مأزق الدولة اللبنانية مع إسرائيل: الحل بيد استخبارات الجيش

بقلم: خضر عواركة

2025.02.21 - 09:49
Facebook Share
طباعة

تؤكد الغارة الإسرائيلية على منطقة وادي خالد ذات الغالبية السنية، التي وقعت ليل 20 فبراير 2025، أن إسرائيل لا تزال تنظر إلى كل من لا يخدم مصالحها في لبنان كهدف مشروع للتصفية، دون أي مبرر. والسؤال الذي يفرض نفسه: ما الذي استهدفته إسرائيل في وادي خالد؟ وأي بند في اتفاق وقف إطلاق النار يتيح لها قصف أهداف لبنانية لا علاقة لها بحزب الله؟

هذا العدوان يضع حلفاء الولايات المتحدة في الحكومة اللبنانية أمام أزمة لا يمكن تجاوزها بالوسائل الدبلوماسية، بل يضع الدولة بأكملها—من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة، وصولًا إلى لوبي "كلنا إرادة" الممسك بمفاصل القرار—أمام سؤال مصيري: إذا لم توفر الشرعية الدولية الحماية للبنان، فبأي وسيلة يمكن الدفاع عنه؟

منذ 18 فبراير، ومع كل غارة إسرائيلية جديدة، تتراكم أسباب انهيار الدولة، حتى قبل أن تجني الطبقة الحاكمة ثمار انتصارها السياسي المدعوم أميركيًا في لبنان والمنطقة.

الجمهور المقاتل أكبر من كل الأحزاب

الشرعية الشعبية ليست امتيازًا، بل مكتسبًا، وفي لبنان جمهور مقاتل يفوق حجم أي حزب ونفوذ أي محور. هؤلاء الذين يهتفون طلبًا للانتقام ممن دمّر 120 ألف منزل وقتل 13 ألف لبناني، أمامهم خياران: إما أن تستوعبهم الدولة وتدافع عنهم، أو أن يسحقوها في طريقهم إلى تحرير إرادتهم من الاحتلال، ثم إلى تحرير الأرض وردع العدوان.

التفاهمات الإقليمية والدولية قد تُجبر حزب الله على تقديم تنازلات سياسية، لكن هناك ثلث اللبنانيين ممن لا يأبهون بهذه الاتفاقيات ولا يعترفون بشرعية محلية أو دولية قد تفرض عليهم الاستسلام. هؤلاء إما أن تحميهم الدولة، أو أن ينبثق من بينهم ألف فصيل مقاوم.

الاستسلام لن يرضي إسرائيل… ولا شعبًا يرى فيها عدوًا

دولة بلا قوة تُسحق، ومن يظن أن الاستسلام سيرضي الإسرائيليين واهم. الاتفاق الذي وقعته قيادة الحزب قد يكون مقبولًا سياسيًا، لكن من يضمن أن الجنوبيين أنفسهم يقبلون به؟

الحل بيد استخبارات الجيش

حين كان جنوب لبنان تحت الاحتلال الإسرائيلي في الثمانينيات، لم تمنع انقسامات الجيش بين ألوية إسلامية ومسيحية استخباراته من خوض حرب فدائية ضد العدو. في ذلك الوقت، شنت الشعبة الثانية في الجيش عمليات نوعية بالتنسيق مع المقاومين المدنيين الذين سلّحتهم ودربتهم أحزابهم، وكان هناك تعاون وثيق بين استخبارات الجيش وعناصر من حركة أمل.

إحدى أبرز العمليات نفذها ثلاثة جنود من اللواء السادس، بينهم فضل الله ق. وسرحان س. وجندي آخر استشهد خلال العملية التي أوقعت قتلى في صفوف الاحتلال بمنطقة الوردات في بلدة الدوير، قضاء النبطية. وفي فبراير 1984، وقع هجوم نوعي آخر على قافلة إسرائيلية في منطقة السموقة، بين عبا وجبشيت، حيث تزامن هجوم جنود الجيش مع كمين نصبه مقاومون محليون، ما أدى إلى وقوع القافلة تحت نيران مزدوجة. آنذاك، هبط إسحاق رابين بطائرة مروحية لمعاينة موقع الهجوم الذي اعترفت إسرائيل بأنه أسفر عن مقتل خمسة جنود.

رغم انقسام الجيش، كانت استخبارات الألوية المسيحية تزود استخبارات الألوية المسلمة بمعلومات عن القوات الإسرائيلية. وهذا يثبت أن لبنان الرسمي ليس ضعيفًا، بل مستضعفًا، وأن قوة الدولة أو ضعفها مرهون بإرادتها. فبإمكان الدولة، بقدراتها المعلوماتية، أن تكون أقوى من أي حزب أو مقاومة إن قررت ممارسة حقها في الدفاع عن شعبها.

المعادلة واضحة: إما المقاومة أو التفكك

إسرائيل لن تتوقف عن عدوانها، وعلى العهد والحكومة أن يختارا بين أمرين:

1. قمع من سيقاومون إسرائيل بالقوة.


2. احتكار الدولة للسلاح وقيادة حرب غير نظامية لردع العدوان وحفظ سيادتها.

 

أما الحجة القائلة بأن لبنان لا يملك سوى مقاتلات "هوكر هنتر"، فهي مجرد ذريعة واهية. الردع ليس بالضرورة تحقيق النصر، فإسرائيل تسعى للتوسع والاستيطان، لكنها تريد فعل ذلك وهي مطمئنة إلى أمن مستوطنيها.

إذا قررت الاستخبارات العسكرية اللبنانية تنفيذ عمليات هجومية مدروسة للرد على العدوان، فسيكون أمام الولايات المتحدة خياران:

إما وقف العدوان الإسرائيلي.

أو خسارة النظام الحليف لها في بيروت.


القرار اليوم في يد الدولة اللبنانية: إما أن تستعيد دورها في حماية شعبها، أو أن تترك الفراغ ليملأه من لا تعجبهم معادلات القوى الدولية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2