بعد سقوط النظام السوري وفتح باب الاستيراد في سوريا، أصبحت الأدوية المستوردة، خاصة التركية، منتشرة بشكل واسع في الصيدليات والأسواق، مما شكل تحديًا كبيرًا أمام الصناعة الدوائية المحلية التي تعاني أصلًا من ارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة تأمين المواد الأولية.
أسعار أقل وجودة تنافسية
الأدوية التركية وحتى الأوروبية والأمريكية غالبا تتمتع بجودة عالية وأسعار أقل مقارنة بالأدوية الوطنية، الأمر الذي يدفع العديد من السوريين إلى تفضيلها، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تجعل البحث عن البدائل الأرخص ضرورة للكثير من العائلات.
ويرجع انخفاض أسعار الأدوية المستوردة إلى عدة عوامل، منها دعم الحكومات الأجنبية لصناعاتها الدوائية، وتوافر المواد الأولية بأسعار أقل، واعتماد خطوط إنتاج متطورة وأكثر كفاءة، إضافةً إلى انخفاض تكاليف الشحن مقارنة بتكاليف الإنتاج في سوريا. في المقابل، يعاني القطاع الدوائي السوري من ارتفاع تكاليف المواد الأولية، فضلاً عن الحاجة إلى كميات كبيرة من الوقود، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار الأدوية المحلية.
تأثير الاستيراد على سوق الدواء المحلي
مع تدفق الأدوية المستوردة بأسعار أقل، باتت شركات الدواء الوطنية تواجه خطرًا حقيقيًا، خاصة أن أسعار الأدوية المحلية بقيت ثابتة رغم انخفاض سعر الصرف، ما دفع شريحة واسعة من السوريين إلى البحث عن بدائل أرخص مثل الأدوية التركية، التي تباع بأسعار أقل بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالدواء الوطني.
ويرى بعض الصيادلة أن الأدوية التركية ليست دائمًا مضمونة الجودة، حيث إن نسبة كبيرة منها تأتي عبر التهريب، مما يطرح تساؤلات حول فعاليتها ومصادرها. ومع ذلك، فإن شريحة واسعة من المستهلكين مضطرة إلى شرائها بسبب الضغوط الاقتصادية التي يواجهونها.
يُذكر أن بعض الأدوية الوطنية لم تعد متوفرة بشكل مستمر في الصيدليات، مما يزيد الطلب على البدائل المستوردة. ووفقًا لبعض التقديرات، فإن نسبة كبيرة من السوق باتت تعتمد على الأدوية التركية والأجنبية، ما يزيد من تآكل حصة الصناعة المحلية.
ضرورة تحرك شركات الأدوية الوطنية
في ظل هذا الواقع، أصبح لزامًا على الشركات الدوائية المحلية اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على مكانتها في السوق. ويمكن تحقيق ذلك عبر عدة استراتيجيات:
- تخفيض الأسعار: يجب على الشركات المحلية مراجعة تكاليف الإنتاج والاستفادة من انخفاض سعر الصرف لتقديم أسعار أكثر تنافسية.
- تحسين الجودة: تطوير المنتجات الدوائية من خلال اعتماد تقنيات تصنيع حديثة والبحث عن مصادر أفضل للمواد الأولية.
- التوسع في الأسواق الخارجية: يمكن للشركات السورية البحث عن فرص تصديرية لدعم استمراريتها، خاصة في الأسواق المجاورة.
- زيادة الدعم الحكومي: ينبغي على الحكومة التدخل لدعم القطاع الدوائي، سواء عبر تخفيف الأعباء الضريبية أو توفير المحروقات بأسعار مدعومة.
إن استمرار الوضع الحالي دون تدخل فعّال قد يؤدي إلى تراجع الصناعة الدوائية المحلية لصالح المنتجات المستوردة، مما يزيد من اعتماد السوق السورية على الأدوية الأجنبية ويهدد استدامة الإنتاج الوطني في المستقبل. لذلك، يتعين على الشركات الدوائية الوطنية التحرك سريعًا لمواجهة هذه التحديات قبل فوات الأوان.