مافيات الحديد تنهب دير الزور المنكوبة
سامر الخطيب
تعيش مدينة دير الزور على وقع فوضى أمنية متزايدة، باتت تهدد بقاء السكان داخل أحيائها المدمرة. فمع استمرار حالة الانفلات، تنتشر مافيات "التعفيش" والنهب المنظم بشكل علني، مستهدفة ما تبقى من منازل المدنيين، خصوصاً في أحياء الشيخ ياسين، الحميدية، والعرضي.
السكان الذين عادوا إلى مناطقهم المدمرة يواجهون اليوم تهديداً مضاعفاً: ليس فقط صعوبة الحياة وسط الركام، بل أيضاً الخوف من سرقة ما تبقى من ممتلكاتهم، على يد عصابات بات يُشار لها محلياً باعتبارها امتداداً لمصالح وأذرع أمنية وعسكرية نافذة.
نهب منظم برعاية "غير معلنة"
تشير شهادات السكان إلى أن بعض هذه المجموعات كانت تعمل سابقاً لصالح جهات عسكرية معروفة بتورطها في أعمال "التعفيش" خلال المعارك، تحديداً لصالح الفرقة الرابعة، مع تواتر الحديث عن مصانع صهر الحديد كمراكز رئيسية لتمرير المسروقات، من أبرزها "معمل شويش" على شارع الكورنيش في حي الجورة، إلى جانب باطوسات مجهولة تنقل الحديد خارج المحافظة.
الناشطون يتهمون جهات محلية بالتواطؤ أو التغاضي، فيما تغيب الأجهزة الأمنية عن المشهد، تاركة المدنيين لمصيرهم.
دير الزور بين التجاهل الرسمي ومخاوف التقسيم الاجتماعي
الوضع في دير الزور لا يعكس فقط انفلاتاً أمنياً عابراً، بل ربما يشير إلى غياب واضح للإرادة السياسية في إعادة الحياة إلى المدينة. ففي الوقت الذي تُقدَّم فيه مشاريع إعمار صورية، يعاني السكان من غياب الحد الأدنى من الحماية، وسط مشهد لا يخلو من الطائفية الاقتصادية والاستغلال السياسي.
وما يضاعف خطورة هذه الأزمة أن المجموعات المتورطة تنتمي في كثير منها إلى شبكات عائلية أو عشائرية لها امتدادات في أجهزة نافذة، ما يجعل مواجهتها أكثر تعقيداً، خاصة في ظل غياب القضاء المستقل ومؤسسات المحاسبة.
مستقبل على المحك
إعادة الأمن إلى دير الزور باتت ضرورة وطنية عاجلة، تتطلب جهداً مشتركاً بين الأجهزة الأمنية، السلطات المحلية، والمجتمع المدني. فاستمرار الفوضى سيقوّض أي إمكانية لعودة السكان أو إنعاش الاقتصاد، ويترك المدينة رهينة جماعات الجريمة المنظمة.
وبينما يعلّق الأهالي آمالهم على حلّ يُعيد إليهم الأمان والكرامة، يبقى السؤال: من يحاسب من؟ ومن يضع حداً لهذا الانهيار الأخلاقي والإداري في مدينة دفعت ثمناً باهظاً للحرب... ولا تزال؟
