مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الساعات الأولى من فجر الأربعاء، 27 تشرين الثاني 2024، انتهى عدوان إسرائيلي استمر شهرين على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، مستهدفًا بنيتها التحتية وأحيائها السكنية والتجارية.
مع ساعات الصباح الأولى، بدأ السكان بالعودة إلى أحيائهم المدمرة، لتفقد منازلهم ومحالهم التجارية التي كانت شاهدة على حياتهم اليومية، والتي تعرضت لقصف مكثف استهدف مناطق مثل حارة حريك، بئر العبد، طريق المطار، الليلكي، ومعوض. هذه المناطق عانت دمارًا هائلًا نتيجة الغارات الإسرائيلية التي حذرت سابقًا سكانها عبر منصات التواصل الاجتماعي من إخلائها، في مشهد يعكس وحشية العدوان وحجمه.
تجول العائدون بين الأنقاض، باحثين عن أي شيء يمكن إنقاذه من تحت الركام، سواء أكانت ممتلكات شخصية تحمل ذكريات لا تُقدر بثمن، أو أثاثًا وألعاب أطفال، وسط دمار لم يقتصر على المباني المستهدفة مباشرة، بل امتد إلى الأحياء المحيطة. كان المشهد قاسيًا، إذ تحولت شوارع بكاملها إلى ركام، وفقدت مئات العائلات منازلها ومصادر رزقها، مما خلف كارثة إنسانية كبيرة.
بدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى الضاحية، مع افتتاح بعض المحال التجارية المتضررة جزئيًا لاستئناف عملها. أشار أصحاب المحال إلى صعوبات كبيرة في استيراد البضائع وتجهيز متاجرهم، بسبب تضرر البنية التحتية وعدم استقرار الأوضاع، مما أثر على استعدادهم لمواجهة موسم الشتاء.
العدوان الإسرائيلي ألحق دمارًا هائلًا بالبنية التحتية، إذ استهدفت الغارات الطرق والمنشآت العامة وشبكات المياه والكهرباء والهاتف، ما أدى إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت في العديد من المناطق. كما تراكمت النفايات في الشوارع نتيجة توقف خدمات البلديات لفترة طويلة.
في مواجهة هذه الأضرار، بدأت لجان تابعة لـ"حـ.ـزب اللـ.ـه" منذ أيام بالكشف على المنازل المتضررة لتقييم الأضرار والبدء بعملية ترميمها، مع وعود بتعويضات مالية وإجراءات إيواء مؤقتة للأسر التي فقدت منازلها بالكامل. وأعلنت مؤسسة "جهاد البناء" عن خطط لإعادة الإعمار، تشمل دفع بدل إيواء يشمل الأثاث والإيجار لمدة عام، إلى حين استكمال عمليات البناء التي ستتولاها شركة "وعد".
وفق تقرير صادر عن مختبر "المدن" التابع للجامعة الأميركية في بيروت، دُمر ما لا يقل عن 262 مبنى في الضاحية الجنوبية خلال العدوان، ما يجعل إعادة الإعمار تحديًا كبيرًا يتطلب تضافر الجهود لإعادة الحياة إلى طبيعتها في المنطقة.