ليس في الطبقة السياسية الأميركية الحالية أي رجل أو إمرأة يتملك مشاعر انسانية تجاه ضحايا العنصرية الاسرائيلية، وكل شخصية منتخبة أو تطمح لشغل منصب منتخب لا يمكن لنا ان نتوقع منها الانصاف والعدل او التصرف وفقا للمعايير الاخلاقية الانسانية او وفقا للقانون الدولي طالما المطلوب موقف من جرائم اسرائيل. لهذا كل مراهن على هاريس
او غيرها حتى من اليسار الاوربي التقليدي هو واهم ويضلل نفسه ويضلل الجاليات ويلعب في ساحة اللوبي الاسرائيلي ولصالحه ولكن....
لا بد من توزيع الادوار بين افراد الجالية، وبين مناصريهم، فهناك مكاسب لا يمكن الحصول عليها محليا ولصالح المواطنين الا بالمشاركة في الحياة الحزبية، وهناك مواقف جذرية يجب أن تتخذ ضد كل الاحزاب الخاضعة للوبي الاسرائيلي من واشنطن الى كل العواصم الاوروبية والغربية والعربية.
توزيع الادوار يحفظ القضية لان الناس ليسوا سواسية في القدرة على التحمل او في القدرة على فهم طبيعة المعركة والتضحيات المطلوبة.
فخير لفلسطين ان يصمت عربي او مسلم من ان يشارك في لوبيات تمولها دول خليجية تجعلهم يميلون حيث تميل السياسات العربية الرسمية ولكن ايضا خير للعرب ولفلسطين ان يحاول ثلة من الاميركيين العرب كسب صوت لهم من داخل اللعبة الحزبية.
من هو الاحق باتخاذ القرار وتوزيع المهام وتوزيع التهم؟؟؟
ابناء الجالية وانصارهم لانهم اصحاب الأرض والميدان وهم من ضحى وناضل وهم من يتعرض وهم من لهم الحق بوصف العميل بالعميل والخائن بالخائن والغبي المفرط بالمفرط.
من اسباب قوة الموقف الاسرائيلي في الشأن الداخلي الاميركي و في بلاد الغرب عامة، ان من يتولون تقديم الخبرة في مراكز البحث والدراسات الجدية وليس تلك المتخصصة بالبروباغندا وصناعة الشعبية، هم شخصيات جدية مارست العمل الميداني للتعرف على المواضيع التي يودون التخصص فيها ثم أصبحوا باحثين وخبراء تصل ارائهم وافكارهم الى صانع القرار الاميركي فيختار منها ما يناسب استراتيجيته. ويستفيد من الخبراء المعروضة أرائهم امامه.
اما في بلادنا، فان المخاطر الكبرى على وجودنا لم تقنع القائمين على مراكز البحث والدراسات بأن معايير التوظيف لا بد وان تشترط علاقة الباحث الحالي بالخبرة الميدانية لمجال البحث خاصته و الذي يتحدث عنه.
و من السهل معرفة ان خبراء اسرائيل في شؤوننا هم ضباط استخبارات عاشوا او اشخاص جرى تحضيرهم بالعيش بيننا والعمل في ميادين بلادنا مباشرة بل بعضهم ممن قاتلونا وقتلونا، في حين ان خبرائنا بالشأن الاميركي أغلبهم ما عاشوا في اميركا، وان فعلوا فهم لم يعملوا في السياسة المباشرة بل في مهن اخرى. وليس تخصصهم الاكاديمي مناسبا لما يزعمون الخبرة فيه.
من اهم مواقع التضليل للرأي العام و للقادة ولاصحاب القرار في بلادنا وجود شخصيات كل رأسمالها البحثي هو شهرتها، او تصنيعها من مراكز حزبية على اعتبار ان اجادة اللغة والتفرغ يكفيان للحكم على افعال نشطاء الجالية او كافيان لوضع دراسات سياسية لمستقبل القرارات الاميركية تجاه منطقتنا.
هل القادة قابلين للوقوع في فخ التضليل؟؟
العمل السياسي علم، وكل علم قائم على قدرات شخص واحد حتى لو كان شخص القائد هو علم قاصر ومحدود، مقارنة بالمؤسسة. و سيقع صاحبه في الاخطاء حتما.
