بحث - الجيش اللبناني: هيكلته، مهامه، ودوره في التصدي للتحديات العسكرية

وكالة أنباء آسيا

2025.02.12 - 09:52
Facebook Share
طباعة

 مقدمة
يعد الجيش اللبناني، الذي يُعرف رسميًا بالقوات المسلحة اللبنانية، أحد أبرز المؤسسات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط رغم التحديات العديدة التي يواجهها. في تصنيف عام 2024 على موقع "غلوبال فاير باور" الأميركي، احتل الجيش اللبناني المركز 118 بين 145 جيشًا على مستوى العالم، وهو تصنيف يعكس إمكانياته العسكرية في ظل ظروفه الخاصة. تبلغ ميزانية الإنفاق العسكري السنوي للجيش اللبناني حوالي مليار دولار، وهو ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة في لبنان.


يضم الجيش اللبناني نحو 125 ألف جندي، بينهم 60 ألف جندي نظامي و60 ألف آخرين يمثلون قوات شبه عسكرية. كما يوجد حوالي 35 ألف فرد في الاحتياط، إضافة إلى ما يقارب 1.7 مليون نسمة يمكن تأهيلهم للقتال في حالات الطوارئ، وفقًا للبيانات المتوفرة على الموقع الأميركي.


تتمثل مهام الجيش اللبناني في مجموعة واسعة من الأنشطة التي تتنوع بين الدفاع والأمن الداخلي والمساهمة في التنمية. فهو يتولى مهمة حماية حدود لبنان من أي اعتداء خارجي، ويعمل على الحفاظ على سيادة الدولة، بينما يساهم في الوقت ذاته في تعزيز الأمن الداخلي والاستقرار الاجتماعي. كما يلعب الجيش دورًا كبيرًا في تعزيز البنية التحتية للدولة وتقديم المساعدة خلال الأزمات والكوارث الطبيعية، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في الاستقرار الوطني.

 

 

 

الفصل الأول: نشأة الجيش اللبناني
تعد نشأة الجيش اللبناني محطّةً أساسية في تاريخ لبنان المعاصر، حيث نشأ كجزء من الجهود المبذولة للاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية. كانت البداية في عام 1916، حينما أسس الحلفاء فرقة الشرق خلال الحرب العالمية الأولى، والتي ضمت مجموعة من الشبان اللبنانيين الذين تطوّعوا للقتال ضد القوات العثمانية. وكان الهدف من هذه الوحدة هو الإسهام في نيل لبنان استقلاله عن الدولة العثمانية، كما جاء في إطار خطة الحلفاء لتأسيس كيانات عربية في المنطقة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.

 

وفي عام 1918، تشكلت السرية 23 داخل فرقة الشرق، وهي أول وحدة عسكرية لبنانية رسمية. تبعتها تشكيلات أخرى من سرايا وفصائل صغيرة، وقد أسهمت هذه الخطوات في تأسيس اللبنة الأولى للجيش اللبناني. ومع بداية الانتداب الفرنسي على لبنان في عام 1920، قام الفرنسيون بإعادة تنظيم القوات اللبنانية تحت اسم "قوات المشرق الخاصة"، والتي كانت تضم إلى جانب اللبنانيين، جنودًا سوريين، وكانت تحت القيادة الفرنسية المباشرة.

 

وفي عام 1926، بدأ الفرنسيون بتشكيل أفواج من القناصة، التي أصبحت لاحقًا نواةً لما عُرف بسلاح المشاة في الجيش اللبناني. تم تكوين ثلاثة أفواج من اللبنانيين والسوريين على فترات متفاوتة، وهي خطوة استهدفت تعزيز القدرات العسكرية في المنطقة، مع إبقاء السيطرة الفرنسية على القوات المسلحة.

 

على الرغم من إعلان استقلال لبنان رسميًا عن فرنسا في عام 1943، إلا أن السلطة الفرنسية استمرت في الاحتفاظ بالسيطرة على الجيش اللبناني لفترة من الزمن. ومع ذلك، في عام 1944، بدأت فرنسا في تسليم بعض وحدات القناصة اللبنانية ومفرزة مصفحات إلى الحكومة اللبنانية. ومع حلول عام 1945، أصبح الجيش اللبناني تحت إدارة الحكومة اللبنانية بشكل كامل، بعد أن سلمت فرنسا الثكنات والمرافق العسكرية الرئيسية، بالإضافة إلى حوالي 5 آلاف جندي من قواتها. في 1 أغسطس/آب من نفس العام، تسلمت الحكومة اللبنانية قيادة الجيش، ليصبح هذا اليوم عيدا وطنيا للجيش اللبناني يتم الاحتفال به سنويًا في البلاد.

 

كانت تلك المرحلة هي البداية الفعلية لتشكيل الجيش اللبناني المستقل، مع تعزيزه بجنوده وقادته اللبنانيين، حيث أُسست وحدات الجيش على أسس وطنية، وأصبح الجيش أحد أعمدة السيادة اللبنانية بعد الاستقلال.

 

ومع بداية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975، تعرض الجيش اللبناني لاضطرابات شديدة، حيث تحوّل إلى مؤسسة ضعيفة داخل البلاد بفعل الانقسامات الطائفية، وفقدت هذه المؤسسة دورها في فرض الأمن في الداخل، ليظهر بدلًا من ذلك الميليشيات المسلحة التي انتشرت في مختلف أنحاء لبنان. ومع تفكك الجيش اللبناني على أسس طائفية، أصبح واحدًا من العديد من الأجهزة الأمنية التي تدير الوضع الداخلي في البلاد.

 

وبعد نهاية الحرب الأهلية في عام 1990، ومع توقيع "اتفاق الطائف" في 1989، تم البدء في عملية إعادة هيكلة الجيش اللبناني، بهدف تعزيز وحدته وإصلاح هيكلياته الداخلية. عملت السلطات اللبنانية على دمج القوات والميليشيات السابقة ضمن الجيش، وتمت إعادة تأهيله ليصبح مؤسسة ذات طابع وطني بعيدًا عن الطائفية. هذه الخطوات كانت جزءًا من عملية بناء دولة لبنانية قوية، تسعى للحفاظ على وحدتها وأمنها في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.

