في سوريا ... "الجيش الأبيض" يواجه "كورونا" بلا عتاد!

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2020.08.10 - 01:49
Facebook Share
طباعة

"لسنا أبطالاً، نحن نقوم بوظيفتنا فقط، والآن هو أكثر وقت يحتاجنا الناس فيه".. بهذه الكلمات بدأت الممرضة ميساء، العاملة في قسم الإسعاف بمشفى المواساة كلامها.

السيدة ذات ال 36 عاماً حُرمت من رؤية طفلها الذي لم يكمل العامين، بعدما قررت إرساله إلى منزل جدته في مصياف بريف حماة، خوفاً عليه من العدوى في حال كانت تحمل فيروس كورونا، نتيجة تماسها المباشر من المصابين والمراجعين للمشفى.

نقص في المعدات ...

تقول ميساء ل"وكالة أنباء آسيا": "نبذل قصارى جهدنا في مواجهة هذا الفيروس، لنخفف عن المصابين من خلال رعايتهم والوقوف إلى جانبهم في مصابهم، بالمقابل، نحرم أنفسنا من الحياة الطبيعية، كمقابلة أهلنا وذوينا، ونمكث في الحجر الصحي لأيامٍ طويلة مع المرضى، نفتقد خلالها الراحة والنوم، هذا بالإضافة إلى حُزننا وهمنا على من يفارق الحياة بين أيدينا بواسطة هذا القاتل الخطير، إضافةً لنقص المعدات التي تجعلنا نواجه قرارات مفجعة أثناء معالجة المرضى.

حرب وجود ...

في الوقت الذي يعيش الملايين من السوريين تحت وطأة الإجراءات الحكومية للحد من خطر مواجهة فيروس كورونا، هناك الآلاف من الأيادي البيضاء التي تحاول تقديم ما يمكن تقديمه، هؤلاء باتوا يُعرفون ب"الجيش الأبيض"، والمقصود بهم الأطباء والممرضين والعاملين في المجال الطبي، من المدراء حتى الأذنة في المستشفيات والعيادات التابعة لوزارة الصحة والخدمات الطبية، يخوضون حرباً بلا هوادة مع عدو العصر الحديث؛ فيروس كورونا، الذي يصيب ويقتل معظم من تعرّض له.

وكانت تقارير دولية، أظهرت أن الكثير من هؤلاء الأطباء والعاملين في القطاع الصحي يتعرضون للإصابة بالفيروس بسبب تواجدهم والتصاقهم مع المصابين.

الدكتور شفيق زكور يحذر من مغبّة ازدياد الإصابات في الجسم الطبي السوري، في حال عدم توفر الكميات اللازمة من المعدات الطبية لوقاية وعلاج الطواقم الطبية.

ويضيف زكور في تصريحات لوكالة أنباء آسيا "أن المزيد من العاملين في مجال الرعاية الصحية في سوريا سيصابون بالفيروس، وهذا سيؤدي إلى نتائج كارثية على باقي المرضى والمصابين، وأيضاً سيؤدي إلى إضعاف القوة العاملة في مواجهة الكارثة الخطيرة".

النقابة تعتمد على "فيسبوك" !..

"تعد الإصابات ضمن صفوف الطواقم الطبية في الدول العربية بشكل عام؛ وفي سوريا بشكل خاص، أقل بكثير من باقي الدول" برأي نقابة الأطباء بدمشق، والتي اكتفت خلال ردها على اتصالنا بالقول إن عدد الأطباء المتوفين نتيجة فيروس كورونا موجود عبر صفحة فيسبوك التابعة للنقابة، والذي يدل إلى أن العدد قارب 40 طبيباً، وذلك بحسب الأسماء المنشورة على صفحة النقابة من أصل 30000 طبيب عامل في سوريا بحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة السورية .