في الحروب المصيرية كل خطأ سببه خبير ليس خبيرا هو جريمة لان اصحاب القرار ليس من مهمتهم التدقيق في اصحاب الخبرة الذين تصل ارائهم الى مكاتبهم . بل تلك مهمة من يدير مراكز البحث والمشورة. والمشكلة الاكبر ان طبيعة العلاقات الشخصية في بلادنا تطغى على ثوابت العلم في العمل السياسي والتنظيمي وبالتأكيد تطغى على شروط توظيف الاشخاص في المراكز البحثية العربية.
وقد برزت في الايام القليلة الماضية حالة من التسابق للفذلكة على الجاليات الاسلامية والعربية في الولايات المتحدة الاميركية، و التي كانت قد انتقلت على وقع نضالات الالاف من قياداتها، من حالة اللامبالاة واليأس من القدرة على التأثير، الى حالة الرفض لواقع السياسات الاميركية تجاه منطقتنا، والتأثير على مجريات الامور على مستويات معينة من المجتمعات التي يعيشون بينها سواء في المدن والاعمال او في الجامعات وكل ذلك حصل بما توفر من الاسباب الموضوعية المحلية.
لم يبدأ تأثير الجاليات في الظهور في الساحة الانتخابية او الاجتماعية، لان اللوبي الاسرائيلي ضعف، أو لأن النشطاء العرب والمسلمين صاروا اشد مراسا في مقارعة الامبراطورية، فالكثير من احفاد المهاجرين وابنائهم وصلوا منذ الخمسينيات الى مراكز عليا في السلطة ولكنهم كانوا نتاج الذوبان الكامل في مؤسسات الامبراطورية.
ان ما يحصل الان على الساحة الشعبية الاميركية هو نتاج السلاح الذي جاء به الاميركيون ليقاتلوا الشعوب به بغية استمرار استعبادهم لهم، اي نتاج سقوط حصرية نشر الاراء عبر المؤسسات الاعلامية الكبرى. والهاتف الذي ارادوا منه الوصول عبره الى عقول 8 مليارات انسان لتدجينهم بما ينفع الامبراطورية، صار وسيلة لنشر الوعي عبر الثغرات التي يتسابق رجال الامبراطورية لاغلاقها الان. وقد شكل المناضلين الاميركيين البيض والافارقة واللاتينيين، من اليمين واليسار الاميركي و بكل اطيافهم حتى الانجيلية المحافظة منها(ليس كل انجيلي محافظ صهيوني وبينهم كنائس كبرى تعادي اسرائيل) رافعة محلية جعلت من الجاليات العربية والاسلامية قادرة على التأثير. لان من سبق ذكرهم ينظرون الى الجاليات بوصفهم اصحاب القضية ويقدمونهم عليهم في كل النشاطات المشتركة.
لكن الاخطاء التي ترتكب من قبل الجالية تقدم للوبي الاسرائيلي فرصة الفوز بالفئات المتعاطفة معه من الشارع الاميركي مرة اخرى، فضلا عن غياب ثقافة التبرع، وإرث الخوف الوارد في الجينات من بلاد الاباء، فان اللوبي المتجذر في المؤسسات الاميركية الحاكمة لا يمكن أن يخسر تلك المواقع قبل تبدل مراكز قوى الحكم في الدولة العميقة، او قبل انحياز تيار كبير وغالب من الناخبين الاميركيين للقضية الفلسطينية بعيدا عن توجيهات وقدرات الاعلام المسيطر المروج لاسرائيل ولحلفائها الاميركيين. وهذين امرين لم تتوفر ولن تتوفر شروط تحققهما قبل عقود من النضال وقبل تبدل مراكز القوى الشعبية او الاقتصادية. لهذا فان انتظار تحقق انتصارات من حركة (غير ملتزم) او انتظار انهيار الحزب الديمقراطي على اعتاب الجاليات العربية والاسلامية لمجرد انهم جمعوا مئات الاف التواقيع هو تسطيح للواقع والفشل اكيد والمحاولات هي النجاح والاستمرار في التعامل مع الشأن الاميركي الداخلي من داخل المؤسسات ليس خيانة بل عمل مفيد لا ينفي الحاجة الى تيار اخر في الجاليات وحلفائهم يعمل بمنطق الخطاب الجذري والقتال سياسيا لتحقيق الانجازات من خارج اللعبة الحزبية.
