محاولات غربية لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان

أحمد الابراهيم - بيروت - وكالة أنباء آسيا

2022.05.24 - 08:11
Facebook Share
طباعة

 دق وزير الشؤون الاجتماعية فيكتور حجار ناقوس الخطر في مجلس الوزراء إزاء ما لمسه في بروكسل من تواطؤ دولي فاضح برعاية أميركية، لدمج اللاجئين السوريين في أماكن اللجوء، ومنها لبنان.
وطلب من لبنان كما الدول الاخرى المضيفة، منح اللاجئين الإقامة، كمقدمة لدمجهم في المجتمع، ومنحهم تصاريح عمل وصولًا إلى منحهم معاشات تقاعدية وتعويضات الشيخوخة.
وكان لافتًا عدم اكتراث الوفود الدولية المشاركة بإمكانيات الدول وقدراتها المادية والاقتصادية، وخصائصها الديموغرافية، كما هو الحال في لبنان، بل الاسوأ من ذلك ثمة تجاهل فاضح لكل التقارير الرسمية اللبنانية، في المقابل يتم الالتفاف على موقف الدولة اللبنانية عبر بعض الجمعيات الشريكة لهم واعتبارها شفافة على عكس الدولة اللبنانية التي يتم التشكيك في تقاريرها والتي اعتبرت غير شفافة.
وفي مؤشر على وجود قرار دولي حاسم بتلزيم الدولة اللبنانية ملف اللاجئين السوريين، كان الوفد الاميركي أكثر وضوحًا ووقاحة خلال لقائه مع وزير الشؤون الاجتماعية على هامش مؤتمر بروكسل، بالشكل كان اللقاء وديًا، لكن في المضمون لم يكن هناك أي تطابق في الأفكار وطالبوا الانخراط والاندماج والتوطين دون الاكتراث لأي من الهواجس التي أسهب الوزير في شرحها.
ووفقا للمعلومات، يتعرض وزير الشؤون لضغوط دولية لتوقيع الخطة الوطنية للحماية الاجتماعية التي اعدت من قبل مجموعات من المجتمع المدني واليونيسف ومنظمات دولية أخرى، مع العلم انه يصرّ على تعديلها لأنها تحمل في طياتها توطينًا مقنعًا للاجئين، حيث لم تتم الإشارة الى اللاجئين او النازحين في لبنان، فهم يتحدثون عن قاطنين في لبنان دون أن يتحدثوا عن الشعب اللبناني، ويقترحون إقرار تعويضات عن البطالة لكل القاطنين وكذلك صرف تعويضات عن الاعاقة، والشيخوخة وغيرها من الحقوق التي تحمل في ظاهرها طابعًا انسانيًا، كفرض قبول المثليين وزواجهم، إلا أن الأخطر يبقى تمرير عملية الدمج غير معلن للنازحين واللاجئين باعتبار لبنان وطنهم النهائي".
وعلى الرغم من تململ الدول المانحة من طول الأزمة السورية لأكثر من عقد، تواصل دول الاتحاد الأوروبي، مع الولايات المتحدة مواصلة الدعم عبر منح الأموال للدول المضيفة، وكان آخرها تعهد مؤتمر بروكسل الأخير في 9 و10 من مايو (أيار) الجاري بمنح 6.4 مليار يورو منها 1.56 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي.
ويرى مراقبون أن فكرة توطين النازحين في الدول المضيفة هي الأقرب والمشجعة أكثر، فطريق العودة ما زالت فكرة بعيدة المنال.
وفي السنوات الأولى من عمر أزمة اللجوء، كان السوريون القادمون إلى لبنان يُسجلون لدى المفوضية العليا لشئون اللاجئين ويحصلون بموجب هذا التسجيل على مساعدات مالية لشراء حصص غذائية إلى جانب المساعدات الطبية والتعليمية. ولكن مع استمرار الأزمة السورية تزايدت موجات اللجوء وازدادت معها أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، حتى تجاوزت المليون في منتصف عام 2014.
وهنا تضاعف الضغط على المرافق اللبنانية لتزايد كثافة تواجد السوريين بالنسبة لعدد السكان اللبنانيين وصغر حجم الرقعة الجغرافية اللبنانية، فأرغمت السلطات اللبنانية مفوضية اللاجئين على وقف تسجيل سوريين جدد كلاجئين باستثناء المواليد. ووضعت كذلك شروطاً تقييدية منذ أكتوبر 2014 لمنع دخول السوريين أراضيها باستثناء من يملكون في لبنان عقارات أو أرصدة بنكية أو مسجلون بمنحة تعليمية أو موعد بسفارة أجنبية مقرها بيروت أو تذكرة طيران تقلع من مطار بيروت.
وقد أدى وقف تسجيل اللاجئين الجدد إلى حالة من الضبابية فيما يخص عددهم الحقيقي، حيث تقول الحكومة اللبنانية أن عددهم يفوق 1.5 مليون لاجئ، فيما تعتبر مفوضية اللاجئين أن ذروة تسجيل اللاجئين كانت في منتصف 2015 وبلغت 1.2 مليون لاجئ، ثم بدأ هذا العدد في التناقص المستمر حتى وصل بنهاية عام 2018، بحسب موقع المفوضية بلبنان، إلى نحو 970 ألفاً.
وفي مطلع الشهر الجاري أعلن وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية هيكتور حجّار أن بلده أبلغ الأمم المتحدة بعدم قدرته على تحمل ملف اللاجئين السوريين من أجل مصلحة دول أخرى لم يسمّها.
وجاء كلام حجّار خلال اجتماعه بممثّل مكتب المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين بلبنان أياكي إيتو لتسليمه الموقف الرسميّ للحكومة اللبنانية تجاه هذا الملف، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وأضاف حجار أن “الدولة اللبنانية لم تعد قادرة على تحمّل كلفة ضبط الأمن في مخيّمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها، ولا أن تحمل وزر هذا الملفّ من أجل مصلحة دول أخرى”.
وتابع حجّار “لطالما تلقّت الدولة اللبنانية مساعدات أممية أقل من الحاجات التي يصُرّح عنها سنوياً، على الرغم من أن 35 في المئة من مجمل السكّان هم من النازحين واللاجئين”. ولفت إلى أنه “بحسب التقارير، فإن 82 في المئة من اللبنانيين يعانون من فقرٍ متعدّد الأبعاد”.
وأشار إلى أن لبنان تكبّد خسائر كبيرة على مدى سنوات جراء استفادة النازحين من دعم الحكومة لسلع أساسية كالدواء والخبز والمحروقات بالإضافة إلى اكتظاظ السجون والانفلات الأمني ومنافسة اليد العاملة اللبنانية ومسؤوليّة ضبط الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرعيّة.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة بدأت في عام 2019 عندما انهار النظام المالي تحت وطأة الديون السيادية والطرق غير المستدامة التي كانت تمول بها بينما لم يخرج السياسيون بعد بخطة إنقاذ.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8