ما هي اهداف اسرائيل في سورية حاليا؟

بلال بلبيسي – رام الله المحتلة

2025.02.16 - 09:23
Facebook Share
طباعة


تواصل إسرائيل متابعة عن كثب التطورات في سوريا، وتدرك أن الصراع السوري لم يُحسم بعد، وأن نتائج المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد ستكون لها تبعات كبيرة على الوضع الإقليمي. في هذا السياق، يتبنى الكتاب والخبراء الإسرائيليون موقفًا حذرًا تجاه التطورات في سوريا، ويشددون على ضرورة إبقاء الخيارات العسكرية والدبلوماسية مفتوحة لحماية المصالح الإسرائيلية وضمان استقرار الحدود، فضلاً عن تعزيز التعاون الاستخباراتي الذي يخدم الأهداف الأمنية الإسرائيلية.
دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري: تحديات استقرار المنطقة
من القضايا التي يوليها الخبراء الإسرائيليون أهمية خاصة هي قضية دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري. هذه الخطوة، إذا تمت بشكل عشوائي أو غير مدروس، قد تقود إلى تقويض الاستقرار الداخلي في سوريا. التحليلات الإسرائيلية تشير إلى أن قسد تمثل مكونًا رئيسيًا في الصراع ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال وشرق سوريا، وأن عملية دمج هذه القوات قد تكون محفوفة بالمخاطر، إذ لا يمكن تجاهل التوترات العرقية والدينية بين المجموعات التي تشكل قسد وبين النظام السوري.
تتفق بعض الدراسات الإسرائيلية مع هذا الرأي، حيث تشير إلى أن عملية الدمج ينبغي أن تتم تدريجياً وتحت إشراف دولي، خاصة أن المكونات المحلية في قسد تضم العديد من الأكراد والعرب، وهو ما قد يشكل تحديًا في دمجهم ضمن الجيش الذي يتسم بالكثير من الطائفية. بحسب الكتاب الإسرائيليين، فإن التعامل الحكيم مع هذه القضية سيساهم في منع تفجر النزاعات الداخلية التي قد تستغلها القوى الإقليمية المعادية، مثل إيران.
دور الاستخبارات الأمريكية في دعم دمشق: تعقيدات التعاون الدولي
فيما يتعلق بالوضع الأمني في سوريا، يبرز دور الاستخبارات الأمريكية التي قد تقدم معلومات حيوية للحكومة السورية لصد الهجمات الإرهابية. على سبيل المثال، في كانون الثاني/يناير، أفادت تقارير بأن الاستخبارات الأمريكية قد ساعدت دمشق في إحباط مخطط لتنظيم "الدولة الإسلامية" لتفجير مقام السيدة زينب. من وجهة نظر إسرائيل، فإن هذا التعاون الاستخباراتي يشير إلى نوع من التقارب الغير مباشر بين واشنطن ودمشق، وهو ما يعكس تضارب المصالح بين الأطراف الدولية الفاعلة في سوريا.
الكتاب الإسرائيليون يتفقون على أن تقديم المعلومات الاستخباراتية، خصوصًا حول شبكات تهريب المخدرات والأسلحة التي يديرها حزب الله، يعد أمرًا بالغ الأهمية. ويرون أن هذا التعاون بين واشنطن ودمشق قد يسهم في تقليص نفوذ إيران في سوريا، وهو ما يحقق مصلحة إسرائيلية واضحة. وفي الوقت نفسه، يعتقد البعض أن هذا التعاون قد يساهم في تحسين موقف سوريا في سياق الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بما يعزز الاستقرار في المنطقة.
الضغط على الحكومة السورية لتدمير الأسلحة الكيميائية: قضية مستمرة
تستمر قضية الأسلحة الكيميائية في سوريا في كونها نقطة خلافية رئيسية في العلاقات بين دمشق والمجتمع الدولي. منذ عام 2013، كانت هناك مطالبات مستمرة من المجتمع الدولي لنظام الأسد بتدمير كافة الأسلحة الكيميائية المتبقية. ومن خلال مراقبة إسرائيل للتطورات، يتبين أن الحكومة السورية بدأت مؤخراً في اتخاذ خطوات لتدمير هذه الأسلحة، استجابة للضغط الدولي.
بحسب التحليلات الإسرائيلية، فإن تدمير الأسلحة الكيميائية هو عنصر حاسم في بناء الثقة بين دمشق والمجتمع الدولي. وفي هذا الصدد، يشير الخبراء الإسرائيليون إلى أهمية دور منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في ضمان تنفيذ هذه العملية تحت إشراف دولي دقيق. التباطؤ في تدمير هذه الأسلحة قد يعزز من حالة عدم الثقة في النظام السوري ويزيد من الضغوط الخارجية عليه.
ترسيخ اتفاقية الحدود الإسرائيلية-السورية لعام 1974: التحديات والفرص
من بين القضايا التي تراقبها إسرائيل عن كثب هي الاستقرار على حدود الجولان السوري المحتل، خاصة بعد تطورات الوضع العسكري في سوريا. تدعو إسرائيل إلى التأكيد على اتفاقية فض الاشتباك التي تم التوصل إليها في عام 1974، والتي تشمل وجود قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) في المنطقة الحدودية. هذه القوة تلعب دورًا حيويًا في ضمان عدم تصعيد المواجهات العسكرية بين الطرفين.
لكن الواقع على الأرض معقد للغاية، حيث تسعى الميليشيات المدعومة من إيران، مثل حزب الله، إلى تعزيز وجودها في المناطق الجنوبية من سوريا، وهو ما يثير القلق الإسرائيلي بشكل خاص. تحليل الخبراء الإسرائيليين يشير إلى أن تعزيز وجود الأمم المتحدة في الجولان يظل أمرًا حيويًا لضمان منع التصعيد العسكري في هذه المنطقة الإستراتيجية، خاصة في ظل تحركات قوات إيرانية بالقرب من الحدود.
الفراغ الأمريكي: فرص خصوم إسرائيل
في غياب تفاعل أمريكي مستمر في سوريا، يرى الخبراء الإسرائيليون أن هناك خطرًا من أن تستغل القوى الإقليمية المعادية مثل روسيا وإيران هذا الفراغ لصالحها. في هذا السياق، يعتبر الكتاب الإسرائيليون أن استمرار التفاعل الأمريكي مع دمشق من خلال دعم عملية الانتقال السياسي والتفاوض بشأن مستقبل سوريا يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم انزلاق الوضع إلى فوضى قد تضر بالأمن الإقليمي.
إسرائيل تدرك أن أي فراغ في القيادة قد يفتح الطريق أمام روسيا لتعزيز وجودها العسكري في سوريا، مما يعزز من قدرتها على التأثير في السياسات الإقليمية. في الوقت نفسه، يمكن أن تسعى إيران إلى استغلال هذا الفراغ لتعميق نفوذها العسكري على الأرض، بما يهدد مصالح إسرائيل الأمنية في المستقبل.
خلاصة:
من خلال التحليل الاستراتيجي الإسرائيلي، يتضح أن الوضع في سوريا يظل معقدًا، ولا يزال مصير البلاد غير محدد بشكل كامل. بين تحديات دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، وملف الأسلحة الكيميائية، وحضور الأمم المتحدة على الحدود، فإن إسرائيل تحرص على الحفاظ على استقرار حدودها وضمان عدم تفشي التهديدات الأمنية على أراضيها. في الوقت ذاته، يبقى التفاعل الأمريكي والمشاركة في العمليات السياسية على مستوى الإقليم عنصرًا حاسمًا في ضمان أمن المنطقة واستقرارها.

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2