ماهي "نترات الأمونيوم" التي تسببت بتدمير نصف العاصمة بيروت؟

2020.08.05 - 02:46
Facebook Share
طباعة

 

كشف الانفجار الضخم الذي شهدته العاصمة اللبنانية بيروت، مساء الثلاثاء، وأسفر عن دمار كبير بمنطقة مرفأ بيروت، عن خطورة مادة نترات الأمونيوم التي كانت وراء الكارثة.
وتم تخزين حوالي 2750 طناً من نترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت منذ سنوات، بحسب رئيس الوزراء اللبناني، وأدى الانفجار إلى مقتل أكثر من مئة شخص وأضرار كبرى في العاصمة اللبنانية.
ماهي "نترات الأمونيوم"؟
نترات الأمونيوم مادة صلبة بلورية بيضاء قابلة للذوبان بشكل طبيعي، وتعرف باسم "الملح الصخري"، وصيغتها الكيميائية هي NH4NO3.
تستخدم نترات الأمونيوم في الغالب في الزراعة كسماد عالي النيتروجين، وهي مادة مستقرة نسبياً في معظم الظروف، وغير مكلفة من ناحية التصنيع، مما يجعلها المادة الكيميائية البديلة الأكثر شيوعاً كمصدر للنيتروجين، والأقل تكلفة.
وتعد نترات الأمونيوم من مكونات الأسمدة التي تسمى الأمونترات، والتي يشتريها المزارعون في أكياس كبيرة أو بالوزن. وهي منتجات غير قابلة للاشتعال، ولكنها مؤكسدات، أي أنها تسمح باحتراق مادة أخرى مشتعلة.
وعلى الجانب الآخر، تعد نترات الأمونيوم مكوناً رئيسياً لمادة ANFO، المعروفة باسم "زيت الوقود"، التي تُستخدم كمادة تفجير اصطناعية في قطاع التعدين والمحاجر والبناء المدني، وتمثل 80٪ من المتفجرات الاصطناعية المستخدمة في الولايات المتحدة.
ولا تعتبر مادة نترات الأمونيوم خطيرة في حد ذاتها، لكن في ظروف معينة يمكن أن تكون مدمرة، ومن هنا، فإن لدى معظم البلدان لوائح تتعلق بطرق تخزينها للتأكد من أنها آمنة.
وأكدت جيمي أوكسلي، وهي أستاذة الكيمياء بجامعة رود آيلاند الأمريكية التي أجرت دراسات عن اشتعال مادة نترات الأمونيوم "من الصعب جداً إشعالها" كما أنه "ليس من السهل تفجيرها".
وبالتالي يجب أن يخضع التخزين لقواعد من أجل عزل نترات الأمونيوم عن السوائل القابلة للاشتعال (الوقود والزيوت، وما إلى ذلك)، والسوائل المسببة للتآكل، والمواد الصلبة القابلة للاشتعال أو حتى المواد التي تبعث حرارة عالية.
ولكن، هناك مجموعة من العوامل والظروف التي لا بد من توافرها لتحويل نترات الأمونيوم من مركب آمِن إلى مادة متفجرة، من دون أي وقود أو محفزات خارجية.
ويتم تصنيف نترات الأمونيوم على أنها "مادة حيوية"، وهي تنتج الحرارة أثناء تحللها على غرار الطرق المعروفة عن توليد الحرارة باستخدام المواد المتعفنة في السماد.
وإذا كانت هناك كمية كبيرة من نترات الأمونيوم في ظروف غير طبيعية، فإنه يمكنها توليد حرارة ذاتية كافية لإشعال النار واستمرار الحريق، من دون الحاجة إلى أي محفز خارجي.
وأثناء احتراقها، تمر نترات الأمونيوم بتغيرات كيميائية تؤدي إلى إنتاج الأكسجين، وهو بالضبط ما يحتاجه أي حريق للاستمرار والتمدد، ومع ارتفاع درجة الحرارة تتحول المادة إلى ما يشبه "مفجر القنبلة".
وتظل المساحة خلف "المفجر" تزداد سخونة مع سرعة الاندماج حيث تتشكل الغازات الساخنة بشكل أكبر كثافة، إلى حين لا تجد مكاناً تتسع فيه، فتنفجر في نهاية المطاف.
وشكلت نترات الأمونيوم مصدراً للعديد من المآسي، عرضية أو جرمية، في العالم.
ووقعت أول الحوادث في مصنع "بي أي إس إف" في أوباو (ألمانيا) وأسفر عن مقتل 561 شخصاً في عام 1921. في عام 1947، اهتزت مدينة بريست الفرنسية إثر انفجار سفينة الشحن النرويجية أوشن ليبرتي التي كانت محملة بالمادة.
في فرنسا كذلك، انفجرت كمية كبيرة تبلغ حوالي 300 طن من نترات الأمونيوم مكدسة بكميات كبيرة في مستودع مصنع "آي زد إف" في الضواحي الجنوبية لمدينة تولوز الفرنسية في عام 2001 وسمع دويه على بعد 80 كيلومتراً وأدى إلى مقتل 30 شخصاً وألحق دماراً في المدينة الرابعة لفرنسا.
في الولايات المتحدة، أدى انفجار رهيب في مصنع "ويست فيرتلايزر" للأسمدة في بلدة ويست غرب تكساس إلى مقتل 15 شخصاً في عام 2013، حيث انفجر مخزون من نترات الأمونيوم في حادث متعمد. وشكك المحققون في غياب معايير التخزين.
ويمكن أيضاً استخدام نترات الأمونيوم في تصنيع الأدوات المتفجرة.
إذ تلعب التكلفة المنخفضة لنترات الأمونيوم، فضلاً عن توافرها في الأسواق، دوراً كبيراً في جعلها المادة المفضلة للجماعات الإرهابية من أجل تصنيع القنابل.
وبينما تعد نترات الأمونيوم المحرك الأساسي لإحداث الانفجار، فإن تصنيع قنبلة من هذه المادة يحتاج إلى صاعق "مفجر القنبلة"، وبعض الوقود الذي يمكن أن يجعل تأثير التفجير مضاعفاً.
وبالنسبة للشحنة الموجودة في مرفأ بيروت، فقد صودرت هذه الشحنة قبل سنوات كما قالت مصادر متابعة، وكان يفترض إتلافها، ولكن بقيت في مكانها في خضم الفوضى والأزمات التي تعاني منها البلاد.
وحسب معلومات أمنية أولية، فإن الانفجار حدث أثناء عملية تلحيم لفتحة صغيرة لمنع السرقة، وفقاً لما ذكرته بعض التقارير.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1