 

 

الفصل الثاني: الهيكل التنظيمي للجيش اللبناني
يعمل الجيش اللبناني تحت إشراف وزارة الدفاع الوطني، ويشكل من عدة وحدات هامة تضم القيادة العسكرية الرئيسية والعديد من الأقسام المتخصصة. يتكون الجيش من ثلاثة أقسام رئيسية هي: القوات البرية، القوات الجوية، والقوات البحرية، والتي تعمل بشكل منسق لضمان الجاهزية القتالية والتنفيذ الفعّال للمهام العسكرية.


قيادة الجيش
تعد قيادة الجيش اللبناني من الركائز الأساسية التي تحدد مسار وتنظيم القوات المسلحة في البلاد. وتتألف قيادة الجيش من أربعة مستويات قيادية رئيسية:
1- قائد الجيش: يتولى قائد الجيش مسؤولية القيادة الشاملة للقوات المسلحة اللبنانية، ويحمل رتبة "عماد" (وهي أعلى رتبة عسكرية في الجيش). يرتبط قائد الجيش مباشرة بوزير الدفاع الوطني ويعمل على تطوير جاهزية الجيش القتالية وتنفيذ الاستراتيجيات العسكرية. من ضمن مسؤولياته الأساسية، قيادة العمليات العسكرية والرقابة على تنفيذ الخطط الدفاعية والاستراتيجية للجيش. يشرف على تطوير الجيش على مستوى التدريب، التجهيزات، وتحديث الأنظمة العسكرية ليظل مستعدًا لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.


2- رئيس الأركان: يُعتبر رئيس الأركان اليد اليمنى لقائد الجيش، حيث يساعده في تحمل المسؤوليات التنفيذية والإدارية. رئيس الأركان مسؤول عن تنسيق عمل الأركان العسكرية المختلفة وضمان سير العمليات العسكرية والتخطيط العملياتي. من أبرز مهامه متابعة استعداد الجيش القتالي وضمان فاعلية أداء الوحدات العسكرية. كما يتولى التنسيق بين القوات البرية والجوية والبحرية لضمان عملهم بشكل منسق أثناء تنفيذ العمليات العسكرية.


3- نواب رئيس الأركان: يتكون مكتب نواب رئيس الأركان من عدة ضباط كبار يتمتعون بكفاءة عالية وخبرة واسعة في مجالاتهم المختلفة. يساعد هؤلاء النواب في إدارة مختلف المهام العسكرية اليومية وتوزيع الأعباء على مختلف أقسام الجيش. وتختلف مسؤوليات نواب رئيس الأركان وفقًا لاحتياجات الجيش، مثل تحديد المسؤوليات المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي، أو العمليات الخاصة، أو التنسيق اللوجستي، مما يساهم في رفع مستوى التنسيق بين الوحدات المختلفة.


4- مديريات وشُعب وأجهزة مختصة: داخل الهيكل التنظيمي لقيادة الجيش، توجد العديد من المديريات والشُعب والأجهزة المتخصصة التي تعنى بتفاصيل إدارة الجيش اليومية. تشمل هذه الأجهزة أقسامًا مختلفة مثل التخطيط الاستراتيجي، الاستخبارات العسكرية، الشؤون اللوجستية، والصيانة. كل جهاز متخصص في مجال معين لضمان استعداد الجيش في جميع المجالات، سواء في ما يتعلق بالتحليل الاستخباراتي أو اللوجستيات أو التدريب العسكري المستمر.

 

 

القوات البرية "المشاة"
تعد القوات البرية القوة العسكرية الأقوى والأكثر فاعلية في الجيش اللبناني، حيث تعتبر الركيزة الأساسية للدفاع عن الأراضي اللبنانية. يتولى هذا الفرع مهمة التصدي لأي تهديدات معادية ومنع أي محاولة لتوغل القوات الأجنبية أو استيلائها على أراضٍ لبنانية. تتخصص القوات البرية أيضًا في تنفيذ عمليات هجومية مستقلة أو بالتعاون مع الوحدات العسكرية الأخرى، ما يجعلها الأداة الأساسية للدفاع عن الوطن في وجه أي اعتداء.


تملك القوات البرية قدرة عسكرية تتمثل في أكثر من 4500 مركبة قتالية مدرعة، بالإضافة إلى 200 دبابة، 84 مدفعًا ذاتي الحركة، 374 مدفعًا ميدانيًا، و30 راجمة صواريخ. هذه المعدات تضمن تكامل القوى البرية في المعركة وتجعلها جاهزة لتنفيذ أي عملية هجومية أو دفاعية بكفاءة عالية.


ألوية القوات البرية
تتألف القوات البرية من 4 ألوية رئيسية، تشكل الإطار التنظيمي للمشاة البرية، وتعمل على تلبية مختلف الاحتياجات العملياتية:
1. ألوية المشاة المؤللة: يتكون هذا اللواء من 11 وحدة، ويقدر عدد كل لواء بين 3,000 و5,000 جندي. هذه الألوية مزودة بمركبات مدرعة، ما يعزز قدرتها على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية بشكل مؤثر وفعال. وتتمثل مهمتها الأساسية في الدفاع عن الأراضي اللبنانية والتصدي للقوات المعادية، فضلاً عن تنفيذ العمليات الهجومية بشكل مستقل أو بالاشتراك مع وحدات أخرى.


2. اللواء اللوجستي: يعتبر هذا اللواء من العناصر الحيوية في جيش لبنان، حيث يقوم بتخزين وصيانة العتاد العسكري، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والمساندة لوحدات الجيش المختلفة. يتولى أيضًا توفير الإمدادات الضرورية لضمان استمرارية العمليات العسكرية وتوفير التموين الكافي للوحدات أثناء تنفيذ المهام العسكرية.


3. لواء الحرس الجمهوري: يتولى هذا اللواء مهمة حماية القصر الجمهوري في بعبدا وتأمين محيطه. كما يتولى توفير الحماية لرئيس الجمهورية وأفراد عائلته، بالإضافة إلى حماية الزوار الرسميين الذين تستضيفهم الدولة. يعتبر هذا اللواء من أبرز الألوية العسكرية المكلفة بأداء التشريفات الرسمية وتوفير الأمن في المناسبات الهامة.


