة ولكل نائب".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3