الهدف يحتاج لكل انواع المحاولات النضالية مهما كان بعضها قاصرا. بل يجب ان يتولى النشطاء الجادين والقادرين توزيع الادوار فيما بينهم وان لم يكن لديهم معلم فهذا اللوبي الاسرائيلي الاميركي لا يخفي اساليبه فتعلموا منهم وتفوقوا عليهم واختصروا المسافات والازمنة بالابداع اكثر مما ابدعوا هم حتى وصلوا بعد الحرب الاوروبية الكبرى الى ما وصلوا اليه في اميركا الشمالية.
ومن الاخطاء القاتلة المساعدة لاسرائيل قياس النجاح على حجم الانجاز الاني.
ان الجالية يجب ان تتوقع النجاح بعد عقود وليس بعد سنوات فان جاء النجاح في الانتخابات الحالية قريبا من الصفر فلا يعني هذا انها انهزمت فهي لا تقارع امبراطورية عادية بل تقارع امبراطورية تطبع عائلات محدودة العدد من حاكميها الدولار ثم تستدينها منها الحكومة التي تعمل لصالحهم ثم يسددها المواطن الذي يعود لشكر تلك الدولة على تسهيلات الحصول على قروضه المنزلية التي يستدينها ممن طبع الدولار بسعر الحبر والورق.
ومن كان ينتظر انهيار اللوبي الاسرائيلي وقيام هاريس بحمل العلم الفلسطيني لا يصلح لابداء الرأي ولا لكتابة مقال او لتصدر اي مشهد اعلامي. فهذه مسيرة لم ينضم اليها الا مؤخرا اقل من 5 بالمئة الى سبعة بالمئة من مجموع الناخبين الاميركيين، وليس بين هؤلاء الا نسبة تقل عن الربع من مجموع الجاليات العربية خاصة والاسلامية عامة فالسمة الغالبة للنشطاء هي الشباب والجالية ليست كلها من الشباب الجامعي. وانظروا الى التحركات الجماهيرة في مشيغين، هل رأيتم عاصفة جماهيرة من ابناء الجالية يتظاهرون؟؟
ان الاهتمام بالعلاقة مع المؤسسة الاميركية المحلية على مستوى الولايات والمدينة بناء على الموقف من القضية الفلسطينية هو خطأ ولا يجب تناسي أن المصالح الشخصية للمواطنين تطغى على الرأي السياسي داخل الجاليات كما وسط الاميركيين البيض وغيرهم. ولهذا قد نجد مسلمين وفلسطينيين ومتدينين يصوتون محليا لرئيس بلدية متصهين او يميني
متطرف لأن طرحه المحلي عمليا اهم من طروحات منافسيه. وهذه هي الحياة السياسية الاميركية بتعقيداتها فاما تتماشى مع تيارها لتبدله على المدى الطويل واما سوف يبتلعك.
ومن المخاطر الكبرى، التعامل مع الداخل الاميركي بمفاهيم البلاد الام، ففي ديترويت قد عاون اسرائيل وقواها من هتف بالموت لأميركا او أحرق علما اميركيا او تعاطى لغويا مع الشعار السياسي كما لو انه على منبر حسينية في قريته الجنوبية.
ولسوف يعاون اسرائيل من يعتقد ان رفض التمويل المحلي اليميني او اليساري غير الجذري لجمعيات اهلية معارضة لاسرائيل هو موضع شبهة اذا جاء من جماعات لا تعارض وجود اسرائيل بل تعارض جرائمها.
ما لا تحصل عليه كله، في اميركا من واجبك ان تحصل ولو على مقدار منه. وتبديل موقف واحد لفئة من المجتمع خير من معاداتهم لانهم يعترفون بحق اسرائيل في الوجود. فاسرائيل في الكتاب المقدس لكل اميركي مؤمن بذاك الكتاب، وعملية الفصل بين الارث البروتستانتي والواقع السياسي تجاه دولة الفصل العنصري لن تحصل ىالمواقف الجذرية في
يوميات المواطنين بل بالعمل البراغماتي وبالحوار المستمر والطويل الامد.
و الجالية يجب ان تتصرف وفقا للقانون الاميركي وليس وفقا لمنطق قيادات حلفاء فلسطين في الشرق الاوسط.
بناء على ما سبق فان قيام البعض في البلاد العربية بشن حملة على جماعات عربية واسلامية تقوم بنشاط سياسي من داخل الاحزاب القائمة هو تدخل من يهرف بما لا يعرف. فاهل مكة الاميركية اولى بشعابها، ولكل مدينة في اميركا حالة انتخابية نضالية مختلفة وبعض التعميم غباء، وبعض التعميم اكثر من الغباء بل اجرام.