4. لواء الدعم: يتكون هذا اللواء من عدة وحدات متخصصة هي: سرية القيادة، فوج الهندسة، فوج المضاد للدروع، فوج الإشارة، والكتيبة اللوجستية. يلعب هذا اللواء دورًا أساسيًا في دعم عمليات الجيش المختلفة، بما في ذلك العمل الهندسي والاتصالات وحفظ الأمن. كما يشارك في بعض العمليات الهجومية في بعض الحالات.


أفواج القوات البرية
تنقسم القوات البرية إلى 7 أفواج رئيسية، وهي تشمل مجموعة واسعة من المهام والاختصاصات التي تعزز قدرة الجيش اللبناني على مواجهة مختلف التهديدات:
1. أفواج التدخل: تضم هذه الوحدة 6 أفواج متخصصة في تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية بشكل مستقل أو بالتعاون مع أفواج أخرى. تقوم هذه الأفواج أيضًا بمهام تشمل:
- إقامة الكمائن وتنفيذ الدوريات في مناطق المعركة.
- مطاردة القوى المعادية وتنفيذ مهام الإغارة على الأهداف المعادية.
- تأمين الاتصال بوحدات صديقة محاصرة أو سد الثغرات في دفاعات الجيش.
- المشاركة في العمليات المدنية مثل الإنقاذ والإغاثة في حالات الطوارئ.


2. فوج المدرعات الأول: يُعد هذا الفوج من الوحدات المتخصصة في حفظ الأمن والاستقرار داخل لبنان. يتمركز دوره بشكل خاص في الدفاع ضد الهجمات المعادية، لا سيما من الجانب الإسرائيلي. كما يشارك في مكافحة التهريب والتسلل عبر الحدود اللبنانية.


3. فوجا المدفعية: يتخصص هذان الفوجان في توفير الدعم الناري العام لبقية الوحدات العسكرية. يتم استخدام المدفعية لتدمير أهداف معادية ودعم العمليات الهجومية في مناطق القتال.


4. فوج الأشغال المستقل: يتخصص هذا الفوج في تنفيذ الأعمال الهندسية المدنية، مثل البناء والترميم والصيانة، بالإضافة إلى شق الطرق. يؤدي هذا الفوج دورًا هامًا في تعزيز القدرة اللوجستية للجيش وفي تنفيذ مشاريع البنية التحتية اللازمة للمناطق المتأثرة بالعمليات العسكرية.


5. فوج الإشارة: يتمحور دور هذا الفوج حول تشغيل وتعهد نظام الاتصالات داخل الجيش، مما يضمن التنسيق السريع والفعال بين مختلف وحدات الجيش. يقوم فوج الإشارة أيضًا بتأمين التواصل بين قيادة الجيش ووزارة الاتصالات.


6. الفوج المضاد للدروع: يركز هذا الفوج على تقديم الدعم الناري المضاد للدروع لجميع ألوية وأفواج الجيش. يتمتع الفوج بقدرة عالية على تعطيل المركبات المدرعة والمعادية والتصدي للأسلحة الثقيلة الموجهة ضد قوات الجيش اللبناني.


7. فوج الهندسة: يُعد فوج الهندسة من الوحدات المتخصصة في معالجة الذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة. كما يعمل على الوقاية من أسلحة الدمار الشامل، ويشارك في مهام قتالية برية في بعض الأحيان، خاصة في المناطق التي تشهد أعمالًا إرهابية أو نزاعات.


8. أفواج الحدود البرية: تتكون هذه الأفواج من 4 أفواج متخصصة في مراقبة الحدود اللبنانية. تشمل مهامها إقامة نقاط مراقبة، وتنظيم مراكز تفتيش ثابتة ومؤقتة، فضلاً عن تسيير الدوريات على الحدود البرية. يهدف هذا الفوج إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع التهريب بكافة أشكاله، بما في ذلك تهريب الأسلحة والذخائر. كما يساهم في توقيف المخالفين وتقديم الدعم للأجهزة الأمنية في مناطق الحدود.

 

 

 

القوات الجوية اللبنانية
تأسست القوات الجوية اللبنانية في العاشر من يوليو/تموز 1949، وكانت نقطة انطلاقها من قاعدة رياق الجوية في البقاع، حيث كانت القيادة تتخذ من هذه القاعدة مقرًا لها حتى عام 1969. في ذلك العام، تم نقل القيادة إلى مقر وزارة الدفاع الوطني، ثم في عام 1989، جرى نقلها مجددًا إلى عين الرمانة في بعبدا، حيث تمركزت القيادة بشكل دائم.


تعد القوات الجوية جزءًا أساسيًا من الجيش اللبناني، حيث تساهم بشكل كبير في العمليات العسكرية والأمنية. تمتلك القوات الجوية اللبنانية وفقًا لأرقام موقع "غلوبال فاير باور" لعام 2024، 81 طائرة حربية، منها 9 طائرات هجومية و9 طائرات تدريب، بالإضافة إلى 69 مروحية. تمتلك هذه القوات القدرة على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام الجوية التي تساهم في دعم الجيش اللبناني في مختلف الجوانب العسكرية والمدنية.


المهام الأساسية للقوات الجوية اللبنانية
تؤدي القوات الجوية العديد من المهام الحيوية، التي تساهم في تعزيز قدرات الجيش اللبناني على المستوى العملياتي والاستراتيجي، ومن أبرز هذه المهام:
- تنفيذ العمليات الهجومية: تعتبر القوات الجوية اللبنانية عنصرًا أساسيًا في تنفيذ العمليات الهجومية، حيث تقوم باستخدام الطائرات الهجومية والمروحيات لضرب الأهداف المعادية، سواء كانت على الأرض أو في البحر. وتعمل الطائرات الهجومية على مساندة القوات البرية في حال تعرضها لهجمات معادية، مما يوفر الدعم الجوي المطلوب في المعركة.


- الرصد والمراقبة والتصوير الجوي: تقوم القوات الجوية بعمليات الرصد والمراقبة الجوية، باستخدام الطائرات المتخصصة في التصوير الجوي والتجسس، وذلك لجمع المعلومات الاستخباراتية وتحليل الوضع العسكري على الأرض. هذه المهام مهمة للغاية في الحفاظ على الأمان الداخلي للبلاد، إذ تتيح متابعة تحركات القوات المعادية أو الجماعات المسلحة من السماء.


