ما صنع قوة الردع في مواجهة الكيان ومنعه من ارتكاب المجازر بالمدنيين اللبنانيين بين اعوام ١٩٩٦ و ٢٠٠٦ هو قدرة الحزب على الرد بالمثل عبر عشرين الف مقاتل وبضعة الاف من صواريخ الكاتيوشا.
ولأن سقوط خسائر بين المستوطنين يقضي على المستقبل السياسي لمن يحكم الكيان لحظة اتخاذ قرار العدوان فقد صار من مصلحة حكام الكيان ان لا يتسببوا برد عسكري لبناني على مستوطنيهم.
هل تغيرت هذه المعادلة؟؟
نعم، فنتنياهو ساقط بحكم تحمله مسؤولية فشله في السابع من اكتوبر وليس لديه ما يخسره. وتمسكه بمنصبه وارتكابه المجازر في غزة قلبا الطاولة فلم يعد هناك قيمة لواحد من أسس الردع اللبناني.
بعد العام ٢٠٠٦ بني الردع على اسس اصلب، هو خوف الاحتلال من القدرة الخارقة لمشاة ال م قاومة مقابل مشاته فصار الخوف الاكبر هو غزو بري للجليل.
وبعد طوفان الاقصى صارت مشاركة الجهات التي تشكل محور ال مق اومة في حرب شاملة مع اسرائيل واحدة من أهم الاسس التي تردع اسرائيل.
أيضا هناك ما هو معروف من الاسباب وما هو مخفي. فاما المعروف فهو دخول حلف الاطلسي يوم ٨ تشرين اول ٢٠٢٣ كطرف عسكري فاعل الى جانب اسرائيل.
هنا سقط عامل ثان من عوامل الردع بوجود قوة تعوض أي خلل عسكري واستخباري عند الصهاينة.
هل سقط الردع بشكل نهائي،
بوجود مليون ونصف المليون صاروخ، وعشرات الاف الطائرات المسيرة. و مئة الف مقاتل ونصف مليون حزبي ودعم يمني عراقي ايراني وعمق لوجستي سوري ؟؟
الردع لم يسقط، ولكنها استراتيجية تشبيك المصالح الاميركية التي تجعل من طموح شخص او مجموعة او تيار وسيلة محلية في اوساط اعداء اميركا تستخدم في تكتيف قوة الاعداء.
سقط الردع لحظة علم نتنياهو أن اعداء الاميركيين لديهم نقاط ضعف تجعل قوتهم مكتفة وغير مفعلة بسبب جاذبية تبادل المصالح مع اميركا.
وتجرأ نتنياهو لحظة عرف ان ضربة مثل قتل صالح العاروي لم تتسبب برد يوقع خسائر كبيرة في اسرائيل. وسقط يوم وصلت اجهزة الامن الى القدرة على الوصول الى طريقة تحديد مقرات القادة وشخصياتهم وتوقيت تواجدهم وحجم الرد الممكن على أي اغتيال.
هل صرنا عبيدا للكيان يأمر سفهاء ضباطه فيهرب اهلنا حفاة عرة من بيوتهم في ساعة؟
هل صرنا عبيدا للكيان فيحدد تافهي قادته نوع الحصار الذي يفرضون علينا؟
وهل يمن انصار الله أشد بأسا من لبنان، فيفرضون سيطرتهم على الابحار في المندب والاحمر والهندي ويفرض علينا عدوهم ما يشاء؟؟
الردع نتاج تضافر عوامل ومصادر قوة متعددة توضع في خدمة ادارة سياسية لديها الارادة والشجاعة.
ولبنان بم ق امته ليس في وضع الاستعباد وشعبنا ليس دون حماية والراية البيضاء لن يرفعها من هزم بضع مئات منهم جيش الاحتلال عام ١٩٨٢ في بيروت وعام ١٩٨٥ حين أجبروه على الانسحاب من معظم الاراضي اللبنانية. استعادة القوة سريعا رهن بانهاء الخرق الأمني الذي سمح لطيران العدو بقتل القادة وبالوصول الى مخازن ومقرات سرية. وهو أمر لا يتعلق بجواسيس تقليديين يجب اعتقالهم. بل باكتشاف من هي الجهات النافذة التي عقدت صفقات كبرى مع أميركا كي تستفيد من غياب القادة ليحتل مكانهم من يسير بالتسويات السرية.
الردع لم يسقط ولكن مصادر قوة لبنان محيدة ومعطلة وفور تفعيلها سنرى نشوة اسرائيل الحاليةوهي تتحول الى دخان لحرائق الرد الذي يستعيد قدرة فرض الارادة على العدو فيعود أهلنا مرفوعي الرأس الى بيوتهم.