بعد مرور نحو عشرة أيام على صدور الإعلان الدستوري السوري، أبدى المجلس الوطني الكردي اعتراضاته على مجموعة من بنوده، معتبرًا أن بعض مواده لم تعكس بشكل منصف التنوع القومي والديني في سوريا، ولم تلبِّ تطلعات جميع مكونات الشعب السوري.
وفي بيان صادر عن الهيئة القانونية للمجلس يوم 23 آذار، شدد المجلس على ضرورة صياغة وثيقة دستورية تؤسس لدولة ديمقراطية مدنية، تضمن حقوق جميع المواطنين دون تمييز، كما أشار إلى أن الديباجة التي تشكل الأساس الدستوري للدولة جاءت "قاصرة" ولم تعكس النضالات والتضحيات التي قدمتها كافة مكونات المجتمع السوري.
أبرز النقاط الخلافية التي طرحها المجلس
1. هوية الدولة واسم الجمهورية
أشار المجلس إلى أن اسم الدولة في دستور 1950 كان "الجمهورية السورية"، معتبرًا أن الإصرار على استخدام "الجمهورية العربية السورية" يعكس توجهًا يربط هوية الدولة بمكون واحد، متجاهلًا تعددية المجتمع السوري. ودعا إلى تعديل الاسم ليعكس الهوية الجامعة لجميع القوميات والأديان.
2. الدين الرسمي لرئيس الجمهورية
انتقد المجلس اشتراط دين معين لرئيس الجمهورية، معتبرًا ذلك تمييزًا يحد من مبدأ المواطنة المتساوية، وأوصى بأن يكون المنصب متاحًا لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، مع الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي يمكن أن يكون "أحد مصادر التشريع" وليس المصدر الرئيسي، وذلك لضمان التعددية الدينية واحترام المكونات الأخرى.
3. اللغة الرسمية
أحد أهم الاعتراضات التي طرحها المجلس تمثلت في عدم الاعتراف بأي لغة رسمية أخرى إلى جانب العربية. وطالب المجلس باعتبار اللغة الكردية لغة رسمية ثانية، أو على الأقل منح لغات المكونات الأخرى وضعًا رسميًا في المناطق التي تشكل فيها الأغلبية.
4. الحقوق والحريات العامة
تضمنت دراسة المجلس مقترحات لإعادة النظر في الباب الثاني من الإعلان الدستوري والمتعلق بالحقوق والحريات، مشيرة إلى أن الإعلان لم يتناول بشكل واضح آليات محاسبة السلطة التنفيذية، بما في ذلك الوزراء ورئيس الجمهورية، كما لم يحدد الجرائم التي يمكن أن يُحاسبوا عليها.
بين مطالب المجلس الوطني الكردي ومستقبل التوافق الوطني
يبرز موقف المجلس الوطني الكردي كجزء من الجدل الأوسع حول طبيعة الدولة السورية المستقبلية، بين من يدعو إلى دولة مركزية ذات طابع قومي عربي، وبين من يطالب بتعددية قومية تعترف بحقوق جميع المكونات. يعكس هذا التباين في الرؤى تحديات كبيرة تواجه عملية كتابة دستور جديد يمكن أن يكون مقبولًا لدى مختلف الأطراف السورية.
إن الانتقادات التي وجهها المجلس الوطني الكردي تتلاقى في بعض النقاط مع مواقف أطراف كردية أخرى، مثل "الإدارة الذاتية" و"مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، والتي ترى أن الإعلان الدستوري لا يعترف بحقوق الكرد بشكل كافٍ. من جهة أخرى، فإن هذه الاعتراضات تضع القوى السياسية السورية أمام اختبار صعب في إيجاد صيغة توافقية تضمن التعددية من دون المساس بوحدة الدولة.
يؤكد موقف المجلس الوطني الكردي أهمية تضمين الدستور الجديد لضمانات حقيقية لحقوق جميع المكونات السورية، سواء من حيث الهوية الوطنية، أو الحقوق السياسية، أو الثقافية. ويبقى التحدي الأساسي أمام القوى السياسية السورية هو تحقيق توازن عادل بين الحفاظ على وحدة الدولة وضمان العدالة والمساواة بين جميع مكوناتها.
المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS) هو تحالف سياسي كردي تأسس عام 2011، يضم مجموعة من الأحزاب والشخصيات السياسية الكردية المعارضة للنظام السوري. يهدف المجلس إلى تعزيز الحقوق القومية للكرد ضمن إطار الدولة السورية، وضمان التعددية السياسية والقومية، وتحقيق الديمقراطية في سوريا. وهو جزء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ويشارك في الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد حل عادل للقضية الكردية في سوريا.