- مساندة القوات البرية: من خلال الدعم الجوي، تسهم القوات الجوية بشكل كبير في تعزيز العمليات البرية. حيث تقدم الدعم للطائرات الهجومية، وتُستخدم المروحيات بشكل مكثف لمساندة القوات البرية في التنقل والتدخل السريع في المناطق الساخنة. كما يمكنها تأمين القصف الجوي على الأهداف البرية المعادية، ما يُسهم في تقديم الحماية للقوات البرية أثناء العمليات العسكرية.


- تنفيذ العمليات المدنية: إلى جانب دورها العسكري، تلعب القوات الجوية دورًا حيويًا في العديد من العمليات المدنية. ومن أبرز مهامها في هذا السياق:
• عمليات البحث والإنقاذ: حيث تستخدم الطائرات والمروحيات للبحث عن المفقودين في المناطق الجبلية أو البحرية أو المناطق التي يصعب الوصول إليها.
• مساعدة في رش المزروعات: حيث تُستخدم الطائرات لتوزيع المبيدات الزراعية أو الأسمدة على المناطق الزراعية اللبنانية، في إطار دعم القطاع الزراعي الوطني.
• إغاثة المناطق المتضررة: خصوصًا في حال وقوع كوارث طبيعية أو حوادث، حيث يتم استخدام الطائرات لنقل المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية.


التطوير المستمر
تسعى القوات الجوية اللبنانية إلى التحديث المستمر لمعداتها وتكنولوجيا الطيران لديها، وذلك لضمان جاهزيتها في مواجهة أي تحديات أو تهديدات. على الرغم من التحديات المالية والتقنية التي قد تواجهها، إلا أن الجيش اللبناني يعمل على الحفاظ على قوة جوية فعالة، من خلال التعاون مع دول حليفة وتحديث المعدات المتاحة.


إجمالًا، تمثل القوات الجوية اللبنانية قوة جوية حيوية تلعب دورًا بارزًا في تعزيز قدرة الجيش اللبناني على حماية الأجواء اللبنانية وأراضيها، وتقديم الدعم العملياتي للقوات البرية، إضافة إلى المساهمة الفعّالة في العمليات الإنسانية.

 

 

القوات البحرية اللبنانية
تأسست القوات البحرية اللبنانية عام 1950، حيث تمركزت في البداية في مرفأ بيروت. وفي عام 1972، تم نقل القاعدة البحرية إلى قاعدة جونية البحرية في شمال لبنان، في خطوة لتعزيز قدراتها اللوجستية والتكتيكية. منذ عام 1991، تمركزت القيادة البحرية في قاعدة بيروت البحرية، حيث تواصل القوات البحرية تنفيذ مهماتها الاستراتيجية في حماية السواحل اللبنانية.


تعد القوات البحرية اللبنانية جزءًا أساسيًا من الجيش اللبناني، حيث تمثل القوة المسؤولة عن تأمين المياه الإقليمية اللبنانية والدفاع عنها ضد أي تهديدات بحرية. ووفقًا للأرقام، تمتلك القوات البحرية 69 قطعة بحرية، من بينها 44 سفينة دورية، ما يجعلها قادرة على أداء العديد من المهام المتنوعة، والتي تساهم بشكل كبير في تعزيز قدرات الدفاع الوطني اللبناني.


المهام الأساسية للقوات البحرية اللبنانية
تتولى القوات البحرية اللبنانية عدة مهام حيوية تسهم في تعزيز الأمن الوطني والحفاظ على الاستقرار في البحر اللبناني، ومن أبرز هذه المهام:
- حماية وتنظيم حركة الملاحة التجارية والصيد: تلعب القوات البحرية دورًا رئيسيًا في حماية وتنظيم حركة الملاحة التجارية عبر السواحل اللبنانية، حيث تضمن سلامة السفن التجارية وتفادي التصادمات أو الحوادث البحرية. كما تساهم في تنظيم نشاطات الصيد البحري، مما يعزز الاقتصاد اللبناني ويحفظ البيئة البحرية من الممارسات غير المستدامة.


- فرض سلطة الدولة في البحر وحماية المصالح الاقتصادية: تتولى القوات البحرية مسؤولية فرض سلطة الدولة في المياه الإقليمية اللبنانية، بما في ذلك المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تمتد على مسافة واسعة في البحر الأبيض المتوسط. كما تعمل على حماية المصالح اللبنانية في هذه المنطقة، مثل حقول الغاز والنفط، ضد أي تهديدات من الخارج.


- الدفاع عن المياه الإقليمية والسواحل اللبنانية: تمثل القوات البحرية خط الدفاع الأول ضد أي اعتداء عسكري قادم من البحر. وتقوم بتوفير الأمن على طول السواحل اللبنانية، مما يساعد على منع التسلل أو الهجمات البحرية التي قد تستهدف المنشآت الحيوية في البلاد.


- مكافحة الأعمال غير الشرعية عبر البحر: تلعب القوات البحرية دورًا هامًا في مكافحة العديد من الأنشطة غير الشرعية التي تتم عبر البحر، مثل الهجرة غير الشرعية والتهريب وتجارة المخدرات. من خلال دوريات بحرية متواصلة، تسعى القوات البحرية اللبنانية إلى إحباط محاولات تهريب الممنوعات والهجرة غير القانونية عبر البحر، مما يساهم في تعزيز الأمن الداخلي للبنان.


- تأمين الدعم البحري لوحدات الجيش: تقوم القوات البحرية بتوفير الدعم البحري لوحدات الجيش الأخرى في عمليات عسكرية موسعة. هذا يشمل تقديم الدعم اللوجستي، نقل القوات أو المعدات عبر البحر، والمشاركة في العمليات العسكرية المشتركة التي تشمل الجيش البرّي والقوات الجوية، مما يعزز التنسيق بين مختلف فروع الجيش.


