ما بعد الصدمة.. نصائح حول كيفية تخطّي اللبنانيين للآثار النفسية الناجمة عن الانفجار

ريان فهيم- بيروت

2020.08.07 - 02:09
Facebook Share
طباعة

 

 
"كانت الساعة تشير إلى السادسة والعشر دقائق من مساء الثلاثاء، أذكر جيداً ما حصل معي في هذا الوقت بالتفصيل، كنت جالسة على كرسيٍ أسود اللون وأمامي جهاز الكومبيوتر، فجأةً شعرتُ بأني أفقد توازني، فكل ما كان حولي بدأ بالدوارن والأرض اهتزت من تحتي بشكل مخيف، للوهلةٍ أولى قلت إن زلزالاً قوياً ضرب لبنان، وبعد ثوانٍٍ قليلة سمعت دوي انفجار أفقدني قوتي وتوازني فسقطتُ أرضاً وصرخت بكل ما أملك من قوة، ومن بعدها انفجرتُ بالبكاء ، وقلت لنفسي إنها ساعة الموت، توقعت سقوط المبنى علينا. لم أستوعب ما حصل معي، منزلي أصبح خراباً والزجاج ملأ المكان، لا أستطيع نسيان الصدمة التي تلقيتها بشكل غير مباشر، اختلطت مشاعر كثيرة ممزوجة بالقلق والتوتر ، إذ لا يوجد مكان للتفكير بل للشعور، وصرت أردد لا أريد الموت... لا أريد الموت، بعدها توقف الزمن بي عند الساعة السادسة والعشر دقائق".
هكذا وصفت إحدى المصابات بحادثة انفجار مرفأ بيروت رشا حسين لـ"وكالة أنباء آسيا" ما مرت به، ومن نافل القول إن رشا ليست الوحيدة التي شعرت بآثار الصدمة، فمعظم الشعب اللبناني أصابه هذا الشعور، وخاصةً من كانوا على مقربة من مكان الانفجار.
تشير الدكتورة النفسية رجاء مكي ل"وكالة أنباء آسيا" إلى أن "ما تعرض له الشعب اللبناني يسمى علمياً "بالصدمة الهلعية" وهي تخترق الإنسان بشكلٍ كليّ، وتعتبر هذه الصدمة فريدة من نوعها مقارنةً بالصدمات السابقة التي عاشها اللبنانيون خلال فترة الحرب والاغتيالات، ولكن من عاش هذه الحقبة جيداً يصبح متأقلماً نوعاً ما مع واقع الحوادث المفاجئة المستقبلية على عكس الذي لم يعش هذه الحقبة، لأن مناعته النفسية تكون غير مجهزة لاستقبال هذا النوع من الحوادث". لافتةً إلى أن " الآثار النفسية التي تخلّفها الحروب والانفجارات تختلف بين الأشخاص الذين عاشوها كما وتختلف ردود الأفعال بمقدار تفاعلهم مع الحدث وبمدى تأثرهم به، وبالتالي تكرار التجربة لدى من خَبِرها قد تؤدي به إلى فقدان الأمل والخوف من المجهول ومصير المستقبل، الأمر الذي يلقي بظلاله على طموحات الشباب الذين لم يتجهزوا للتعامل مع الحالة النفسية، كما يجد هذا الشخص نفسه بأنه مغترب في بلده، خصوصاً أن دولتنا غير مجهزة للتعاطي مع ما حصل، مما أدى بالبعض إلى عدم تحمّل الاهتزازات العنيفة".
وتؤكد مكي أن " أعراض اضطراب ما بعد الصدمة ستظهر بحسب عوامل عدة مثل المرونة الفردية، والشخصية، والتاريخ السابق للصدمات، وشدة الصدمة، والبيئة التي تحيط به، ومدى توافر الدعم العاطفي ، وحالته النفسية (مستقرة أم غير مستقرة). فإذا كانت الصدمة أقوى من قدرة الفرد على تحمّلها، سيترتب عليه الاهتمام بصلابته النفسية والبحث عن سُبل دعمها ، فالصدمة تؤدي إلى اختراق جهازه الدفاعي مع إمكانية تهشيم حياته بشدة، مما ينتج عنه تغيّرات في الشخصية، أو مرض عضوي، إذا لم يتم التحكم في الأمر والتعامل معه بسرعة وفاعلية".
وتابعت مكي بالقول "تظهر الأعراض النفسية الناتجة عن الصدمة بعد زوال التهديد بفترة وجيزة وتتضمن: القلق الحاد والهلوسة، البكاء المستمر، الخوف، عدم القدرة على النوم، وقد تتحول إلى مشاكل جسدية كالتأتأة والعودة إلى التبول لدى الأطفال وتساقط الشعر لدى الكبار وغيرها...".
كيف يمكننا التخلص من آثار الصدمة خصوصاً لدى الأطفال؟
تجيب الدكتورة مكي على هذا السؤال بالقول إنه "لا يمكننا التخلص من آثارها بشكل كامل، بل يمكن التخفيف من وطأتها عن طريق إقامة التواصل والحوار مع الأطفال والمراهقين وكذلك الكبار ليستعيدوا ثقتهم بمحيطهم، ومن الضروري أن نقول الحقيقة للأطفال وتجنب الكذب عليهم، يمكن للأهل أن يعطوا أولادهم تفسيراً منطقياً للواقع الذين وجدوا أنفسهم فيه، ويكون ذلك من خلال إدماجهم بنشاطات وألعاب تشرح شعورهم مما يساهم بتخفيف الألم عنهم والخروج من الصدمة بأقل ضرر نفسي ممكن، فالطفل أكثر عرضةً لتخزين مخيلته بمشاهد عنيفة وعدائية والتي قد تنعكس على حياته بأعمال عدائية ناتجة عن أزمة نفسية ".
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 9