ان رغبة بعض مراكز البحث الهشة في عالمنا العربي باظهار ان لديها خبراء بالولايات المتحدة ممن لا يعرفونها الا من خلال مراقبة الصحف ومن خلال ترجمة المقالات التي تصلهم هي كمن يعين طبيبا جراحا رئيسا لقسم جراحة الدماغ رغم ان كل خبرته ناتجة عن مشاهدة افلام وثائقية عن الجراحة.
ان الحالة التي نراها في تعيين بعض السفهاء العرب كخبراء في الشرق الاوسط في مراكز بحثية كبرى في اميركا ليست حالة اكاديمية. بل جزء من البروباغندا التي لا يعتبرونها امرا علميا، وهؤلاء السفهاء سواء في معهد واشنطن لدرسات الشرق الادنى او في مركز الدفاع عن الديمقراطية القريب من الموساد، هم شخصيات للدعاية، ولا يأخذهم اللوبي
الاسرائيلي في ارائهم على محمل الجد. بل يعينونهم ويعطونهم الاوصاف الكبرى في مراكز البحث كي يقال لاعضاء الكونغرس وللاكاديميين وللرأي العالم الاميركي
" وهذا شاهد من اهلهم العرب يشهد ضدهم." لذا لا يجب اعتبار اصحاب الشهرة خبرا فقرد طرزان (شيتا) كان اشهر من كل نجوم السينما في السبعينيات من القرن الماضي.
ان لم يكن الخبير قد عاش في اميركا وعمل في اروقة السياسة فيها فهو ليس مخولا لابداء الرأي العلمي مهما قرأ ومهما سمع. هو صاحب رأي ويمكن ان يصيب او يخطيء ولكنه ليس صاحب رأي علمي، وان لم يكن الخبير قد مارس الفعل اليومي في اميركا ولم يتواصل مع الخبراء والمسؤولين والناخبين والمنتخبين فكيف يحق له تقييم حركة اميركية
تخوض معركة اثبات الوجود على مراحل؟؟
من يملك تلك المواصفات فقط هو من رأيه صواب سواء إتهم او اشاد بتلك الحركة الاميركية من داخل الاحزاب للنشطاء العرب وفيهم السفيه وفيهم كريم النفس والتاريخ والسيرة.
هذا لا يعني ان ليس في الجاليات اختراقات اسرائيلية، وان ليس في الجاليات من يعمل لصالح اسرائيل من موقع العمالة. وان ليس في الجاليات من يحبط الحراك المناصر للقضايا العربية من داخل الجاليات العربية. و لكن المخول بتوصيف هؤلاء، والمخول بفضحهم هم مناضلو الجالية في عقر دار الامبراطورية و ليس موظف متفرغ لمتابعة الصحف
الاميركية في مركز عربي ما، اعلى ما بخيله أنه يقرأ اللغة الانكليزية ولا يتكلمها.
هؤلاء أين انجازاتهم ؟
لم يتوقعوا بتاتا أي توجه مسبق للادارات الاميركية المتعاقبة حتى يومنا هذا، فيما يتعلق بلبنان مثلا. و ما هي تقييماتهم لمسألة الالتزام الاميركي بنتائج ترسيم الحدود بما يخص انتاج الغاز والنفط من الحقول اللبنانية؟
هل صدقوا؟؟
الم يقل اغلبهم ان توتال ستلتزم حرصا على بقاء الحقول الاسرائيلية عاملة وتنتج؟
أبناء الجاليات يعانون الامرين، صورهم تنشر في المواقع الداعمة لاسرائيل ومع معلوماتهم الشخصية ومع عنواينهم وارقامهم وبريدهم ومراكز اعمالهم او دراستهم على طريقة القرون الوسطى في دعوة الرعاع لاحراق السحرة.
وهم يعيشون الخوف والرعب في المهاجر على مصيرهم الشخصي من تهديدات يومية يتلقاها كل من يشارك ولو برأي في ملف يشكل تهديدا للنفوذ الاسرائيلي، وليس من حق متفلسف في بلادنا الام أن يعطي رأيه في نشاطهم ويحق حصرا توجيه الاتهام والتوصيف للنشطاء العاملين وفق الشروط الحزبية الاميركية لمن يعانون في اميركا يوميا.