- الرصد والمراقبة وإصدار الإنذار المبكر: تعتبر القدرة على الرصد والمراقبة واحدة من أهم مهام القوات البحرية. فهي تستخدم السفن الدورية والطائرات المروحية البحرية لمراقبة السواحل والمياه الإقليمية، وتقوم بإصدار الإنذار المبكر في حال رصد أي تهديدات محتملة. هذا الدور يسهم في تحضير القوات الأمنية لمواجهة أي طارئ بشكل استباقي.


- مساعدة الأجهزة الأمنية: تشارك القوات البحرية بشكل وثيق في دعم الأجهزة الأمنية اللبنانية الأخرى مثل الأمن الداخلي، الأمن العام، والجمارك في مهامها البحرية. يمكن أن تشمل هذه المهام مكافحة التهريب، الاستجابة لحالات الطوارئ البحرية، أو ملاحقة النشاطات غير القانونية.


- المساهمة في العمليات المدنية: بالإضافة إلى مهامها العسكرية، تشارك القوات البحرية اللبنانية في العديد من العمليات المدنية التي تعزز دورها في خدمة المجتمع. من هذه المهام:
• مكافحة الحرائق: خاصة تلك التي قد تحدث في البحر أو بالقرب من السواحل.
• مكافحة التلوث: من خلال تنظيف مياه البحر من الزيوت أو المواد الكيميائية الضارة.
• البحث والإنقاذ: خاصة في حالات الطوارئ مثل حوادث السفن أو الأشخاص المفقودين في البحر.

 

 

التطوير المستمر
تواصل القوات البحرية اللبنانية سعيها المستمر لتحديث وتعزيز قدراتها البحرية، على الرغم من التحديات الاقتصادية والتقنية التي قد تواجهها. من خلال التعاون مع دول حليفة وبرامج الدعم الدولي، تهدف القوات البحرية إلى تعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات البحرية المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك الدفاع عن المصالح اللبنانية في المنطقة الاقتصادية وتعزيز قدراتها العملياتية في البحر.

 

 

الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني
تُعد الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني من أبرز العناصر التي تساهم في تنفيذ العمليات ذات الطابع المعقد والتكتيكي. هذه الوحدات مؤهلة لتنفيذ المهام الأمنية والعسكرية الخاصة التي تتطلب قدرات عالية من التدريب والمعدات المتقدمة، وتُعد هذه الوحدات بمثابة القوة الضاربة التي يمكنها تنفيذ عمليات خلف خطوط العدو أو في ظروف صعبة.


يتألف الجيش اللبناني من ثلاث وحدات خاصة رئيسية هي: فوج المجوقل، فوج المغاوير، وفوج مغاوير البحر، وكل منها يمتلك مهامًا خاصة ونوعية في مجال العمليات العسكرية.


أولًا: فوج المجوقل
يعد فوج المجوقل أحد أبرز الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني، ويتميز بمهامه المتنوعة والمتقدمة. من أبرز مهام هذا الفوج:
- الاستطلاع وحفظ الأمن: يقوم الفوج بجمع المعلومات الاستخباراتية من خلال عمليات الاستطلاع الدقيقة في المناطق الصعبة أو المحاطة بتهديدات. هذه المعلومات تُستخدم لتحليل الوضع الأمني في المنطقة وتوفير الدعم للعمليات العسكرية الأخرى.


- إنفاذ دوريات بعيدة المدى: يقوم الفوج بتنفيذ دوريات طويلة المدى في المناطق الحدودية أو ذات الطابع الجغرافي الصعب، مما يسمح له بمراقبة الأنشطة المشبوهة والتصدي لأي تهديدات مبكرة.


- تنفيذ عمليات خاصة خلف خطوط العدو: واحدة من أبرز مهام فوج المجوقل هي القيام بعمليات خلف خطوط العدو. يتعامل هذا الفوج مع العمليات ذات الطابع السري التي تتطلب التسلل إلى مناطق معادية لتحقيق أهداف محددة، مثل التخريب أو جمع المعلومات.


- القيام بعمليات أمنية خاطفة: يتخصص الفوج في العمليات الأمنية السريعة، مثل الإغارة والتطويق، وهي عمليات تهدف إلى استهداف أهداف محددة في وقت قياسي قبل أن يتمكن العدو من الرد.

عرقلة توغل القوات المعادية: في حال محاولة توغل قوات معادية، يتولى فوج المجوقل عرقلة تقدمها، حتى تتمكن الوحدات الأرضية من التمركز بشكل أفضل لملاقاة العدو.


ثانيًا: فوج المغاوير
يعد فوج المغاوير من أهم الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني، وهو متخصص في تنفيذ العمليات الخاصة ذات الطابع الهجومي والدفاعي. يتميز هذا الفوج بقدرته على القيام بالمهام العسكرية الحساسة في ظروف معقدة. من أبرز مهام فوج المغاوير:
- تنفيذ عمليات خاصة مستقلة: يمكن لهذا الفوج تنفيذ عمليات خاصة على أرض الواقع بمفرده، وتكون هذه العمليات محدودة النطاق لكنها دقيقة للغاية، تشمل الاغتيالات المحددة، الهجمات المفاجئة، والتسلل إلى معسكرات العدو.


- العمليات في مناطق مختلفة: يعمل فوج المغاوير في مناطق متنوعة قد تشمل مناطق جبلية، صحراوية أو ساحلية، بما يسمح له بتنفيذ عمليات على أنواع متعددة من التضاريس.


ثالثًا: فوج مغاوير البحر
تخصص فوج مغاوير البحر في العمليات الخاصة ذات الطابع البحري. يملك هذا الفوج خبرة واسعة في تنفيذ العمليات في البحر وعلى السواحل اللبنانية. أبرز المهام التي يقوم بها هذا الفوج تشمل:
- الاستطلاع والمراقبة: يتولى الفوج مهمة الرصد والمراقبة في المياه الإقليمية اللبنانية للبحث عن أي تهديدات بحرية، مثل السفن المعادية أو العمليات المشبوهة على الحدود البحرية.


- اعتراض القوارب المعادية: يقوم الفوج بتحديد واعتراض القوارب المعادية لمنعها من دخول المياه الإقليمية اللبنانية، مما يعزز من حماية السواحل والمياه اللبنانية.


