يطوي اللبنانيون منتصف هذا الليل سنة 2024، التي حملت إليهم حربًا كانت الأشرس في تاريخ الحروب الإسرائيلية وغيرها على أرض لبنان، ومع استقبالهم سنة 2025، تتجدد الآمال العريضة والوعود الوردية، إلا أن التحديات تبقى كبيرة.
استحقاق 9 كانون الثاني: مفترق طرق سياسي
يُعدّ موعد 9 كانون الثاني محطة حاسمة لانتخاب رئيس الجمهورية الرابع عشر للبنان، وتتباين الانطباعات حول هذه الانتخابات، وسط أجواء من التناقض والغموض، كما ينظر كثيرون إلى هذه الجلسة بوصفها لحظة مفصلية لإنهاض لبنان من سلسلة الكوارث التي طاردته في السنوات الأخيرة، والتي بلغت ذروتها في الفراغ الرئاسي المديد قبل انفجار الحرب الأخيرة.
صحيفة "النهار" وصفت الموعد بأنه رأس جبل الجليد في اختبار قدرة الطبقة السياسية اللبنانية على تلبية الحاجات الملحة للبلاد، ويرى المراقبون أن عدم انتخاب رئيس جديد سيؤدي إلى خيبة أمل كبيرة، مع خطر تهميش دولي للبنان، لا سيما أنه لا يزال في خضم صراع مع إسرائيل حول تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية. ومن المقرر أن يعود الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت الأسبوع المقبل، في محاولة أخيرة لتثبيت الاتفاق قبل انتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية في 20 كانون الثاني.
الضغوط الدولية: الدفع نحو الانتخاب
تكتسب الحركة الدبلوماسية المكثفة أهمية بالغة، حيث تعمل مجموعة الدول الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر، وقطر) على الضغط على القوى اللبنانية للتوصل إلى اتفاق يضمن انتخاب رئيس للجمهورية دون تأخير إضافي، وأشارت التقارير إلى أن المجموعة الخماسية ستدعم أي رئيس يُنتخب خلال الجلسة، حتى إن تعذر تأمين أكثرية الثلثين في الدورة الأولى، مع الميل إلى تفضيل رئيس توافقي.
من جهتها، أكدت صحيفة "البناء" أن رئيس مجلس النواب نبيه بري مصر على عقد الجلسة في موعدها، مع احتمال عقد دورات متتالية للحفاظ على نصاب الثلثين، وذكرت مصادر سياسية أن الملف الرئاسي قد يُحسم في الجلسة المنتظرة، إلا أن بعض التحليلات ترجح استمرار التعقيد نتيجة غياب التوافق حول الأسماء المطروحة.
ضبابية المشهد السياسي
أوضحت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة "اللواء" أن الملف الرئاسي يدخل في مرحلة مصيرية، ورغم الحراك النشط، لم تُحرز المعطيات أي تقدم ملموس باتجاه انتخاب رئيس، ولا تزال الأسماء المتداولة غير قادرة على حسم الكفة لصالحها، وتثير هذه الضبابية تساؤلات حول مدى جدية المساعي الداخلية والخارجية، مع وجود فرضية حدوث مفاجآت في اللحظات الأخيرة.
وأفادت صحيفة "الديار" أن بورصة المرشحين الجديين لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وأن القوى السياسية تفضل انتظار كلمة السر الخارجية، هذا الترقب يعكس رهانًا على تدخل دولي لحسم الموقف، في حين يرى البعض في التأجيل فرصة لتمرير رئيس تحدٍّ يعكس التحولات الكبرى في المنطقة.
تأثير الوضع الإقليمي
يتزامن الاستحقاق الرئاسي مع متغيرات إقليمية ودولية، أبرزها تأثير الأوضاع في سوريا على الساحة اللبنانية، إلى جانب بدء ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، فهذه العوامل تضيف تعقيدًا إلى المشهد السياسي اللبناني، مما يجعل انتخاب الرئيس الجديد أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار البلاد.
آفاق المرحلة المقبلة
يبقى 9 كانون الثاني موعدًا فارقًا في رسم ملامح المرحلة المقبلة للبنان، ونجاح الاستحقاق الرئاسي يعني فتح الباب أمام إنهاض الدولة ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية، أما الفشل، فيهدد بزيادة تعقيد المشهد اللبناني، وسط ضغوط دولية وإقليمية متزايدة، في كلتا الحالتين، يبقى مصير لبنان مرهونًا بقدرة قادته على التوافق وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة.