عزز الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب من حظوظه نظريا في الوصول الى البيت الابيض، باختياره نائبا له السيناتور جي دي فانس صاحب الشعبية الكبيرة في أوهايو واصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنا، (39سنة).
ويعتبر هذا الخيار الغير متوقع ضربة ذكية ودقيقة في استهدافها لشرائح لا يمكن احتسابها من انصار ترامب. فبعدما ضمن الاخير ولاء تيار واسع من اليمين العنصري والصهاينة التقليديين والصهاينة البروتستانت والشعبويين وانصار نظرية المؤامرة المعروفة باسم " الاستبدال" توجه فريق ترامب بهذا الاختيار الى الشارع الكاثوليكي الموالي تقليديا للديمقراطيين والمعادي حكما لمن يتكل في انتخابه على تأييد المتطرفين البروتسانت الصهاينة.
ومع أن الطائفة الكاثوليكية التي تمثل وزنا عدديا قريبا جدا من الطوائف المسماة أنجيلية متجددة المنتمي اغلب مؤتمراتها الكنسية للصهيونية العقائدية الداربية الا ان الناخب الكاثوليكي غير ملتزم، وهو منتم اسميا في الغالب لطائفته بعكس الصهاينة البروتسانت ذوي الايمان النشط والالتزام المتزمت بتعاليم الوعاظ في زمن الانتخابات حيث يعتبر الانتخاب واجب الهي يلتزم فيه اغلب اعضاء طائفة الانجيليين الجدد. فالسيناتور الشاب " فانس" شخصية محببة برز على الساحة السياسية بعد رحلة سريعة في البحرية ودورات عمل في العراق كملحق اعلامي ومتخصص بالعلاقات العامة تابع لاحد الوية مشاة البحرية في العراق. ومع انه تربى في منزل جديه المحافظين المنتمين الى الطائفية الانجيلية المعمدانية الجنوبية الا انه قام مؤخرا بالتحول من المذهب الانجيلي الى الطائفة الكاثوليكية. وهو مسار قليلا ما يحصل على مستوى النخب كون العكس هو غالبا الذي يحصل. فالانجيليين يكسبون سنويا الافا من اعضاء الطائفة الكاثوليكية الى مذهبهم وليس العكس. وهذا الخيار سيدفع الكثير من بسطاء الناخبين الكاثوليك الى اختيار ترامب- فانس. وهؤلاء سيشكلون قيمة مضافة الى ناخبي ترامب من غير المعدودين من بين انصاره.
علما ان فانس وصل الى مجلس الشيوخ بعد حملة شرسة في العام 2023 شنها ضد المرشيح الديمقراطي بدعم من ترامب شخصيا.
وقد اكتسب فانس شهرة كبيرة بعدما وصل كتاب سيرته الذاتية الى قائمة اكثر الكتب مبيعا بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
فهو مولود لآب يحمل اسم العائلة " بويم" وقد تخلى والده عنه لتدخل والدته الى حياته رجلين بعد ابيه، ففر من تلك الحياة مع شقيقته ليعيش مع جديه لوالدته. وقد بدل اسمه ليصبح ج دي فانس، على اسم عائلة جده وأمه متخليا عن اسم عائلة والده الذي تخلى عنه.
يحمل فانس شهادة في القانون من جامعة يال وهو متزوج من إمرأة كاثوليكية تعرف عليها في الجامعة وارتبط بها منذ ذلك الحين وقصته الشخصية تجذب الناخب الغير مؤدلج في أميركا لأنه رجل عرف المعاناة وبنى نفسه بجهوده وتعبه وملتزم بعائلته المؤلفة من ثلاثة اطفال وزوجته منذ عشرة اعوام.
هل سيخسر ترامب دعم الصهاينة البروتستانت؟؟
لولا ان فريق العمل التابع لدونالد ترامب واثق من عمق تحالفهم مع الصهاينة البروتسانت، لما اختاروا كاثوليكيا إرتد لتوه عن كنائس الصهاينة الموالين لاسرائيل. فتلك الكنائس ليست مخدوعة بشخصية ترامب وقادتهم يعرفونه حق المعرفة لكن مصالحهم ومصالح التيار الشعبوي والعنصري الابيض التقت حول شخصية ترامب رغم ان للرجل تاريخ بعيد جدا عن حياة الايمان والتقوى التي يعيشها التيار الديني المتزمت.
هل يستفيد ترامب من هذا الخيار بشكل حاسم؟
على الاقل يمكنه اضافة خمسة الى عشرة بالمئة من الناخبين المتوقعين من بين المنتمين للكاثوليكية اضافة لمن كانوا في الاصل قد قرروا اختياره لتلاقي كاثوليكتهم الدينية مع خيارهم المحافظ او العنصري الابيض او الشعبوي. فالكاثوليك على عكس الانجيليين المتطرفين لا يمكن ضبط خياراتهم السياسية من خلال قادة الكنيسة بالشكل الذي يشابه ما يفعله الانجيليون مع انصارهم.
ثلاثة محددات توصل أي مرشح الى الفوز بأصوات الناخبين في الولايات المتحدة. وهي دعم جزء من ممثلي الطبقة العظمى للمرشح ما يعني توفر التمويل والدعم الاعلامي من وسائل اعلام طاغية. والدعم الجماهيري من طائفة تملك حيثية وثقل انتخابي. وانتهاء بدعم التيارات الرمادية و الشبابية التي لا تنتخب في العادة فان شاركت رفعت من تختاره الى المنصب.
دونالد ترامب لا ينتمي فعليا لأي تيار ديني او عقائدي وهو شخصية تفهم في البزنس، وتمارس السياسة على قاعدة قوانين المصارعة الحرة التي يزيف ابطالها كل ما يتعلق بمبارياتهم. وقد نجح الرجل في جذب تيارات الشعبويين واليمين الأبيض العنصري والصهاينة الداربيين من أنصار اسرائيل العقائديين. لكنه يعرف أن الكاثوليك لا يؤيدونه وكذا الأميركيين الافارقة واللاتينين لديه مشكلة في استقطاب فئات وازنة منهم.
على أن الاحصاءات التي تعطيه افضلية على بايدن ستصبح اكثر وضوحا مع اختياره السيناتور الشاب لمنصب نائب الرئيس.