- تنفيذ غارات الضفادع البشرية: إحدى المهام الخاصة التي يتقنها الفوج هي غارات الضفادع البشرية، حيث يقوم بتسلل فرق صغيرة بحرًا لتنفيذ عمليات هجومية، تدمير أهداف بحرية، أو تنفيذ عمليات خاصة خلف خطوط العدو.


- زرع وإزالة العوائق والألغام البحرية: يُكلّف الفوج بمهام التعامل مع العوائق البحرية، مثل زرع الألغام في البحر لاستهداف السفن المعادية، أو إزالة الألغام البحرية التي قد تشكل تهديدًا للسواحل اللبنانية.


- التسلل بحرا أو برا أو جوا: يتمتع الفوج بقدرة على التسلل عبر البحر، البر، أو الجو لتنفيذ عمليات هجومية سرية خلف خطوط العدو.


- مهاجمة شواطئ الدول المعادية: أحد المهام الأكثر تعقيدًا التي يقوم بها الفوج هي القيام بهجمات ساحلية على شواطئ الدول المعادية، وذلك لخلق جسر يمكن أن يسهم في إنزال القوات البرية أو شن هجوم مباشر.


- تخليص الرهائن والمساهمة في الأمن والبحث والإنقاذ: يتخصص فوج مغاوير البحر أيضًا في عمليات تخليص الرهائن الذين قد يتم احتجازهم على السفن أو في مناطق بحرية، كما يساهم في عمليات البحث والإنقاذ البحرية في حال وقوع حوادث بحرية.

 

 

الفصل الثالث: المعونات الخارجية للجيش اللبناني
يعتمد الجيش اللبناني بشكل كبير على الدعم الدولي في مجال التسليح والتدريب، حيث يمثل هذا الدعم ركيزة أساسية في تعزيز قدراته العسكرية وتحديثها، وهو أمر أصبح أكثر إلحاحًا في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية المعقدة التي يمر بها لبنان. منذ عام 2006، ومع الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، بدأ الجيش اللبناني في تلقي مساعدات ضخمة من الولايات المتحدة الأميركية ودول حليفة أخرى، من أجل تعزيز قدراته في مجال الأمن القومي، وذلك لتلبية احتياجاته في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي وحماية الحدود.


التزام الأمم المتحدة بقراراتها وأثره على المساعدات
في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، عملت الأمم المتحدة على إصدار سلسلة من القرارات التي تهدف إلى إعادة الاستقرار إلى لبنان، مثل القرار 1559 والقرار 1680 والقرار 1701، التي دعت إلى:
- انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.
- حل المجموعات المسلحة المنتشرة في البلاد.
- نزع سلاح المجموعات المسلحة، وتركيز السلطة الأمنية على الجيش اللبناني وحده.
- نشر القوات المسلحة اللبنانية في جميع أنحاء البلاد مع تواجد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في المناطق الجنوبية.


في هذا السياق، ساعد المجتمع الدولي في تسليح الجيش اللبناني وتزويده بالعتاد الضروري لإعادة استقرار الجنوب اللبناني، وذلك تطبيقًا لقرارات الأمم المتحدة وتماشياً مع استراتيجيات الأمن الإقليمي.


دعم الولايات المتحدة الأميركية
تعتبر الولايات المتحدة الأميركية أكبر داعم خارجي للجيش اللبناني على مدار السنوات الأخيرة. بين عامي 2006 و2022، قدمت وزارة الخارجية الأميركية للجيش اللبناني أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات المالية والعسكرية، تتنوع بين معدات عسكرية، تمويل مشروعات تدريبية، وتوفير الدعم اللوجستي.


وفي عام 2023، خصصت الولايات المتحدة مساعدات مالية إضافية تبلغ 130 مليون دولار، تم تخصيص جزء منها لتزويد القوات البحرية اللبنانية بمعدات عسكرية ضرورية، مما يعزز من قدرة لبنان على حماية سواحله وحدوده البحرية.


هذا الدعم العسكري لا يقتصر على توفير الأسلحة والمعدات فقط، بل يشمل أيضًا برامج التدريب والتأهيل التي تساهم في رفع كفاءة الجيش اللبناني في مواجهة التحديات الأمنية الداخلية، مثل مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة.


دعم المملكة المتحدة
من جانبها، المملكة المتحدة قدمت أيضًا مساعدات كبيرة للجيش اللبناني. ففي عام 2022، أبرمت المملكة المتحدة مع السلطات اللبنانية مذكرة تفاهم تقضي بتقديم مساعدات مالية تقدر بـ 13 مليون جنيه إسترليني خلال الفترة ما بين عامي 2022 و2025، بهدف دعم تطوير الجيش اللبناني وتعزيز قدراته العسكرية. كما قدمت المملكة المتحدة أكثر من 87 مليون جنيه إسترليني منذ عام 2009، مع التركيز على تعزيز قدرات الجيش اللبناني في مجالات التدريب، التسليح، والجاهزية العسكرية.


دعم الاتحاد الأوروبي ودول أخرى
الاتحاد الأوروبي أيضًا كان له دور في دعم الجيش اللبناني، حيث قدم نحو 100 مليون دولار أميركي بين عامي 2006 و2020. هذا الدعم كان يتضمن مساعدات عسكرية مباشرة إلى الجيش اللبناني، وكذلك تقديم برامج تدريبية بالتعاون مع الجهات الأوروبية المتخصصة في تطوير القدرات العسكرية.


بالإضافة إلى ذلك، ساهمت دول أخرى مثل كندا و مصر و الدول الخليجية في تقديم أشكال متعددة من الدعم للجيش اللبناني. هذا الدعم يشمل:
- التدريب العسكري: إذ يتم إرسال مدربين دوليين للمساهمة في تحسين القدرات القتالية والتنظيمية للجيش اللبناني.
- مساعدات عينية: مثل توفير معدات عسكرية، أدوات صحية، وإمدادات غذائية للطواقم العسكرية.
- مساعدات طبية: توفير المعدات الطبية واللوازم الأساسية لمساعدة الجيش اللبناني في الحفاظ على صحة أفراده في ظل الظروف الصعبة.
- كما أن الدول الخليجية قدمت دعمًا في شكل تمويل للمعدات العسكرية و الإمدادات اللوجستية، بالإضافة إلى برامج تدريبية للمساعدة في مواجهة التحديات التي يواجهها لبنان، مثل الإرهاب و الهجمات على الحدود.