ولكن ما لم تذكره النقابة هو أن الطبيب أو الممرض، ولكي يحافظ على حياة مرضاه وحياته، عليه أن يشتري ومن حسابه الخاص، الأدوات الطبية، فالبدلة الواقية البيضاء التي تحميهم من انتقال العدوى من مرضاهم، وهي تُستخدم لستة ساعات فقط، يصل سعرها إلى حوالي 5 آلاف ليرة، في حين يصل سعر الكمامة إلى ألف ليرة، والنظارة لحماية عينيه من التعرض لرذاذ عطس المرضى بألفي ليرة، وهي ضعيفة جدا ولا تصلح سوى لبضع مناوبات، باختصار عليه أن يصرف يومياً نحو ثمانية آلاف ليرة على نفقته الخاصة، بينما يتقاضى مقابلها قروشاً بحسب قول الدكتور زكور.

مضيفاً: كل هذه الاحتياطات لا تضمن السلامة من العدوى، لذلك على الحكومة أن تقدم جميع احتياجات الوقاية الطبية اللازمة في العمل، ليستطيع العاملون في القطاع الطبي الصمود أمام انتشار هذا الفيروس، ومساعدة الآخرين.

مبالغ مخصصة ...

بالمقابل، يؤكد نقيب أطباء سوريا كمال أسد عامر أن النقابة فرضت على فروعها في جميع النقابات، المساهمة في تأمين كمامات للمشافي الحكومية، على أن يخصص كل فرع مبلغاً يتراوح ما بين مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة لهذا الغرض، والعمل على رفع جاهزيتها للاستعانة بها في حال الحاجة إليها في المشافي الحكومية، لمواجهة فيروس كورونا، لافتاً إلى أن تعاميم النقابة موجهة للأطباء في عياداتهم الخاصة، بينما الأطباء العاملين في وزارة الصحة يخضعون لتعليماتها.

السبب "إهمال الطبيب"!...

وفي الوقت الذي يواصل "الجيش الأبيض" دوره الإنساني بعد أن رفع الأطباء شعارات "لا وقت للنوم"، "نحن تركنا منازلنا لأجلكم فابقوا في منازلكم لأجلنا" يرى المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي في سورية، الدكتور زاهر حجو أن السبب الرئيسي في إصابة العديد من الأطباء بفيروس كورونا هو نتيجة إهمالهم، وعدم إتباعهم الإجراءات الاحترازية للوقاية، لافتاً إلى أن الطبيب معرّض للعدوى أضعاف الإنسان العادي، وذلك نتيجة تعرضه لعدد كبير من المصابين بالفيروس.

وأكد حجو في تصريحه لوكالة أنباء آسيا، عدم تشريح أي جثة مصابة بفيروس كورونا، رغم أنه في حال القيام بالتشريح فمن الممكن الحصول على دليل يساعد على إيجاد حل للعلاج، مبيناً أن الكثير من العائلات لا تستعين بالطب الشرعي بعد وفاة مريضها، بسبب خصوصية المجتمع.
وأضاف حجو بأن التشريح يحتاج إلى موافقة العائلة وإذن من القاضي، وبناء على قراره يتم تشريح الجثة.

من جهة أخرى، يحمّل حجو المسؤولية في النقص الحاصل بالمعدات والأدوية للعقوبات الاقتصادية على سوريا .

وفي حين تتنصل الجهات الطبية الحكومية من مسؤوليتها تجاه الطواقم الطبية، تدرك الممرضة ميساء ومن يعمل معها من ممرضات وأطباء أنهم أمام معركة حقيقية مع فيروس كورونا، فـ"الجيش الأبيض" يعوّل عليه في حماية السوريين من هذا الوباء القاتل، لكن ميساء ومن معها يطالبون بالمقابل بأن يتم إنصافهم وتوفير حد أدنى من الإمكانيات ليقوموا بواجبهم تجاه المرضى، بدلا من أن يتحولوا هم إلى ضحايا كما يحصل اليوم .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8