هزّ خبر وفاة الاستاذة نادين خشاب من بلدة المنصوري الجنوبية الرأي العام في لبنان لاسيما وأنّ الشابة توفيت بعد رش منزلها بالمبيدات لتجنب انتشار وتواجد الحشرات كما تجري العادة في معظم المنازل خاصة وأنّ فصل الصيف يشهد تكاثرًا للحشرات والبعوض والذباب ما يدفع المواطنين إلى اللجوء لشركات مختصة أو أفراد يقومون بتلك المهمة.
في موازاة ذلك، أصدرت وزارة الصحة بياناً تؤكد فيه "أن الوزارة فتحت تحقيقاً طبياً وعلمياً لتحديد الأسباب الحقيقية للوفاة وبناء المقتضى، على أن يتمّ إعلام الرأي العام بالنتائج فور تبيانها في أسرع وقت ممكن".
ولأننا لا نعرف بعد السبب الرئيسي لوفاة نادين، سوف نلقي الضوء في تقريرنا على فرضية التسمم التي تشير إلى استنشاق نادين مواد سامة بعد أن استعانت بشركة لرشّ المبيدات الحشرية في منزلها. ما مدى خطورة هذه المبيدات على صحة الإنسان؟ وهل يكون التعرّض لها قاتلاً؟
يشرح الاختصاصي في الأمراض الداخلية والرئوية والاختصاصية الدكتور وسام غنوي في حديثه لوكالة أنباء آسيا عن وجود أنواع مختلفة للمبيدات الحشرية والتي تُستخدم لرشّ المنازل والمستودعات وغيرها أو للزراعة. وتُقسم المبيدات الحشرية المنزلية إلى نوعين: الأول الذي يستخدمه الناس للقضاء على حشرة أو في زاوية محدّدة وتكون عادة الكمية
المستخدمة قليلة. أمّا النوع الثاني فيكون من خلال الاستعانة بشركة خاصة تقوم برشّ المبيدات الحشرية في المنازل أو المستودعات وما إلى هنالك…
ويشدّد غنوي على الكمية المستخدمة التي تُشكّل الركيزة الأساسية في عملية الرشّ، فكلما كانت الكمية كبيرة ارتفع الخطر أكثر واستوجب اتّخاذ إجراءات وقائية تفادياً لأيّ مخاطر صحية خطيرة.
لذلك تعتبر الكمية المستخدمة أساساً في مسار الرشّ، وانطلاقاً من ذلك، يوضح غنوي أنّ أيّ مبيد حشري مستخدم لا يجب استنشاقه، حيث يتوجب تهوئة المكان جيداً. وتعود الفترة الزمنية التي يتوجب على الشخص إخلاء المنزل أو المكتب بعد الرشّ إلى الشركة التي تتولّى هذه العملية. وتتفاوت المدة الزمنية بناءً على المواد المستخدمة وخطورتها
والمساحة التي يتمّ رشّها.
وعن المخاطر الصحية التي تُسبّبها هذه المبيدات الحشرية عند التعرّض لها، فهي لا تختلف عمّا تُسبّبه للحشرات حيث تصيب الشخص بالشلل في العضلات فيصبح عاجزاً عن الحركة وتتوقّف عضلة التنفّس عن العمل ما يؤدّي إلى صعوبة في التنفّس والوفاة. وكما صرّح غنوي إنّ "معظم المبيدات الحشرية تعمل بهذا الشكل، وفي حال تنشّق كمية كبيرة
من هذه المبيدات الحشرية أو تنشّق كمية صغيرة على مدى طويل يمتصّها الجلد والجهاز التنفّسي ويجد نفسه عاجزاً عن التنفّس".
تؤثر عوامل كثيرة في تدهور الحالة بشكل دراماتيكيّ، مثل عدم تهوئة المنزل وإغلاق النوافذ وتشغيل المكيّف حيث تكون المبيدات ما زالت قابعة هناك ويتنشّقها الشخص فتؤدّي إلى إصابته بعوارض صحية خطيرة. هذه المبيدات التي لا تكون مرئية تكون موجودة على الشعر وعلى الجلد ويتنشّقها الشخص حيث يمنع المبيد انتقال الإشارات من العصب
إلى العضلات ما يتسبّب بشلل في الجسم لاسيّما في الجهاز التنفّسي. ونتيجة ذلك، يدخل الشخص في غيبوبة بعد تعطّل أعضائه خصوصاً الرئتين ومن ثمّ يفارق الحياة.
ما زاد من حدّة حالة نادين أنّها عادت إلى المكان "الموبوء" أي المرشوش وبالتالي عادت إلى استنشاق هذه المبيدات ما أدّى إلى تدهور صحّتها بشكل سريع.
هذه الحادثة تفتح الباب واسعاً أمام الاستخدام العشوائيّ للمبيدات الحشرية، التي يكون بعضها عالي الخطورة أو محظوراً دولياً والتي تُستخدم من دون حسيب أو رقيب. وككلّ مرّة نخسر فيها شخصاً نتيجة فوضى أو إهمال، نعود لنرفع الصوت حول الفوضى المستشرية في مختلف القطاعات، فأين هي الرقابة التي يتوجب على الوزارات المعنية تولّيها؟ من
يراقب السوق وكيفية استخدام هذه المبيدات الحشرية سواء للرشّ أو للزراعة؟