التأثير الكبير للأزمات الاقتصادية
تفاقمت حاجة الجيش اللبناني للمساعدات الخارجية مع اندلاع الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان في عام 2019، وهي الأزمة التي استمرت في التأثير على القدرة المالية للدولة. زادت الأزمات الاقتصادية من صعوبة توفير تمويل كافٍ للجيش، وهو ما دفع الحكومة اللبنانية إلى زيادة الاعتماد على الدعم الخارجي. مع تفشي جائحة كورونا في 2020، ثم وقوع انفجار مرفأ بيروت في نفس العام، أصبح الجيش اللبناني في حاجة ماسة إلى إمدادات طبية و غذائية، بالإضافة إلى تقديم الرواتب لضمان استمرارية عمله.


تتضمن المساعدات التي قدمتها الدول المانحة أيضًا مساعدات طبية وغذائية لمواجهة الأزمة، مما يساهم في رفع معنويات الجنود وتعزيز قدرتهم على الاستمرار في أداء مهامهم في ظل هذه الظروف الصعبة.

 

الفصل الرابع: التصدي للمنظمات المسلحة
مر الجيش اللبناني خلال السنوات الأخيرة بتحديات أمنية كبيرة، حيث قام بمواجهة المنظمات المسلحة التي استهدفت أمن البلاد واستقراره. وتعتبر المجموعات الإرهابية والتكتلات المسلحة أحد أبرز التهديدات التي تواجه الدولة اللبنانية. وقد لعب الجيش اللبناني دورًا محوريًا في التصدي لهذه المنظمات في عدة مواجهات كبيرة، نجح خلالها في إحباط العديد من العمليات الإرهابية والقضاء على عناصر تلك التنظيمات.


القضاء على تنظيم "فتح الإسلام"
في عام 2007، برز تنظيم "فتح الإسلام" كأحد أكبر التهديدات الأمنية في لبنان. كان هذا التنظيم يتمركز في مخيم نهر البارد شمالي لبنان، حيث تبنى عمليات إرهابية ضد الجيش اللبناني، مما أدى إلى نشوب اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش اللبناني والتنظيم. استمرت المواجهات لفترة تقارب 3 أشهر، حيث تمكن الجيش من إحباط محاولات التوسع التي قام بها التنظيم. وأسفرت الاشتباكات عن مئات القتلى والجرحى من الطرفين. وعلى الرغم من التحصينات الدفاعية التي قام بها التنظيم، تمكن الجيش اللبناني في النهاية من استعادة السيطرة على المخيم وتطهيره من عناصر التنظيم. وقد كانت هذه المعركة نقطة تحول في قدرة الجيش على التصدي للمجموعات الإرهابية المدعومة خارجيًا، مما عزز من ثقة الشعب اللبناني في قدرة قواته المسلحة.


مواجهة المسلحين السوريين في بلدة عرسال (2014)
في عام 2014، اجتاحت مجموعة من المسلحين السوريين الأراضي اللبنانية عبر الحدود اللبنانية-السورية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في بلدة عرسال الواقعة في البقاع. وكان المسلحون قد شنوا هجومًا على المراكز العسكرية اللبنانية، مما أدى إلى فرض حصار على بعض المواقع العسكرية في البلدة. ورغم التحديات الكبيرة التي واجهها الجيش اللبناني، بما في ذلك احتجاز رهائن من الجيش والشرطة، إلا أن الجيش تمكن من فك الحصار على المراكز العسكرية بشكل تدريجي، و إلحاق الهزيمة بالمسلحين. وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل عدد كبير من المسلحين، وتحرير الرهائن الذين كانوا قد وقعوا في أيديهم. ورغم أن الوضع في عرسال استمر في التوتر لفترة طويلة بعد الاشتباكات، إلا أن الجيش اللبناني أثبت قدرته على حماية أراضيه و إعادة الأمن إلى البلدة.


عملية جرود رأس بعلبك (2015)
في 2015، نفذ الجيش اللبناني عملية هجومية ضد مجموعات مسلحة في منطقة جرود رأس بعلبك، وهي منطقة جبلية إستراتيجية على الحدود اللبنانية-السورية. كانت هذه المنطقة قد شهدت انتشارًا واسعًا للمسلحين من تنظيمات إرهابية مختلفة، من بينها داعش و جبهة النصرة. كان الهدف الأساسي للعملية هو استعادة السيطرة على المرتفعات الجبلية المهمة، وإزالة التهديدات الإرهابية التي كانت تلوح في المنطقة.

 

استطاع الجيش اللبناني أن يسيطر تمامًا على المرتفعين الإستراتيجيين في المنطقة، مما شكل ضربة قوية للمسلحين. بالإضافة إلى ذلك، أسفرت العملية عن طرد المسلحين من المنطقة وتدمير العديد من التحصينات العسكرية التي كانوا قد بنوها. كما أن الجيش تمكن من تصفية العديد من العناصر المسلحة، مما أعاد للمنطقة استقرارًا نسبيًا، وأدى إلى تعزيز قدرة الجيش على ملاحقة العناصر الإرهابية في المناطق الجبلية.


العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية (2016-2017)
في الفترة بين عامي 2016 و2017، شن الجيش اللبناني سلسلة من الهجمات على مجموعات مسلحة تنتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مناطق عدة، أهمها عرسال و جرود رأس بعلبك و القاع. كانت هذه العمليات جزءًا من حملة شاملة ضد التنظيمات الإرهابية التي استهدفت الأراضي اللبنانية.


تمكن الجيش من ملاحقة المسلحين في هذه المناطق، وأوقع بهم خسائر كبيرة في الأرواح. كما استطاع الجيش اللبناني مداهمة مخابئ الإرهابيين وتدمير المرافق التي كانوا يسيطرون عليها، مع مصادرة كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزتهم. هذه العمليات كانت أيضًا تهدف إلى منع تسلل الإرهابيين عبر الحدود اللبنانية-السورية، وإيقاف محاولات تجنيد أفراد لبنانيين في صفوف التنظيمات المسلحة.


