السوريون والانتخابات التركية.. من مع أردوغان ومن ضده...؟

سفيان درويش

2023.06.04 - 09:05
Facebook Share
طباعة

 يراقب الوسط السياسي السوري الانتخابات التركية بالكثير من التناقضات عن سابقاتها من الانتخابات التي خاضها الرئيس التركي الحالي "رجب طيب أردوغان"، منذ العام 2011، حيث سجل غياب كامل لتوقع خسارة أردوغان او اتهامه بتزوير الانتخابات كما جرت العادة من قبل وسائل الإعلام السورية، ولعل السبب في ذلك نتيجة انتقال الأنباء التي بدأت قبل عامين من الآن عن اللقاءات الاستخبارية بين الطرفين والتي كانت تنفى في كل مرة من قبل الجانب السوري أكثر من الأتراك، إلى لقاءات معلنة بين مسؤولي البلدين وصولاً لمستوى وزراء الدفاع والخارجية بحضور من الجانبين الروسي والإيراني، وتقول مصادر خاصة لـ "وكالة أنباء آسيا"، إن تطبيع العلاقات بين البلدين لن يصل لمستوى الذروة بإعادة افتتاح سفارتي البلدين إلا بعد انسحاب آخر الجنود الأتراك من الأراضي السورية، لكن ذلك لن يعني إن المكاتب القنصلية ستتأخر في إعادة افتتاح أبوابها أمام مواطني البلدين.
تشرح المصادر الموقف السوري من الانتخابات بأن دمشق ترغب ببقاء رجب طيب أردوغان في منصبه لكونه يمتلك علاقات إقليمية مؤثرة في الملف السوري وقادر على تبديل الموقف القطري من هذا الملف إذا ما وصل إلى نقاط تلاقي مع دمشق حول خواتيم الأزمة وهذا يعني للحكومة السورية كسب الجانب التركي وحلفائه، في حين أن منافسه "كلجدار أوغلو"، ورغم إن موقفه مما يحدث في سورية يميل لصالح دمشق إلا أنه لا يمتلك النفوذ الكافي على الحكومة القطرية على سبيل المثال، وبالتالي ستكون مكاسب سورية محصورة فقط بما تتوافق عليه مع أنقرة، وبما يخص الأخيرة دوناً عن الحلفاء الحاليين للحكومة التركية، ولا تعتقد المصادر أن "كلجدار"، قادر على التأثير بالموقف الأمريكي من دعم قسد أو سواها، كما إنه يتحالف مع القوى السياسية الكردية في تركيا، والتي من شأنها أن تؤثر على الموقف التركي المعلن ضد "قوات سورية الديمقراطية"، وعليه لن يكون لدى تركيا مخاوف أمنية من استمرار دعم الأمريكيين لـ قسد، وهذا لا يخدم دمشق بأي حال.
بقاء أردوغان في منصبه يعني بالنسبة للمصادر أن القوى الأكثر نفوذاً والتي تمتلك القدرة الكاملة على تسيير الائتلاف المعارض بما يتوافق ومصالحها السياسية، ستكون غير موجودة، ويُعتقد أن "كلجدار أوغلو"، سيكتفي بطرد الائتلاف من الأراضي التركية، ونقل اللاجئين السوريين إلى الشمال بما يشكل مأزق للمنظمات الإغاثية العاملة في المنطقة من جهة، ويربك حسابات المفاوضات بين دمشق والائتلاف من جهة أخرى، خاصة وإن الاخير إذا ما تخلص من ثقل تبعيته لـ أنقرة وانتقل إلى الأراضي القطرية أو سواها من الاحتمالات، فإن ذلك يعني بالضرورة إن أي تبدل في الموقف التركي تجاه سورية لن يكون له مفاعيله التي تصرف على طاولة المفاوضات من حجم التأثير الذي يمتلكه أردوغان على إجبار الإئتلاف على حوار جاد وفعال ينهي الأزمة في مستواها السياسي، وينهي الأزمة في مستواها العسكري فيما يخص شمال غرب سورية، إذ يمتلك الأتراك القدرة الكاملة على تحريك ميليشيا "الجيش الوطني"، الذي شكل بقرار من مخابرات أنقرة، وتمتلك هذه المخابرات أيضاً القدرة على التأثير على جبهة النصرة ومن يواليها من تنظيمات متطرفة تنتشر في المنطقة الأكثر حيوية في حسابات الطرقات التجارية الرئيسة مثل M4 و M5.
لكن هذه الانتخابات تقرأ أيضا بالكثير من الترقب والمتابعة من قبل المعارضة والتي وإن كانت تجد أن الرئيس التركي أردوغان يأخذها نحو إلزامية الحوار مع دمشق، إلا أنه يضمن بقاءها في موقف قوي على طاولة المفاوضات قدر الإمكان بما تخدمه هذه القوى على المستوى المصحلي، ولا ترغب مؤسسات الإئتلاف وقادته بالانتقال إلى الداخل السوري قسراً والخضوع لضغوط قادة الفصائل المسلحة الذين سيبحثون كما العادة عن مصالحهم الشخصية، كما إن البعد الجغرافي عن هذه المناطق بعد طرد الائتلاف من تركيا في حال خسر أردوغان السباق الانتخابي، يعني انخفاض قدرة الائتلاف على الحديث باسم الفصائل المسلحة التي تسيطر على الشمال السوري من جهة، كما سيفقد الائتلاف القدرة على الحديث عن سيطرته على مساحات من الجغرافية السورية.
في المقلب الثالث، تترقب القيادات الكردية الانتخابات التركية بالكثير من أمنيات خسارة أردوغان لصالح صعود القوى السياسية المتحالفة معها بما يمهد لإخراج "قسد"، من التوصيف كمنظمة إرهابية ويفسح المجال أمام الولايات المتحدة الأمريكية لتحصيل تنازلات تركية فيما يخص دعم قسد على المستويين السياسي والعسكري، ويوقف خطر تمدد القوات التركية في المناطق القريبة من الحدود، وهذا ما سينهي بالنسبة للقوى الكردية خشيتها من الطموحات التي يمتلكها اردوغان بتصفية الصراع القومي الذي يجمع الكرد مع الأحزاب السياسية التركية من قبيل العدالة والتنمية، والحزب القومي.
الانتخابات التركية هي الانتخابات الأكثر أهمية بالنسبة للسوريين من الدولية الإقليمية المحيطة بسورية، وذلك لأأن الأثر التركي في الملف السوري كان الأكثر خطورة وقوة طيلة السنوات الماضية، ويُعتقد بالنسبة للمصادر أن دمشق اليوم ترغب ببقاء أردواغن على أساس مصالحها التي لن تتحقق على يد "كلجدار أوغلو"، على الرغم من معارضته التدخل التركي في الأزمة السورية منذ البداية، وعلى الرغم من إنه لم يمتلك أي موقف عدائي تجاه دمشق في مرحلة مضت.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7