انطلقت الامتحانات الرسمية اليوم في لبنان للشهادة المتوسطة في وقت يقدّم طلاب الشهادات المهنية منذ الحادي والعشرين من الشهر الحالي امتحاناتهم، والمفارقة هذا العام أن الطلاب في الجنوب خضعوا لتقديم تلك الامتحانات على وقع الاعتداءات والقصف.
وخلال وجود الطلاب في مراكز تقديم الامتحانات الرسمية اليوم ، نفذ الطيران الحربي غارة وهمية فوق عدد كبير من قرى الجنوب حيث تم خرق جدار الصوت على ثلاثة دفعات ترافقت مع القاء بالونات حرارية مما ادى الى حالات من الهلع والذعر في صفوف الطلاب ، وهذا ما كان متوقعًا!
ونفت مصادر لوكالتنا ما تداولته بعض الوسائل الاعلامية عن خروج الطلاب من مركز الامتحانات الرسميّة المهنيّة في النبطية بسبب الغارات الوهميّة التي نفّذها طيران العدو، وأشارت أن جدار الصوت تزامن مع انصراف الكثير من الطلاب بعد الانتهاء من تقديم امتحاناتهم مشيرة أنّ هناك حالتين فقط لم يستطعن الاستمرار في حلّ المسابقات واضطررن للانصراف، بينما أصرّ أغلب الطلاب في المركز على استكمال الامتحانات في رسالة تحدٍ وصمود بوجه العدو وإصرار على النجاح واستمرار الحياة بشكل طبيعي رغم الظروف القاهرة.
ما كان يخشاه الطلاب والأهالي من الاجواء المرافقة لتقديم الامتحانات دفعهم لرفع الصوت سابقًا مع مدراء المدارس الجنوبية لوزير التربية عباس الحلبي الذي "لم يتجاوب مع مطالبهم" على حدّ قول السيدة غ.حميّد وهي النازحة منذ أكثر من خمسة أشهر عن بلدتها الخيام مع عائلتها وقد عانى ابنها الطالب في ثانوية الخيام الرسمية فرع العلوم العامة ح.حميّد من الأجواء التي رافقت تحصيلهم العلمي لهذا العام الدراسي فمعاناة النزوح والتعليم عن بعد وافتقاد المعايير والأجواء المناسبة للتحصيل الدراسي جميعها شكلّت عوامل حالت دون ثقتهم بضمان النجاح في الامتحانات الرسميّة!
وحول الأجواء التي رافقت طلاب الامتحانات للشهادة المهنية في مهنية النبطية الرسمية فقد كان لوكالتنا حديث مع الطالبة ن.زريق النازحة مع عائلتها من بلدة الخيام إلى بلدة الدوير في محافظة النبطية، وكان لها شكوى من سوء المعاملة "لأحد المعلمين المراقبين" في البلوك “c”من المركز وقد رفعت الشكوى مع زملائها الطلاب للإدارة المعنية في مركز التقديم في مهنية النبطية الرسمية مشيرة أنها وزملاؤها الطلاب "لا يستجدون عطفًا ولا شفقة من المراقبين بل أن يكون هناك حدّ أدنى من مراعاة الظروف الاستثنائية والقاهرة التي يمرّ بها الطلاب لاسيّما وأن معظمهم من النازحين".
أمّا مستوى الامتحانات من حيث صعوبة الأسئلة فقد كان الانطباع العام لدى الطلاب بأنّها كما كانت متوقعة.
أمّا الطالب في ثانوية الخيام الرسمية فرع العلوم العامة ح. حميّد فقد نزح منذ أكثر من خمسة أشهر مع أهله من بلدة الخيام إلى مدينة النبطية والذي من المفترض أن يكون نهار السبت القادم في التاسع والعشرين من الشهر الحالي موعدًا لبدء الامتحانات لفرع العلوم العامّة فقد حدثنا عن الصعوبات التي واجهته خلال العام الدراسي من تعذّر تأمين الانترنت للتعليم عن بعد وعن المعاناة في الانتقال من الاستقرار في منزله حيث كان ينعم بالوسائل التي تساعده في تحصيل علومه والاجتهاد لضمان النجاح والتفوّق والعتب على وزارة التربية التي "لم تراعِ ظروف طلاب الجنوب النفسية والاجتماعية القاهرة التي يتعرضون لها كل يوم بسبب الاعتداءات الإسرائيلية" ورغم ذلك فهو متفائل بالنجاح وفي كل مرة يكرّر قوله "عم نعمل لي علينا والباقي ع رب العالمين".
في خضمّ تلك المعاناة والظروف التي لا يحسد عليها طلاب الجنوب وذووهم، لا يسعنا إلّا أن نتمنى لهم التوفيق التفوّق وأن يرفعوا اسم وطنهم عاليًا كما عودونا، فلطلاب الجنوب في كلّ عام "حصّة الأسد" من المراكز الأولى للطلاب المتفوقين على مستوى لبنان والمحافظات.
ولعلّ الاستحقاق الذي يقدّمونه هذه السنة يكون بمثابة شهادة جدارة وبطولة يسطرها كلّ طالب منهم يقاوم بالقلم والعلم ليبقى لبنان عنوانًا للحريّة والاستقلال ورمزًا للعلم والأبجدية.