البلطجة أشهر الأسلحة السياسية على الساحة المصرية

فريدة جابر- القاهرة

2023.06.05 - 02:00
Facebook Share
طباعة

في مشهد أعاد للأذهان ما كان يفعله الحزب الوطني أثناء الانتخابات البرلمانية في مصر قبل أن يتم حله في عام 2011 عقب ثورة يناير المجيدة، اقتحم بلطجيةٌ حرمَ الجمعية العمومية الطارئة لنقابة المهندسين حاملين الأسلحة البيضاء والعصي في وجه من قالوا لا لسحب الثقة من نقيبهم.


فبعد يوم طويل حضره أكثر من 24 ألف مهندس يوم الثلاثاء 30 مايو/آيار، في جمعية عمومية لم تشهد النقابة مثلها منذ سنوات، للتصويت على بند وحيد، هو سحب الثقة من النقيب طارق النبراوي.


لكن اليوم لم ينته كما المتوقع بإعلان النتيجة بـ"نعم أو لا"، مثل أي عملية ديمقراطية، لكنه انتهى بتصارع بلطجية، رجح النقيب واعضاء بالنقابة استئجارهم من قبل قيادات في حزب "مستقبل وطن" الذي يحتل موقع حزب الأغلبية (المعبر عن السلطة)، والوريث المؤكد للحزب الوطني المنحل عقِب ثورة 25 يناير.


وأظهرت مقاطع فيديو مصورة تداولها أعضاء بنقابة المهندسين، اعتداء البلطجية المدفوعة على أعضاء الجمعية العمومية وكذلك تعمدهم تدمير الصناديق وبعثرة أوراق الاقتراع، ما أدى إلى انسحاب اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات قبل إعلان النتيجة رسمياً.


وأعاد هذا المشهد إلى أذهان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والسياسيين، ما كانت تفعله السلطات المصرية في انتخابات النقابات والانتخابات البرلمانية أيضا خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عندما كان يفشل قيادات الحزب الوطني في السيطرة على مجالس النقابات، الأمر الذي كان يصل أحيانا إلى وضع هذه النقابات تحت الحراسة. وهو ما حدث في نقابة المهندسين لمدة 17 عاما تقريبا، قبل أن يصدر حكم قضائي بإنهاء تلك الحراسة في أغسطس/آب عام 2011


الجدير بالذكر أن كاميرا المراقبة، قد التقطت صورا لعدد من البلطجية والنواب المحسوبين على حزب مستقبل وطن والذين قادوا الهجوم على عمومية المهندسين الطارئة، لكن المفارقة أن بعضهم كان قد قاد مثل هذه المواجهات مع الحزب الوطني المنحل وتحديدا في" موقعة الجمل" التي قاد فيها عدد من قيادات وأعضاء الحزب المنحل هجوما شرسا على المعتصمين في ميدان التحرير عام 2011 قبل أيام من تنحي مبارك مثل النائب إيهاب العمدة الذي حوكم على خلفية هذه القضية وتم تبرئته.


إلى جانب هذا اعتمد الحزب الوطني الحاكم عام 2010، على البلطجية في حسم نتيجة الانتخابات التشريعية، ما دفع المعارضة إلى الانسحاب من الانتخابات، وتشكيل برلمان موازٍ مثّل بحسب كثيرين خطوة من بين خطوات مهدت لاندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011.


كما استخدمت البلطجية من قبل الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية خلال عهد مبارك، لفض التظاهرات والاعتصامات بالقوة، والسيطرة على الشارع المصري، وبث الرعب في الأحياء والشوارع وإثارة الفوضى خلال ثورة يناير.


وخلال الأعوام القليلة الماضية، عاد استخدام البلطجة للساحة السياسية من جديد، ففي 2018 اقتحم مجهولون إفطارًا رمضانيًا لأعضاء الحركة المدنية التي تضم 12 حزبًا معارضًا.


وفي مايو/ آيار، وعقب اقتحام قوات الشرطة نقابة الصحفيين لأول مرة منذ تأسيس النقابة للقبض على صحفيين، حاصر "بلطجية"، نقابة الصحفيين بمنطقة وسط البلد، وافترشوا "سلالم النقابة"، مرددين السباب إلى الصحفيين المتواجدين أمام المبنى، رافعين أعلام مصر وصور الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما استخدم بعضهم مكبرات صوت لترديد الهتافات المعادية للصحفيين، بحضور قوات الشرطة.


وذلك تزامنا مع اجتماع الجمعية العمومية الذي عقدته النقابة، عقب الاقتحام، وطالبت فيه بإقالة وزير الداخلية.


ويعتبر صبري نخنوخ من أشهر البلطجية الذين تم استخدامهم من قبل الحزب الوطني المنحل وأطلق عليه " الأب الروحي للبلطجة في مصر"، وارتبط اسم نخنوخ بنظام مبارك، كأحد أدوات حماية النظام في الشارع، وفي 23 أغسطس 2012، اقتحمت قوات الأمن قصر نخنوخ في منطقة "كينغ مريوط" بالإسكندرية وألقت القبض عليه بتهمة حيازة أسلحة ومخدرات.


وفي مايو 2013 أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية، حكما بإدانة نخنوخ بالسجن المؤبد، بسبب تعديل في القانون يقضي بالحكم بأقصى العقوبة في جرائم حيازة السلاح، وأيدت محكمة النقض الحكم في 3 نوفمبر 2014، ولكن المحكمة الدستورية العليا أصدرت، بعد ذلك بأيام، حكما بعدم دستورية القانون الذي عوقب نخنوخ على أساسه بالسجن المؤبد.


وفي 6 فبراير 2016 قبلت المحكمة الدستورية دعوى نخنوخ، وألغت حكم محكمة النقض، وفي ابريل 2018، أحيلت القضية من جديد لدائرة بمحكمة جنايات الإسكندرية لإعادة النظر فيها من جديد، ولكن العفو الرئاسي صدر في الشهر التالي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7