إسرائيل تحكم قبضتها على القنيطرة.. احتلال ناعم أم مخطط استيطاني؟

رزان الحاج

2025.03.15 - 12:32
Facebook Share
طباعة

 يبدو أن إسرائيل انتقلت من سياسة التوغل العسكري إلى ترسيخ وجودها الأمني والاستيطاني في محافظة القنيطرة، وذلك بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024. هذه التحركات تثير مخاوف الأهالي من مصادرة أراضيهم وإقامة مستوطنات مستقبلية، وسط محاولات تل أبيب لاستمالة السكان عبر سياسة "الاحتلال الناعم"، التي تتراوح بين العروض الاقتصادية والإغاثية، وصولًا إلى محاولات اختراق النسيج الاجتماعي والطائفي في المنطقة.


مصادرة الأراضي.. سياسة التمدد الإسرائيلي
خلال الأشهر الماضية، صعدت إسرائيل من تحركاتها في القنيطرة، حيث قامت وحدات الجيش الإسرائيلي بتجريف أكثر من 200 دونم من الأراضي الزراعية في قرية جباتا الخشب، وأقامت نقاط مراقبة جديدة تطل على بلدات القنيطرة، ما أدى إلى تقييد حركة الأهالي وتقويض حريتهم في العمل والزراعة، وبحسب ناشطين محليين، فإن القوات الإسرائيلية منعت المزارعين من دخول أراضيهم في عدة مناطق مثل الحرية وشرق الحميدية، مما دفع الأهالي إلى رفض هذه السياسات، رغم الإغراءات الاقتصادية التي تقدمها إسرائيل.


"عروض عمل" تحت غطاء الاحتلال الناعم
ضمن محاولات إسرائيل لتثبيت وجودها، بدأت بعرض فرص عمل لسكان القنيطرة داخل الأراضي المحتلة بنظام "اليوم الواحد"، برواتب مغرية تتراوح بين 70 و100 دولار يوميًا. كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطة لفتح سوق العمل أمام العمال الدروز من سوريا للعمل في بلدات الجولان المحتل.


لكن هذه العروض قوبلت برفض واسع من الأهالي، الذين يرون فيها محاولة لإضعاف هويتهم السورية وفرض واقع جديد يخدم المصالح الإسرائيلية. رائد سليمان، أحد سكان جباتا الخشب، أكد أنه رغم الظروف المعيشية الصعبة، فإنه لن يقبل العمل في المستوطنات الإسرائيلية خوفًا من أن يكون ذلك جزءًا من مخطط تهويد المنطقة.


مساعدات إنسانية أم مشروع استيطاني؟
إلى جانب العروض الوظيفية، كثفت إسرائيل من توزيع المساعدات الطبية والإغاثية في قرى القنيطرة، في خطوة يرى فيها الأهالي محاولة أخرى لاختراق المجتمع السوري واستمالته، احدى نساء قرية كودنة، رفضت تلقي أي مساعدات إسرائيلية، معتبرةً أن الجيش الإسرائيلي يستغل الأوضاع الإنسانية الصعبة لإقامة مشروع استيطاني على المدى البعيد.


التلاعب بالتركيبة الديموغرافية.. لعبة إسرائيلية جديدة؟
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سمير أبو صالح، يرى أن إسرائيل لا تكتفي بالتوسع الجغرافي في القنيطرة، بل تعمل على خلق تغييرات ديموغرافية في المنطقة، عبر استغلال التنوع الطائفي في جبل الشيخ والقنيطرة. ويوضح أن تل أبيب تحاول تصوير نفسها كحامية لطائفة الدروز، في محاولة لعزلهم عن محيطهم العربي، وهو ما رفضه مشايخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء.


الوجود الإسرائيلي في سوريا.. إلى متى؟
إذاعة الجيش الإسرائيلي كشفت في تقرير لها أن تل أبيب أقامت "بهدوء شديد" منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، في خطوة تعكس نيتها البقاء في سوريا لفترة طويلة. كما أشار التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ ببناء تسعة مواقع عسكرية جديدة في القنيطرة، ورفع عدد ألوية الجيش العاملة هناك إلى ثلاثة، مما يشير إلى توجه إسرائيل نحو تعزيز سيطرتها العسكرية في الجنوب السوري.


وفي هذا السياق، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أن قواته "لن تغادر سوريا"، ما يطرح تساؤلات حول الخطوات التي يمكن للدولة السورية اتخاذها لوقف التوسع الإسرائيلي، في ظل التعقيدات السياسية والميدانية التي تشهدها المنطقة.


هل ستنجح محاولات إسرائيل في القنيطرة؟
رغم كل المحاولات الإسرائيلية لترسيخ وجودها في القنيطرة، لا تزال المقاومة الشعبية حاضرة، حيث يرفض الأهالي العروض الإسرائيلية، ويرون أن تل أبيب تسعى لاستغلال الظروف الصعبة لفرض واقع احتلالي جديد. وبحسب الخبراء، فإن المشروع الإسرائيلي في القنيطرة قد يواجه "فشلًا ذريعًا"، طالما أن السوريين يرفضون أي شكل من أشكال الهيمنة الإسرائيلية، ويصرون على التمسك بهويتهم الوطنية.


في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تتحول القنيطرة إلى نقطة انطلاق لمخطط إسرائيلي طويل الأمد، أم أن صمود أهلها سيفشل مشروع الاحتلال الناعم؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7