قدّم مشرّعون من الحزبين “الديمقراطي” و”الجمهوري” في مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء 25 من آذار، مشروع قانون يستهدف تقييم المخاطر الإرهابية المحتملة القادمة من سوريا. تأتي هذه المبادرة في ظل تغيّرات سياسية متسارعة تشهدها المنطقة، ووسط تحذيرات من استمرار سوريا كملاذ للجماعات الإرهابية، وفقًا لما نقلته شبكة "فوكس نيوز".
تشديد الرقابة وتوسيع الصلاحيات
ينص مشروع القانون على إلزام وزارة الأمن الداخلي الأمريكية بإجراء تقييم شامل للتهديدات التي قد تنشأ من سوريا، مع التركيز على المخاطر المحتملة التي قد تهدد الأمن القومي الأمريكي. ووفقًا لمصادر مطلعة، يهدف التشريع إلى تعزيز تدابير الحماية الداخلية، ومنع أي اختراق محتمل عبر الحدود، سواء من عناصر إرهابية مباشرة أو عبر استغلال قنوات الهجرة واللجوء.
من المتوقع أن تخضع مسودة القانون للمراجعة داخل لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب، على أن يتم التصويت عليها في 1 من نيسان المقبل.
مشرّعون يقودون الحملة الأمنية ضد سوريا
يتصدر هذا المشروع النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، لو كوريا، ونظيره الجمهوري عن ولاية تكساس، مورغان لوتريل، وكلاهما له سجل بارز في دعم السياسات الأمنية الصارمة داخل الولايات المتحدة.
يؤكد كوريا أن "أمن الحدود لا يبدأ ولا ينتهي عند الحدود"، مشددًا على أن التهديدات القادمة من سوريا لا يمكن الاستهانة بها. ويرى أن على وزارة الأمن الداخلي وشركائها تكثيف جهودهم لمواجهة هذه المخاطر قبل أن تتحول إلى تهديدات ملموسة داخل الأراضي الأمريكية.
بدوره، أوضح النائب مورغان لوتريل أن التشريع الجديد "سيفرض على وزارة الأمن الداخلي تقييم المخاطر الناجمة عن العناصر المرتبطة بالمنظمات الإرهابية في سوريا"، مضيفًا أن واشنطن "لا تستطيع التغاضي عن التصاعد الخطير في التهديدات الإرهابية القادمة من هناك".
هل يغيّر التشريع سياسة واشنطن تجاه اللاجئين؟
بحسب المراقبين، فإن إقرار هذا القانون قد يترجم إلى سياسات أمريكية أمنية أكثر تشددًا، خصوصًا في ملف اللاجئين السوريين، وربما يؤدي إلى فرض قيود إضافية على حركة الهجرة والتأشيرات. كما قد يفتح الباب أمام قرارات صارمة تهدف إلى منع أي استغلال لمسارات اللجوء من قبل التنظيمات المتطرفة.
ويبدو أن مشروع القانون يحظى بدعم قوي داخل الكونغرس، لا سيما بين أعضاء لجنة الأمن الداخلي، الذين يؤكدون على ضرورة اتخاذ تدابير إضافية لحماية الحدود الأمريكية من أي تهديدات محتملة.
قائمة مطالب أمريكية لدمشق.. والعقوبات على الطاولة
بالتزامن مع تقديم هذا التشريع، كشفت وكالة "رويترز" أن الولايات المتحدة سلّمت دمشق قائمة شروط تريد من الحكومة السورية تنفيذها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة عليها.
وفقًا لمصادر أمريكية وسورية، تضمنت المطالب تدمير أي مخازن متبقية للأسلحة الكيماوية، التعاون في مكافحة الإرهاب، وضمان عدم تولي مقاتلين أجانب أي مناصب قيادية في السلطة. كما طلبت واشنطن تعيين ضابط اتصال للتعاون في العثور على الصحفي الأمريكي المفقود منذ أكثر من عقد، أوستن تايس.
لم تحدد واشنطن جدولًا زمنيًا لتنفيذ هذه المطالب، كما لم تكشف عن طبيعة التخفيف المقترح للعقوبات، مما يترك الباب مفتوحًا أمام المزيد من التوترات بين الطرفين.
التداخل الإسرائيلي في المشهد السوري
في سياق متصل، أفادت تقارير بأن إسرائيل تضغط على واشنطن لإبقاء سوريا في حالة ضعف وعدم استقرار، لمنع أي تهديد استراتيجي محتمل في المنطقة. ومع ذلك، تشير مصادر أمريكية إلى أن الإدارة الأمريكية لم تتبنَّ بالكامل الموقف الإسرائيلي، ولا تزال تدرس خيارات التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق بحذر شديد.
ما التالي؟
مع تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد المخاوف الأمريكية من انعكاسات المشهد السوري على أمنها الداخلي، يبدو أن مشروع القانون الجديد ليس مجرد خطوة استباقية، بل قد يكون بداية لتحوّل أوسع في الاستراتيجية الأمريكية تجاه سوريا. هل تتجه واشنطن نحو تشديد قبضتها الأمنية، أم أن هذه التحركات مجرد أوراق ضغط جديدة في لعبة السياسة الدولية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.