يُعدّ قطاع النفط والغاز من الركائز الاقتصادية الحيوية في سوريا، لكنه تعرض خلال السنوات الماضية لضغوط هائلة نتيجة الحرب المستمرة، العقوبات الاقتصادية، وفقدان السيطرة على بعض الحقول النفطية الاستراتيجية. واليوم، تسعى الحكومة السورية إلى إعادة تأهيل البنية التحتية وتعزيز الإنتاج المحلي لمواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة.
التحديات التي تواجه قطاع النفط السوري
- الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية: تعرضت منشآت النفط والغاز في سوريا إلى دمار واسع نتيجة النزاع، مما أدى إلى تعطيل الإنتاج وانخفاض معدلات التصدير.
- خروج الحقول النفطية عن السيطرة: تقع العديد من الحقول الاستراتيجية، مثل تلك الموجودة في دير الزور والحسكة، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مما يحد من قدرة الحكومة على استغلال هذه الموارد بشكل مباشر.
- العقوبات الدولية: فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على قطاع النفط السوري، مما صعّب من عمليات الاستيراد والتصدير.
- زيادة الطلب على الطاقة: شهدت سوريا ارتفاعاً كبيراً في الطلب على الطاقة بسبب تعافي بعض القطاعات الاقتصادية، مما يفرض تحديات إضافية على الحكومة.
إستراتيجية الحكومة لإعادة تأهيل القطاع
1. خطط تأهيل البنية التحتية
أكد مسؤول العلاقات العامة في وزارة النفط والثروة المعدنية، أحمد سليمان، أن الوزارة تعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية النفطية عبر خطط متكاملة تهدف إلى استعادة الإنتاج المحلي وتطوير المنشآت القائمة.
2. آلية استيراد النفط والمشتقات
تعتمد الحكومة السورية على نظام المناقصات لاستيراد النفط والمشتقات النفطية، حيث تتيح الفرصة لجميع الشركات الدولية التي تستوفي الشروط التعاقدية. ويعكس هذا النظام محاولات الحكومة لتنويع مصادر التوريد في ظل العقوبات الغربية.
3. عدم وجود اتفاق رسمي مع روسيا حول النفط القطبي
رغم التقارير الإعلامية التي تحدثت عن شحنات نفط قطبي روسي إلى سوريا، أكد سليمان أنه لا يوجد اتفاق رسمي بهذا الشأن، وأن عمليات الاستيراد تتم فقط من خلال المناقصات المطروحة.
التعاون مع "قسد" وإدارة الحقول النفطية
أشار سليمان إلى أن الاتفاق الأخير بين الحكومة السورية وقسد يهدف إلى دمج بعض المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن مؤسسات الدولة، مع تشكيل لجان متخصصة لإدارة الحقول النفطية في دير الزور والحسكة. وإذا تم تنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل، فقد يساهم في تأمين جزء كبير من احتياجات البلاد النفطية.
توزيع الغاز المنزلي وتحسين آليات التسعير
يعاني قطاع الغاز في سوريا من مشكلات متعددة، بما في ذلك الأعطال المستمرة في معامل الإنتاج وعدم كفاية التمويل لتطوير محطات التوزيع. ومع ذلك، تمكنت الوزارة مؤخراً من تقليل فترة استلام أسطوانات الغاز إلى 25 يوماً، كما أنشأت مراكز للبيع المباشر لتوفير الغاز للمواطنين بأسعار رسمية.
الإجراءات الحكومية لمكافحة السوق السوداء
مع استمرار انتشار السوق السوداء وارتفاع أسعار المحروقات فيها، أكدت الوزارة أنها تعمل على تعزيز الرقابة على محطات الوقود، مع اتخاذ إجراءات صارمة لضبط عمليات التهريب والممارسات غير القانونية التي تؤثر على توافر المحروقات.
آفاق المستقبل والتحديات المتبقية
بالرغم من الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام قطاع النفط في سوريا، منها:
- الحاجة إلى استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل المنشآت.
- استمرار العقوبات الاقتصادية التي تعرقل عمليات الاستيراد والتصدير.
- صعوبة استعادة السيطرة الكاملة على الحقول النفطية.
يواجه قطاع النفط في سوريا تحديات جمة، لكنه يبقى عنصراً أساسياً في الاقتصاد الوطني. وتعمل الحكومة على إعادة تأهيل القطاع عبر خطط طويلة الأمد، في حين تظل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية مؤثرة في مستقبل هذا القطاع الحيوي.