عائلات المفقودين تتمسك بأمل العثور عليهم .. ولو كانوا في عداد الأموات

وكالة أنباء آسيا - غنوة طعمة

2020.08.10 - 01:47
Facebook Share
طباعة

 

 
مرّ ما يقرب الأسبوع على انفجار مرفأ بيروت فيما لاتزال العديد من العائلات اللبنانية تعيش حالةً هي خليط من الخوف والأمل في الوقت نفسه، خوف من الحقيقة، حقيقة موت أحبائهم التي لا ينقصها سوى العثور على جثامينهم، مع بعض الأمل الذي يتلاشى ساعةً بعد أخرى بإمكانية إيجاد هؤلاء الأحباء المفقودين، حتى ولو كانوا أمواتا لدفنهم بطريقة لائقة، بعيداً عن عذاب التفكير بأن البحر أو الانفجار قد ابتلعهم للأبد .
والدة عماد زهر الدين... تعي لعندي يا ماما ناطرتك
تقول سارة قصير صديقة الشاب عماد زهر الدين بحرقة " "عماد ابن بلدة برج رحال الجنوبية، هو مندفع وخلوق، وكان يعمل موظفاً إدارياً في مرفأ بيروت.
تضيف: عندما اندلع الحريق في المرفأ؛ وقبل الانفجار الكبير، سارع عماد ليساعد في فتح العنبر رقم ١٢، بالرغم من أنه موظف إداري ولا علاقة له بفتح الأبواب، ومكتبه بعيد عن العنبر رقم ١٢، لكنه اندفع بشهامته ونخوته المعروفتين للمساعدة، لم يفضل النجاة بنفسه وترك المكان والعمال !
وتوضح سارة: "عماد هو الشاب الذي كان يلبس سترة بيضاء في الصورة الشهيرة التي انتشرت للشباب الثلاثة الذين كانوا يفتحون باب العنبر..
حصل الإنفجار، وحتى هذه اللحظة لا يوجد له أي اثر" .
تقول سارة باكيةً "خذوا الحب من عماد وواجهوا فيه كل حدا عم يدعي للتفرقة والإنقسام، وقولوا لهم إنو عماد وكل حدا انفقد أو استشهد هني سبيل وحدتنا، ودماء الشهداء العطرة، وأجسادهم الممزقة هي الوقود لإبقاء شعلة الوطن الموجوع مشتعلة، خلينا نحتفل بميلاد جديد للوطن الذي لا يزال يتجرع مرارة شهادة شبابه".
أما والدة عماد الثكلى، فلم يغمض لها جفن منذ الحادثة، وحاولت أكثر من مرة الذهاب إلى مكان الإنفجار، لكنها منعت من الدخول إلى مكان التفجير، الذي أصبح منطقة عسكرية مغلقة، وكانت في كل مرة تنادي"بدي شوف ابني وشم ريحتو.. خلوني فوت، يمكن إذا شافني يطلع يحكيني، ويحس فيني، ويقلي يا أمي أنا هون تحت التراب بس عايش وناطرك، تعي لعندي يا ماما".
رضا عرابي... والده ينام بالقرب من مكان الانفجار
تروي نريمان حسن قصة الشاب المفقود رضا عرابي وهو جارهم وفقد له أي أثر منذ وقوع التفجير.
تقول نريمان: "رضا مفقود ولا أثر له منذ أول يوم لوقوع الانفجار، والداه يعيشان على أمل لقائه، والده ينام قرب مكان التفجير منذ أول يوم، وهو يؤكد أنه لن يعود إلى منزله إلا برفقة ابنه حياً كان أو ميتاً..
يقول والد رضا إنه رأى العديد من الجثث مقطعة الأوصال أثناء البحث عن ولده، وأثناء سؤاله عنه في المستشفيات، وعلى الرغم أنه لم يتلق حتى اليوم خبرا يثلج صدره، إلا أنه لم يفقد الأمل في العثور على رضا.
وكان رضا في وقت الحريق في المرفأ، واختفى منذ تلك اللحظة دون أي أثر وحتى سيارته لا وجود لها.
وتكمل نريمان قائلة: "يتهم والد رضا السلطات المعنية بالتقصير في البحث عن جثث المفقودين تحت الركام، ويقول إنه ينتظر يومياً أي إشارة قد تعطيه الأمل في إيجاد رضا، ولكن حتى اليوم لم تتواصل أي جهة رسمية لطمأنة ودعم أهالي المفقودين، الذين يأخذون معلوماتهم من الدفاع المدني الذي أصبح يشفق عليهم وعلى وجعهم".
دانا ابنة محمود فتوح.. "بابا رجاع لتفرح بتخرجي"
محمود فتوح أب لثلاثة أبناء، فُقد أثره عندما كان في طريقه إلى الجميزة بحكم عمله كديلفيري.
أبت ابنة محمود الكبرى (16 عاما) أن تصرخ وتبكي، وقالت وهي تحبس دموعها: "هيدي السنة بدي أتخرج، وبدي فرّح قلب بيي فيني ، أنا بنتو الكبيرة، بيضهر من ال7 الصبح ليأمنلنا كل احتياجياتنا، ترك شغله بشركة الأدوية من بعد الأزمة الإقتصادية، وصار يشتغل ديليفيري على الموتو تحت  الشمس الحارقة، بابا حنون ما فيي أتخيل إنو ما أرجع أحضنه، برفض صدق، أنا ناطرته ليفرح فيي وبإخواتي وبنجاحنا".
أما زوجة محمود فتقول: "منذ اللحظة الأولى للانفجار اتصلت بزوجي، ولكن خطه كان خارج التغطية، تركت ولداي الصغيرين عند جارتي ونزلت مهرولة مع ابنتي الكبرى دانا لنفتش عنه في المستشفيات، ولكن حتى الآن لم يطمئنا أحد عنه، زوجي لا أثر له، أخاف أن أفكر بأن يكون البحر قد ابتلعه، هذه مأساة، هذا كابوس، أدعو الله أن يرجع لنستكمل تربية أبنائنا سويا، حتى الآن لا أقوى على التفكير كيف سأكمل تربية أبنائي إذا لم يعد زوجي"... وتنهار باكية.
سامر عانوتي.. الآدمي الحنون
قبل أن تطلق تنهيدة وجع وغصة عميقة، غمرت رأسها بين ذراعيها، وانهارت بالبكاء، ثم قالت زوجة سامر عانوتي بحرقة: "أنا عروس جديدة، وزوجي عامل متواضع على البور، بيقبض 600 ألف بالشهر، زوجي حتى اليوم ما إلو أثر، كان دوامه للساعة 4 نهار الانفجار ولكن شاءت الظروف إنو يضل وقت أطول لأن إجاه شغل فيه مصاري غير معاشه الثابت، وكان مبسوط وقللي اليوم عملي حسابك رح نتعشى لحمة مشوية".
وتكمل حديثها وهي تجهش بالبكاء: "صحيح نحنا فقراء، بس سامر حنون، طيب وآدمي، خايفة يكون مات و تركني وحيدة وأنا بعدني عروس جديدة، مع إني ما بخفي عليكن، فقدت الأمل إنه لاقي زوجي، كل المؤشرات بتبين إنه توفى بس لو فعلا شاء القدر إنو يموت، بدي لاقي جثته لحتى صير زور قبره، بس ينفقد وما لاقي جثته هيدا اللي ما بقدر أتحمله".
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4