تشهد عدة مدن تركية، وعلى رأسها إسطنبول وأنقرة وإزمير، موجة من التظاهرات والمواجهات بين المحتجين وقوات الأمن على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو. ويترقب الشارع التركي تطورات القضية، خاصة مع اقتراب موعد عرضه على القاضي المناوب، حيث سيتم اتخاذ قرار بشأن استمرار احتجازه أو الإفراج عنه بانتظار المحاكمة.
التهم الموجهة لإمام أوغلو
استجوبت النيابة العامة في إسطنبول إمام أوغلو لمدة أربع ساعات ونصف، حيث تم توجيه عدة اتهامات له، من بينها "الانتماء إلى منظمة إجرامية"، و"الاحتيال"، و"الابتزاز"، و"التدخل غير القانوني في المناقصات"، إضافة إلى "الاستيلاء على البيانات الشخصية بشكل غير قانوني". كما تم الكشف عن تسجيل صوتي مسرّب يشير إلى تسريب وبيع بيانات سكان إسطنبول لشركات خاصة عبر مناقصات غير قانونية.
تصاعد الاحتجاجات والإجراءات الأمنية
أدى اعتقال إمام أوغلو إلى اندلاع احتجاجات واسعة في مختلف المدن التركية. وقد فرضت السلطات في أنقرة وإزمير قيودًا على التظاهر، فيما أعلنت ولاية إسطنبول حظرًا مؤقتًا على جميع التجمعات والمسيرات والبيانات الصحافية. وعلى الرغم من هذه القيود، استمرت الاحتجاجات، وتصاعدت حدتها في بعض المناطق، مما أدى إلى وقوع إصابات بين المحتجين وعناصر الشرطة.
المواقف السياسية من الأزمة
أعلن حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، تمسكه بترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028. وأكد رئيس الحزب، أوزغور أوزال، أن الحزب سيعقد مؤتمرًا استثنائيًا لمناقشة التطورات السياسية، محذرًا من أي محاولات لتعيين وصي على الحزب.
من جهته، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الابتعاد عن التظاهرات، مشددًا على أن تركيا لن تسمح بالفوضى أو استخدام الشارع كأداة للضغط السياسي. كما أكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، أن "محاولة التأثير على القضاء عبر الاحتجاجات لن تؤدي إلى نتائج إيجابية".
أما المعارضة، فقد نددت باعتقال إمام أوغلو، معتبرةً أنه "اعتقال سياسي". وقال الرئيس السابق، عبد الله غول، إن "الضمير العام لن يقبل الظلم"، فيما حذر رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، من أن استمرار التوتر قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطيرة، مشيرًا إلى تراجع أداء الأسواق المالية بسبب الأزمة.
السيناريوهات المحتملة لمصير إمام أوغلو
مع استمرار الأزمة، تتعدد السيناريوهات بشأن مصير رئيس بلدية إسطنبول:
- الإفراج عنه: وهو سيناريو غير مرجح، حيث يمكن أن يعود لممارسة مهامه، لكن ترشيحه للرئاسة سيظل مرتبطًا بشروط قانونية.
- محاكمته طليقًا: قد يتم إطلاق سراحه مع استمرار محاكمته، مما قد يسمح للحكومة بتعيين مسؤول مؤقت لإدارة بلدية إسطنبول.
- الإدانة بمساعدة منظمة إرهابية: في هذه الحالة، قد يتم عزله من منصبه وتعيين مسؤول آخر لإدارة البلدية.
- الإدانة بتهمة تشكيل تنظيم إجرامي: قد يواجه إمام أوغلو عقوبة السجن، ما سيؤدي إلى انتخابات داخلية لاختيار رئيس جديد لبلدية إسطنبول.
التداعيات الاقتصادية والسياسية
أثرت الأزمة على الأسواق المالية التركية، حيث شهدت الليرة تراجعًا ملحوظًا، كما انخفضت مؤشرات البورصة وسط قلق المستثمرين. وتشير التوقعات إلى أن استمرار التوترات قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية، ما قد يؤثر على الاستقرار العام في البلاد.
حل مجلس نقابة المحامين في إسطنبول
في تطور آخر، تم حل مجلس نقابة المحامين في إسطنبول وإقالة أعضائه بتهمة "الدعاية الإرهابية". وقد نددت منظمات حقوقية ومحامون بالقرار، معتبرينه "مساسًا باستقلالية القضاء". واعتبرت نقابة المحامين التركية أن هذا الإجراء يمثل "تهديدًا لحرية التعبير وسيادة القانون".
مع استمرار الأزمة، يبقى المشهد السياسي في تركيا مفتوحًا على عدة احتمالات، في ظل استمرار الاحتجاجات والضغوط السياسية والقانونية. ويظل قرار القضاء بشأن إمام أوغلو هو العامل الأساسي في تحديد اتجاه الأحداث خلال الأيام المقبلة، وسط انقسام واضح بين الحكومة والمعارضة حول طبيعة القضية وأبعادها القانونية والسياسية.