الحسكة تواجه العطش مجددًا مع بداية الصيف

سامر الخطيب

2025.05.11 - 10:19
Facebook Share
طباعة

 
مع اقتراب فصل الصيف، تواجه مدينة الحسكة وريفها أزمة مائية حادة تهدد الحياة اليومية لعشرات الآلاف من السكان، في ظل تراجع كبير في منسوب المياه ضمن المناهل المحلية، واستمرار انقطاع مياه محطة علوك الواقعة في ريف رأس العين، والخاضعة لسيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له.


وتُعد منطقة "الحمة" في ريف الحسكة المصدر الرئيسي لتأمين مياه الشرب للمدينة، بعد توقف محطة علوك عن الضخ منذ سنوات، نتيجة السيطرة التركية على المنطقة وما تبعها من انقطاعات متكررة دون تنسيق مع الجهات الخدمية السورية. وقد سجلت المناهل هناك، وعددها نحو 58، انخفاضًا حادًا في كميات المياه، حيث جف العديد منها كليًا، بينما تراجعت إنتاجية مناهل أخرى إلى الثلث أو أقل.


تعاني عشرات العائلات يوميًا من مشقة تأمين مياه الشرب، وسط ارتفاع كبير في أسعار صهاريج المياه، إذ بلغ ثمن خمسة براميل مياه حوالي 40 ألف ليرة سورية، في وقت تتدهور فيه الأوضاع الاقتصادية للسكان الذين يعيش معظمهم على دخل محدود أو شبه معدوم.


يعزو مختصون هذا الانخفاض في منسوب المياه إلى عدة عوامل متراكبة، أبرزها قلة الهطولات المطرية هذا العام، إضافة إلى الاستهلاك الزائد نتيجة الاعتماد شبه الكامل على المصادر المحلية، في ظل انقطاع المصدر الأساسي في علوك. كما أن عدم وجود خطط استراتيجية بديلة لمواجهة هذه الأزمة المتكررة يفاقم الوضع الإنساني، خاصة في فصل الصيف حيث يزداد الطلب على المياه بشكل كبير.


من جهتها، تسعى البلديات المحلية إلى السماح بحفر آبار منزلية كحل إسعافي، إلا أن الإجراءات التنظيمية والروتينية، إضافة إلى التكاليف الباهظة لحفر الآبار، تقف عائقًا أمام كثير من العائلات. كما لم تشهد المنطقة أي دعم دولي فاعل يضمن وصول المياه بشكل منتظم أو يضغط باتجاه تحييد الموارد المائية عن الصراعات العسكرية والسياسية.


وتشير التقارير الحقوقية والبيئية إلى أن استمرار قطع المياه من محطة علوك، إلى جانب الانخفاض في كميات المياه الإقليمية القادمة من تركيا، يمثل انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان في الحصول على المياه، ما يفرض على المنظمات الدولية التحرك العاجل للضغط على الأطراف الفاعلة وإيجاد حل دائم يضمن الأمن المائي في المنطقة.


بالإضافة إلى التأثير المباشر على الشرب والنظافة، فإن تداعيات نقص المياه تطال القطاع الزراعي الذي يعتمد سكان الريف عليه كمصدر رزق رئيسي، كما تهدد التوازن البيئي في المنطقة، مع تزايد التصحر وتدهور التربة.


وفي ظل غياب حلول عملية وفورية، ترتفع أصوات المواطنين مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بتحمل مسؤولياتها، وضرورة التدخل لمنع تكرار هذه الكارثة الإنسانية التي باتت تتجدد سنويًا في محافظة الحسكة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7