خلال هذه العمليات، قام الجيش اللبناني أيضًا بتقديم دعم مدني، مثل إجلاء المدنيين من المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، وضمان عودة السكان إلى مناطقهم بعد تطهيرها من المسلحين.

 

الفصل الخامس: الحروب والعمليات على الجبهة الجنوبية
تاريخ الجيش اللبناني حافل بالعديد من المعارك والاشتباكات العسكرية على الجبهة الجنوبية، خصوصًا ضد الاحتلال الإسرائيلي. هذه الاشتباكات كانت تتراوح بين معارك دفاعية ضد العدوان الإسرائيلي ومهام دعم لوجستي لدعم الجبهات العربية في الحروب الكبرى. كما تميزت بفترات هدوء نسبي تخللها بعض التحركات العسكرية المحدودة والعمليات الكبيرة في سياق التصدي للاحتلال الإسرائيلي.


حرب 1948 والمعركة في بلدة المالكية
كانت أولى مشاركات الجيش اللبناني في الحروب الكبرى في عام 1948، حين شارك في معركة المالكية شمال فلسطين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي. في تلك الفترة، كان الجيش اللبناني في إطار التعاون العربي ضد العصابات الصهيونية، حيث تمكن من تحرير بلدة المالكية وتسليمها إلى جيش الإنقاذ العربي، وهو جيش يضم متطوعين عرب جاءوا لدعم الفلسطينيين في مقاومتهم ضد الاحتلال. وكان هذا الحدث نقطة انطلاق للمشاركة اللبنانية في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي.


دور الجيش اللبناني في حرب 1967
لم يشارك الجيش اللبناني بشكل مباشر في حرب 1967 بين إسرائيل ودول الجوار العربي (مصر، سوريا، والأردن)، لكن الجيش اللبناني دعم الجبهة العربية بشكل غير مباشر عبر تقديم خدمات لوجستية للقوات المسلحة في الدول المجاورة. في تلك الفترة، كان لبنان يواجه تحديات داخلية مما جعله غير قادر على المشاركة الفعالة في القتال المباشر، لكن الدعم اللوجستي ظل عنصرًا مهمًا في المعركة العربية ضد الاحتلال.


الاجتياح الإسرائيلي 1978: "عملية الليطاني"
في 1978، شن الاحتلال الإسرائيلي اجتياحًا واسعًا على الأراضي اللبنانية في عملية أطلق عليها "عملية الليطاني". وقد كانت القوات اللبنانية مشاركة دفاعيًا في محاولة للتصدي للغزو الإسرائيلي، إلا أن القتال أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الجيش اللبناني، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى. تعرضت مراكز الجيش اللبناني لغارات إسرائيلية كثيفة أسفرت عن تدمير العديد من المنشآت العسكرية.


العدوان الإسرائيلي 1982 - 1985: "سلام الجليل"
بين عامي 1982 و1985، شنت إسرائيل عملية "سلام الجليل"، التي كانت تهدف إلى اجتياح لبنان بشكل كامل. خلال هذا العدوان، شهدت المناطق الجنوبية و بيروت العديد من المعارك العنيفة بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن مئات القتلى من صفوف الجيش اللبناني، وتعرضت مراكزه لغارات جوية إسرائيلية مدمرة.


كان للجيش اللبناني دور أساسي في الدفاع عن المناطق اللبنانية وحماية المدنيين، على الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير في ذلك الوقت. كما كان الجيش اللبناني أحد الأطراف التي بذلت جهودًا لتأمين الحدود اللبنانية بعد مغادرة القوات الإسرائيلية من بيروت في عام 1983.


عملية تصفية الحساب 1993
في عام 1993، شن الجيش الإسرائيلي عملية تصفية الحساب ضد لبنان، بعد تصاعد الهجمات ضد الاحتلال من جانب المقاومة اللبنانية. في تلك الفترة، شارك الجيش اللبناني في حماية النازحين المدنيين أثناء تنقلاتهم نتيجة القصف الإسرائيلي، كما عمل على إزالة آثار العدوان من خلال توفير المساعدة الإنسانية، وإصلاح البنية التحتية المتضررة جراء الغارات.


حرب 2006: تصدي الجيش اللبناني للعدوان الإسرائيلي
حرب 2006 كانت واحدة من أبرز محطات التاريخ العسكري اللبناني في التصدي للعدوان الإسرائيلي. فقد حاولت إسرائيل شن عملية واسعة للسيطرة على لبنان، لكن الجيش اللبناني نجح في إحباط العديد من محاولات التسلل والإنزال التي كانت تقوم بها القوات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية الجنوبية. كما قام الجيش بفرض الأمن الداخلي أثناء عمليات نزوح المدنيين نتيجة القصف المستمر، وقدم الدعم للإغاثة في المناطق المتضررة.


وفقًا لقرار مجلس الأمن 1701، الذي صدر في أغسطس 2006، تم انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وأعقب ذلك إعادة نشر الجيش اللبناني في الجنوب وصولاً إلى الخط الأزرق بعد 30 عامًا من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على هذه المناطق. وأثبت الجيش اللبناني قدرته على الحفاظ على الأمن في الجنوب، رغم التحديات الكبيرة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي.


العدوان الإسرائيلي في 2023-2024
في أكتوبر 2023، تصاعدت الهجمات الإسرائيلية على لبنان، بعد معركة طوفان الأقصى التي شنها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية في غزة. وجاء الرد الإسرائيلي على انخراط حزب الله في دعم قطاع غزة، مما دفع إسرائيل إلى تصعيد الهجمات الجوية على لبنان. وعلى الحدود الجنوبية في أكتوبر 2024، شنت إسرائيل عملية برية ضد أهداف يُزعم أنها تابعة لحزب الله.


وفي رد الجيش اللبناني على ذلك، صرح بأنه ينفذ إعادة تموضع لنقاط المراقبة على الحدود الجنوبية، مؤكدًا أنه لم ينسحب من الحدود كما ورد في بعض التقارير. خلال هذه الفترة، قُتل العديد من الجنود البنانيين في مواجهات مع القوات الإسرائيلية، وكان الجيش قد تمكن من الرد على الهجمات الإسرائيلية، بما في ذلك استهداف مركز للجيش في مناطق جنوبية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4