لارا النوري: معنا اليوم الخبير الفرنسي في الشؤون الأمنية والإرهاب، جان بيير لوبوان، للحديث عن التهديدات الأخيرة التي يطلقها تنظيم "الدولة الإسلامية" ضد الإدارة الجديدة في سوريا. دكتور لوبوان، بدايةً، كيف تقرأ تصاعد هذه التهديدات في ظل الوضع الأمني الحالي؟
جان بيير لوبوان: شكراً لوكالة انباء اسيا لاستضافتي. التهديدات الأخيرة التي أطلقها تنظيم "الدولة الإسلامية" عبر صحيفته "النبأ" والإصدار المرئي لمؤسسة "البتار" تعكس استراتيجية واضحة لاستعادة النفوذ بعد تراجعه الكبير في السنوات الأخيرة. التنظيم يعتمد على خطاب تحريضي يهدف إلى إثارة الفوضى وإضعاف الإدارة الجديدة في سوريا، خاصة بعد سقوط نظام الأسد.
لارا النوري: التنظيم وصف الإدارة الجديدة بأنها "بيادق" بيد تركيا ودول أخرى، واتهمها بتنفيذ "حرب بالوكالة". كيف تفسر هذا الخطاب؟
جان بيير لوبوان: هذا الخطاب ليس جديداً. التنظيم يعتمد على نظرية المؤامرة لتبرير وجوده وجذب الأنصار. وصف الإدارة الجديدة بأنها "بيادق" يهدف إلى تشويه سمعتها وإظهارها كأداة بيد القوى الخارجية. هذا النهج يتوافق مع أيديولوجية التنظيم التي ترى في كل الأنظمة السياسية الحديثة "طاغوتاً" يجب محاربته.
لارا النوري: التنظيم أيضاً هاجم أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة، ووصفه بأنه "حارس لمعابدهم". هل يعكس هذا العداء الشخصي أم أنه جزء من استراتيجية أوسع؟
جان بيير لوبوان: هذا الهجوم ليس شخصياً بقدر ما هو جزء من استراتيجية التنظيم لتشويه صورة القيادات الجديدة في سوريا. التنظيم يرى في الشرع رمزاً للتحول نحو نظام مدني، وهو ما يتعارض مع أيديولوجيته الجهادية المتطرفة. الهجوم على الشرع يهدف إلى إضعاف شرعيته وإثارة الشكوك حول قدرته على تحقيق الاستقرار.
لارا النوري: مؤخراً، أحبطت الإدارة الجديدة محاولة تفجير في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، وتم اعتقال عدة أشخاص متورطين. كيف تقيم قدرات التنظيم على تنفيذ عمليات إرهابية في ظل تراجعه؟
جان بيير لوبوان: رغم تراجع التنظيم، إلا أنه لا يزال قادراً على تنفيذ عمليات إرهابية محدودة. محاولة التفجير في السيدة زينب تظهر أن التنظيم يحاول استغلال المناطق الهشة أمنياً لإثبات وجوده. ومع ذلك، فإن قدراته التنفيذية تراجعت بشكل كبير مقارنة بذروة قوته بين عامي 2014 و2017.
لارا النوري: هناك تقارير عن اعتقال قيادي في التنظيم يُدعى "عطا الحريري" في درعا. هل يعكس هذا نجاحاً للأجهزة الأمنية الجديدة في مواجهة التنظيم؟
جان بيير لوبوان: اعتقال "عطا الحريري" يُعد نجاحاً مهماً للإدارة الجديدة، لكنه لا يعني نهاية التهديد. التنظيم يعتمد على خلايا نائمة وقادة بدلاء يمكن أن يحلوا مكان المعتقلين أو القتلى. النجاح الحقيقي سيكون في تفكيك الشبكات المالية واللوجستية التي تدعم هذه الخلايا.
لارا النوري: هناك من قال إن التنظيم قد يتعاون مع إيران وفلول النظام السابق لإضعاف الإدارة الجديدة. هل ترى هذا السيناريو واقعياً؟
جان بيير لوبوان: هذا السيناريو ممكن، لكنه معقد. التنظيم وإيران لديهما تاريخ من العداء، لكنهما قد يتعاونان بشكل محدود لتحقيق أهداف مشتركة، مثل إضعاف الإدارة الجديدة. ومع ذلك، فإن أي تعاون بينهما سيكون مؤقتاً وغير مستقر بسبب الاختلافات الأيديولوجية الكبيرة.
لارا النوري: ما هي توقعاتك لمستقبل تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا؟
جان بيير لوبوان: التنظيم يواجه تحديات كبيرة، خاصة مع تراجع قدراته العسكرية والمالية. ومع ذلك، فإنه سيستمر في محاولة استغلال الفراغ الأمني في بعض المناطق. مستقبله سيعتمد على قدرة الإدارة الجديدة على تعزيز الأمن وتحقيق الاستقرار، وكذلك على مدى نجاحها في مواجهة الأيديولوجية المتطرفة التي تغذي التنظيم.