تعيش مدينة الحسكة، الواقعة في شمال شرق سوريا، أزمة محروقات خانقة انعكست آثارها على الحياة اليومية للسكان المحليين. هذه الأزمة ليست جديدة على المدينة، بل تتفاقم بفعل الحصار العسكري والتدمير المتواصل للبنية التحتية، وخاصة بعد الهجمات الجوية التركية على المنشآت النفطية. ومع ذلك، فإن أحد العوامل الرئيسية التي أسهمت في هذا الوضع الكارثي هو سرقة النفط السوري من قبل القوات الأمريكية و"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تسيطر على مصادر النفط الأساسية في المنطقة.
العديد من أصحاب وسائل النقل في الحسكة يعانون من صعوبة شديدة في تأمين مادتي المازوت والبنزين، حيث أصبحت مشاهد الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود جزءاً من الحياة اليومية. ويعود السبب الرئيسي لهذه الأزمة إلى نقص كميات المحروقات التي يتم توزيعها من قبل "إدارة المحروقات" التابعة لـ "الإدارة الذاتية"، حيث لا تكفي الكميات المتاحة لتلبية احتياجات السكان، مما يفاقم من معاناة المدنيين.
(ه.خ)، سائق سيارة أجرة، يتحدث عن معاناته قائلاً: "للحصول على البنزين أقف منذ ساعات الصباح الباكر وحتى الظهيرة أمام محطة الوقود، ومع ذلك، غالباً ما أحصل على بضع لترات فقط، وهي كمية لا تكفي لتلبية احتياجات عملي. هذه المعاناة باتت جزءاً من يومياتنا، وعدم الحصول على مخصصاتي سيؤثر بشكل مباشر على قدرتي على تأمين لقمة العيش لعائلتي".
وفي السياق ذاته، يقول (ب.م): "منذ أسبوع وأنا أعاني للحصول على البنزين، حيث أقضي ساعات طويلة يومياً أمام محطات الوقود دون جدوى. تفاقم هذه الأزمة وضعنا في مأزق إنساني حقيقي، خاصة مع غياب المواد الأساسية التي تيسر سبل العيش للأهالي".
ومع استمرار هذه الأزمة، تزداد موجات الهجرة من مناطق "الإدارة الذاتية" بحثاً عن فرص حياة أفضل بعيداً عن الصعوبات المتراكمة التي تؤثر على حياة المدنيين بشكل يومي.
الواقع أن السبب الجذري لهذه الأزمات يعود إلى سرقة النفط السوري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تسيطر قواتها بالتعاون مع "قوات سوريا الديمقراطية" على حقول النفط في شمال وشرق سوريا. هذه السياسات تؤدي إلى حرمان سكان المنطقة من الثروات الطبيعية التي من المفترض أن تكون مصدرًا رئيسيًا للموارد الاقتصادية، مما يزيد من معاناتهم ويؤثر بشكل كبير على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية. بينما تستمر الولايات المتحدة في نهب الموارد السورية، يظل المواطن السوري في هذه المناطق في حالة من التهميش والفقر المدقع، في وقت يُحرم فيه من الاستفادة من ثرواته الطبيعية.